دون محاكمة أو حق دفاع.. إيران تصادر أملاك 22 بهائياً في أصفهان
دون محاكمة أو حق دفاع.. إيران تصادر أملاك 22 بهائياً في أصفهان
في صمت ثقيل وغيابٍ تام للإجراءات القضائية النزيهة، جُردت 22 عائلة بهائية في مدينة أصفهان من ممتلكاتها، بأمر من القضاء الإيراني، دون محاكمة علنية، ودون تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، ودون حتى تسجيل القضايا في النظام القضائي الرسمي، في حلقة جديدة في مسلسل القمع الذي يلاحق الأقلية البهائية في إيران، حيث يُعامل المواطن على أساس معتقده لا على أساس حقوقه.
كشفت مصادر حقوقية موثوقة عن أحكام بمصادرة أملاك 22 مواطنًا بهائيًا في مدينة أصفهان الإيرانية، في إجراءات وُصفت بأنها تنتهك أبسط معايير العدالة، حيث صدرت الأوامر دون تسجيل في النظام الإلكتروني القضائي المعروف بـ"ثنا"، ودون إخطار رسمي للمحامين أو المتهمين، بحسب ما أفاد به موقع "هرانا" الحقوقي.
وكشف الموقع الإيراني عن أن تجميد الممتلكات بدأ فعليًا، مع حظر تام على البيع أو الشراء، رغم عدم صدور أحكام نهائية.
وأكدت مصادر مطّلعة أن ما يجري يتم تحت غطاء من التكتّم الشديد، وسط مخاوف من أن تتحول هذه القرارات إلى مصادرة كاملة ونهائية خلال الأيام المقبلة.
حرمان منهجي واغتيال اقتصادي
بحسب روايات شهود ومصادر قانونية، يدار الملف بطريقة مزدوجة ومركّبة، إذ يُفتح لكل شخص بهائي ملفان قضائيان متوازيان، الأول في المحكمة الجنائية، ويتضمن اتهامات غامضة تُفضي غالبًا إلى أحكام بالسجن، والثاني يستند إلى المادة 49 من الدستور الإيراني التي تسمح بمصادرة "الثروات غير المشروعة"، ويتم عبره تجميد الأملاك، دون إثبات أي تجاوز قانوني فعلي أو تقديم وثائق للمراجعة.
ويرى حقوقيون أن الخطورة لا تكمن فقط في الأحكام ذاتها، بل في غياب الشفافية وحق الدفاع، حيث يُمنع المحامون من الوصول إلى الملفات، وتُحذف بعض القضايا من نظام "ثنا"، ما يجعل المتهمين وممثليهم القانونيين في ظلمة تامة.
ودفع الخوف من تبعات الكشف عن الأسماء علنًا غالبية المتضررين إلى التزام الصمت.. كثيرون منهم، كما أفادت مصادر هرانا، فضلوا عدم التصريح أو رفع شكاوى علنية خوفًا من مزيد من الاستهداف.
أحد المصادر قال للموقع الحقوقي: "إنها ليست مجرد مصادرة ممتلكات، بل تجريد تام من الوجود القانوني، ومنع قاطع لأي تحرك اقتصادي أو قانوني، الناس أصبحوا محكومين بالإفلاس القسري دون حتى تهمة واضحة أو فرصة للدفاع".
المادة 49.. هل هي أداة اضطهاد؟
تنص المادة 49 من الدستور الإيراني على مصادرة الثروات "المكتسبة بطرق غير شرعية"، لكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى سلاح في يد النظام ضد الأقليات الدينية والسياسية، خصوصًا البهائيين الذين لا يعترف بهم الدستور ولا يمنحهم أي حماية قانونية.
وسبق أن وثّقت منظمات حقوقية حالات مشابهة في محافظات مازندران وخراسان رضوي، حيث صُودرت أملاك عائلات بهائية بأوامر مباشرة من القضاء، دون إثبات مخالفات قانونية أو عقد جلسات استماع.
وبحسب الجامعة البهائية العالمية، فإن العديد من هذه المصادرات تجري تحت إشراف ما يُعرف بـ"هيئة تنفيذ أوامر الإمام"، وهي مؤسسة اقتصادية ضخمة تُدار من مكتب المرشد الإيراني مباشرة، وتُتهم بتمويل أنشطة الدولة عبر الاستيلاء على ممتلكات من تصفهم بـ"غير المرغوب فيهم".
تصعيد أمني وقضائي
الاستهداف ليس معزولًا، بل يأتي ضمن سياق أوسع من التصعيد الأمني والقضائي الذي أطلقته إيران منذ اندلاع الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حيث تم توسيع عمليات القمع ضد الأقليات، بمن في ذلك البهائيون والمسيحيون واليهود، وحتى بعض الأجانب.
في هذا السياق، بات البهائيون في مرمى نيران مزدوجة: الاضطهاد الديني من جهة، والضغط الاقتصادي والقانوني من جهة أخرى.
ورغم التحذيرات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان، والمطالبات بوقف سياسة التطهير الاقتصادي بحق البهائيين، يستمر النظام الإيراني في استهداف هذه الأقلية التي تُقدّر أعدادها بأكثر من 300 ألف نسمة.
وما يُثير القلق أكثر هو أن هذه الإجراءات لا تُواجَه بأي اعتراض دولي فعّال، في وقت يستمر فيه القضاء الإيراني في إصدار أحكام تُنفذ في الظل، دون أوراق أو شهود، ودون حتى فرصة واحدة للنجاة.