"واشنطن بوست": إغلاق "دوبونت سيركل" يعمّق الفجوة بين الحكومة ومجتمع الميم

"واشنطن بوست": إغلاق "دوبونت سيركل" يعمّق الفجوة بين الحكومة ومجتمع الميم
حديقة دوبونت سيركل

أعلنت إدارة المتنزهات الوطنية الأمريكية عن قرارها بإغلاق حديقة دوبونت سيركل الواقعة في قلب العاصمة واشنطن خلال عطلة نهاية الأسبوع القادمة، بالتزامن مع احتفالات "وورلد برايد"، أحد أبرز فعاليات مسيرة الفخر العالمية.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، الاثنين، أرجعت إدارة المتنزهات الوطنية الأمريكية قرارها إلى ما وصفته بـ"سجل ونمط من السلوكيات التخريبية والفوضوية الناتجة عن أنشطة غير مرخصة"، شهدتها الحديقة خلال عطلات نهاية الأسبوع السابقة لمهرجانات الفخر في المدينة.

وأوضح المتحدث باسم الإدارة، مايك ليترست، أن قرار الإغلاق جاء بناءً على طلب مباشر من شرطة العاصمة، مشيرًا إلى أن الغاية منه "الحفاظ على سلامة المجتمع والزوار وحماية أحد أهم الأماكن العامة في العاصمة".

وأحال كل من مكتب عمدة واشنطن العاصمة، موريل إي. باوزر، وشرطة العاصمة، الاستفسارات الواردة بشأن القرار إلى إدارة المتنزهات، دون تقديم تعليق إضافي.

انتقادات محلية للقرار

انتقد المفوض الاستشاري لحي دوبونت، جيف روكاوير، القرار خلال اجتماع عام عُقد مساء الاثنين، وصرّح قائلاً: "الدائرة ملك للجميع.. إنها ساحة المدينة". 

وشدّد على الارتباط التاريخي الوثيق بين الموقع ومجتمع الميم، والحركات الحقوقية المختلفة التي اتخذت منه نقطة انطلاق على مرّ العقود.

ورأى روكاوير في قرار الإغلاق "إهانة كبيرة ليس فقط لمجتمع المثليين، بل لجميع سكان المنطقة"، متعهدًا بالسعي إلى تأمين موقع بديل لتجمع المشاركين في المسيرة وحفلات الرقص خلال عطلة نهاية الأسبوع.

تشهد منطقة دوبونت سيركل ومحيطها عشرات الفعاليات المتنوعة المتعلقة باحتفالات الفخر، منها الرسمي وغير الرسمي، ومن المقرر أن ينطلق موكب الفخر الرسمي يوم السبت من موقع يبعد بضعة مبانٍ عن الحديقة، ويُقام الحفل الرئيس للحي يومي السبت والأحد.

وفي السنوات السابقة، احتضنت الدائرة حفل رقص غير رسمي بعد انتهاء الموكب، بينما تعود أصول مسيرة "السحاقيات" السنوية إلى عام 1993، حين بدأت بمسيرة من الدائرة باتجاه البيت الأبيض.

تخريب يُستخدم مبررًا للإغلاق

أشار بيان رسمي لإدارة المتنزهات إلى أن أحد الأسباب الجوهرية للإغلاق يعود إلى "أعمال تخريب" سابقة شهدها الموقع، ولا سيما في عام 2023، حيث قدّرت الأضرار التي لحقت بنافورة دوبونت سيركل التاريخية بمبلغ 175 ألف دولار أمريكي.

وأكدت الإدارة أن التخريب آنذاك أجبرها على إغلاق النافورة لأعمال إصلاح، ما أدى إلى تأخير في إنجاز مشروع التجديد الذي كان مقررًا.

وعبّر المفوض روكاوير وعدد من المفوضين المحليين عن استيائهم من عدم تلقّي أي إشعار رسمي من مكتب العمدة أو شرطة العاصمة أو إدارة المتنزهات بشأن مخاوف تتعلق بالحديقة أو بالنافورة المتضررة في الماضي، ما اعتبروه مؤشرًا على غياب الشفافية مع المجتمع المحلي.

تغييب المجتمع

قالت عضو مجتمع الميم ومنسقة الحفلات المعروفة باسم "دي جي فوناتيك"، كايري رايت، إنها كانت تخطط لتقديم عرض فني في ساحة النافورة مساء السبت، كما فعلت في الأعوام الأربعة الماضية.

وأوضحت أن شرطة المتنزهات حضرت إلى المكان العام الماضي حوالي الساعة التاسعة مساءً، وأبلغت الحاضرين بأنهم ليسوا عرضة لأي مخالفات، لكنهم مطالبون بإيقاف الموسيقى المكبرة بعد حلول الظلام، وامتثل الحاضرون حينها وتفرقوا دون تسجيل أي اعتراضات أو بلاغات رسمية.

وأعربت رايت عن استيائها من القرار المفاجئ هذا العام، وقالت: "هذا مجتمع سلمي نسعى لدعمه، فقدان هذه المساحة، خصوصًا في هذه المناسبة، لا يؤثر فقط على الحضور، بل على الرؤية العامة لمجتمعنا".

دلالات سياسية وراء الإغلاق

أكد المتحدث باسم إدارة المتنزهات، مايك ليترست، أن القرار يتوافق مع التوجيهات التنفيذية التي أصدرها الرئيس دونالد ترامب، والتي تركز على حماية المعالم العامة والرموز الفيدرالية.

وكان البيت الأبيض قد درس في وقت سابق إصدار أمر يهدف إلى إزالة كل مظاهر الكتابة على الجدران وفنون الشوارع في منطقة دوبونت، لكنه تراجع عن القرار بعد مشاورات مع مكتب العمدة باوزر، الذي اعتمد نهجًا تصالحيًا مع إدارة ترامب خلال ولايته الثانية.

وتوقعت منظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون الفخر أن يستقطب مهرجان "وورلد برايد" ملايين الزوار من داخل الولايات المتحدة وخارجها، باعتباره أكبر احتفال دولي مخصص لحقوق مجتمع الميم.

لكن الحفل شهد عراقيل متكررة، بدءًا بإلغاء المغنية الكولومبية شاكيرا مشاركتها في الحفل الافتتاحي بملعب "ناشونالز بارك" قبل ساعات قليلة من موعده، ما أدى إلى إعادة جدولة الحدث في اللحظات الأخيرة يوم الجمعة.

وسجل الحدث هذا العام انسحابات لعدد من الرعاة التجاريين، ومقاطعات من بعض الدول، بالإضافة إلى تحذيرات أمنية صادرة عن بعض الحكومات الأجنبية لمواطنيها من مجتمع الميم الراغبين في السفر إلى الولايات المتحدة.

وأفاد عدد من المواطنين الأمريكيين من تلك الفئة بأن المسيرة لم تعد تحمل الطابع الاحتفالي الذي ميزها في الأعوام السابقة، مشيرين إلى شعور متزايد بالتوتر والخوف من تبعات سياسية أو أمنية قد تؤثر على سلامتهم أو حرية تعبيرهم خلال المناسبة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية