اليوم الدولي للتفكر في إبادة التوتسي برواندا.. من أجل مقاومة متجددة للكراهية
يحتفل به في 7 أبريل من كل عام
في السابع من أبريل من كل عام، تحيي الأمم المتحدة والعالم ذكرى واحدة من أحلك صفحات التاريخ الإنساني الحديث.. وهي الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، والتي راح ضحيتها أكثر من مليون شخص، في حملة إبادة ممنهجة اتسمت بوحشية غير مسبوقة.
وأُعلن هذا اليوم لأول مرة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة (A/RES/58/234) في ديسمبر 2003، ودُعي فيه المجتمع الدولي إلى تخصيص 7 أبريل -وهو اليوم الذي بدأت فيه عمليات القتل عام 1994- كيوم دولي للتفكر في هذه الجريمة الجماعية، وتكريمًا للضحايا والناجين، وتأكيدًا على الالتزام الجماعي بمنع تكرار جرائم الإبادة الجماعية في المستقبل.
وفي عام 2018، عُدّل الاسم الرسمي ليتطابق مع الطبيعة المستهدفة للإبادة، ليصبح: "اليوم الدولي للتفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت في عام 1994 ضد التوتسي في رواندا"، بموجب القرار الأممي (A/72/L.31)، وأكد القرار أن الضحايا شملوا كذلك أفرادًا من الهوتو ومجموعات أخرى عارضت الإبادة.
خلفية تاريخية
في أقل من 100 يوم خلال ربيع 1994، قُتل ما يربو على مليون طفل وامرأة ورجل، معظمهم من أقلية التوتسي، بالإضافة إلى الهوتو المعارضين وغيرهم، جرت عمليات القتل تحت أنظار العالم، وبتواطؤ من الخطابات الإعلامية المحرضة والمروجة للكراهية والتمييز العرقي، حيث لعبت الإذاعات دورًا رئيسيًا في تجييش الرأي العام والدعوة للعنف.
وفي عام 2025، تركز الفعاليات الرسمية حول العالم على العلاقة الوثيقة بين الذاكرة والعدالة والوقاية، ويركز موضوع العام على مواجهة تصاعد خطاب الكراهية في العالم الرقمي، والتأكيد على أن الإفلات من العقاب يغذي الإبادة القادمة، كما يدعو إلى حماية الحقيقة التاريخية من حملات التشكيك أو التقليل من حجم الجرائم.
رسالة الأمين العام
في رسالته بهذه المناسبة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العالم يشهد اليوم بيئة مشابهة لتلك التي مهدت لإبادة رواندا: تصاعد خطاب "نحن ضد هم"، استخدام التكنولوجيا في تأجيج الانقسام، وتراجع الالتزام بحقوق الإنسان.
وشدد غوتيريش على ضرورة تفعيل الميثاق الرقمي العالمي، والتصدي للمحتوى الذي يروج للعنف والكراهية على الإنترنت، كما دعا الدول إلى الانضمام لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، مؤكدًا أن الوقاية تبدأ بالذاكرة.
أهداف إحياء الذكرى السنوية الـ31:
- إحياء ذكرى الضحايا وتكريم الناجين، وضمان تمثيل أصواتهم في عمليات بناء السلام.
- رفع الوعي العالمي حول أخطار خطاب الكراهية والتمييز العرقي، ولا سيما في المنصات الرقمية.
- تعزيز التعليم التاريخي والنقدي حول الإبادة الجماعية، مع التركيز على الجيل الجديد.
- المطالبة بالعدالة الشاملة، بما يشمل المحاسبة على الجرائم ضد الإنسانية، ودعم برامج إعادة الاندماج المجتمعي.
- التأكيد على أن منع الإبادة هو مسؤولية جماعية، تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات التعليمية والإعلام والمجتمع المدني.
برنامج التوعية الأممي
تعمل الأمم المتحدة عبر "برنامج التوعية المعني بالإبادة الجماعية ضد التوتسي لعام 1994 في رواندا والأمم المتحدة" على تنظيم فعاليات تعليمية وثقافية في مقراتها وعلى مستوى الدول الأعضاء.
ويشمل البرنامج معارض فوتوغرافية، لقاءات مع ناجين، ندوات حول الوقاية، وإطلاق مبادرات على وسائل التواصل تحت وسم #تذكر_رواندا وضد_خطاب_الكراهية.
ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال دروس رواندا حية وملحة في ظل تصاعد سياسات الهوية، ونزعات التطرف، والانقسام المجتمعي، ويدعو اليوم الدولي 2025 إلى إعادة التمسك بالقيم الإنسانية المشتركة: العدالة، الحقيقة، التعددية، واحترام الكرامة.
ويعد التفكر في رواندا ليس مجرد وقوف عند مأساة الماضي، بل هو فعل مقاومة للكراهية، واستثمار في مستقبل إنساني يتشارك فيه الجميع في الحرية والكرامة والسلام.