«واشنطن بوست»: الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تقود نساء أمريكا للسكن المشترك

«واشنطن بوست»: الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تقود نساء أمريكا للسكن المشترك
نساء يتشاركن السكن في الولايات المتحدة- أرشيف

دفعت الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وارتفاع تكاليف المعيشة، إلى جانب مشاعر الوحدة التي تعاني منها العديد من النساء فوق الخمسين، كثيرات منهن إلى التفكير في حلول مبتكرة وغير تقليدية لمواجهة هذه التحديات، أحد هذه الحلول التي تشهد رواجًا متزايدًا في الولايات المتحدة هي مشاركة المنازل، حيث تتقاسم نساء في منتصف العمر وأكبر، المسكن مع أخريات في تجربة تستند إلى التعاون والدعم المتبادل.

وسلّطت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير نشرته، اليوم السبت، الضوء على تجارب نساء مثل سو رونينكامب، التي اختارت مشاركة السكن كوسيلة للتغلب على تحديات الشيخوخة الاقتصادية والاجتماعية، ومنهن رونينكامب، التي تبلغ من العمر 67 عامًا، سبق أن عملت مستشارة لكبار السن، وأدركت أهمية التخطيط لمستقبلها في ظل هذه الظروف.

وبعد انتقالها إلى مدينة دنفر، التي طالما حلمت بالعيش فيها، بدأت تبحث عن شريكة للسكن تحقق لها التوازن بين تقليل التكاليف والاستمتاع بالصحبة.

وفقًا لبيانات مركز هارفارد للدراسات السكنية لعام 2023، يعاني نحو 11 مليون أسرة من كبار السن في الولايات المتحدة من ضغط مالي شديد، حيث ينفقون ما لا يقل عن 30% من دخلهم على السكن والمرافق، هذه النسبة ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2011، حيث بلغ العدد حينها 8.8 مليون أسرة، والنساء، تحديدًا، يعانين من هذه الأزمات بشكل أكبر نتيجة امتلاكهن مدخرات أقل من الرجال عند التقاعد.

تقاسم التكاليف

وأشار تقرير "واشنطن بوست" إلى أن المشاركة في السكن لا تقتصر على توفير المال، بل تتجاوز ذلك لتلبية احتياجات إنسانية واجتماعية، أوضحت رونينكامب أنها اختارت هذا النمط من الحياة لتوفير بيئة داعمة، تمامًا كما يفعل الأزواج، بعد البحث من خلال خدمات متخصصة في توفير شركاء سكن لكبار السن، وجدت شريكة متقاعدة تناسبها.

وعلى الرغم من بعض الصعوبات التي واجهتهما، مثل عادات المطبخ في منتصف الليل، نجحتا في بناء علاقة ودية قائمة على التفاهم والتعاون.

وأظهرت هذه التجربة أهمية الروابط الاجتماعية، تحدثت رونينكامب عن الأثر الإيجابي لسماع كلمات بسيطة مثل "صباح الخير" أو "أتمنى لك يومًا سعيدًا"، خاصة للذين يعيشون بمفردهم.

مجتمعات جديدة

تناول التقرير أيضًا تجارب أخرى لنساء قمن بإنشاء مجتمعات سكنية جديدة، مثل بريندا براكستون، الممثلة البالغة من العمر 68 عامًا، عادت إلى شقتها في هارلم بعد تجربة زواج فاشلة لتجد نفسها محاطة بأصدقاء قدامى وجدد.

وخلال السنوات الماضية، حولت براكستون البناية إلى ما يشبه مجتمعًا صغيرًا يتميز بالدعم المتبادل، عندما كانت تسافر، كان الجيران يعتنون بقطتها، وعندما فقدت والدتها ليوم كامل، تحرك الجميع للمساعدة في العثور عليها.

دعم الاتجاه الجديد

أشارت الصحيفة إلى أن الطلب المتزايد على مشاركة السكن دفع شركات ومنظمات غير ربحية لتقديم خدمات تربط بين أصحاب المنازل والمستأجرين، على سبيل المثال، تساعد منظمة "صن شاين هوم شير كولورادو" أصحاب المنازل في العثور على مستأجرين مقابل تقديم خدمات مثل الطهي أو تنظيف المنزل، مع اعتماد آليات دقيقة للتحقق من الخلفيات وإجراء مقابلات شخصية لضمان التوافق.

وتحدثت فلورنس فيليبس، التي تعيش في دنفر، عن تجربتها مع مشاركة السكن، بعد تعرضها لعدة أزمات صحية، أدركت أهمية وجود شخص آخر معها في المنزل.

وبمساعدة المنظمة، وجدت شريكة سكن أصغر منها بسنوات عديدة، وسرعان ما تطورت علاقتهما لتصبح أشبه بعلاقة أسرية، حيث تتشاركان الأحاديث الشخصية والهوايات.

رؤية إنسانية جديدة

اختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن هذه المبادرات لم تعد مجرد حلول اقتصادية بل أصبحت نموذجًا جديدًا للحياة، النساء اللواتي يعشن هذه التجارب يعبرن عن تقديرهن لهذه المجتمعات الصغيرة التي تقدم لهن الدعم العاطفي والعملي في مرحلة من الحياة تتسم بالتحولات الكبيرة.

وفي ظل التحديات التي يواجهها العالم اليوم، تشكل هذه المبادرات نافذة أمل لتغيير مفهوم الشيخوخة وتعزيز قيم التعاون والتضامن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية