قلب يواجه المقصلة.. الإيرانية بخشان عزيزي تواسي رفيقاتها رغم حكم الإعدام
قلب يواجه المقصلة.. الإيرانية بخشان عزيزي تواسي رفيقاتها رغم حكم الإعدام
في زنزانة ضيقة داخل سجن "إيفين" سيّئ السمعة في طهران، حيث يختلط صدى الأبواب الحديدية برائحة الخوف وذكريات المحكومات بالإعدام، تتجلّى قصة مختلفة تماماً عن الموت.. قصة تضامن يعيد للإنسانية معناها، حتى في أكثر اللحظات قتامة.
تجلس مطهره غوناي، الطالبة السياسية التي حُرمت من استكمال دراستها في كلية طب الأسنان بقرار رسمي يحمل توقيع وزير ورئيس مجلس تأديبي وأمين عام وزارة الصحة، لتستعيد تفاصيل لحظة لن تنساها، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة.
كان يوم جمعة عندما تسلّمت الاستمارة التي أنهت أحلامها الجامعية، فانهار كل شيء من حولها.. "منذ تلك اللحظة تغيّر كل شيء، حديثي، خطواتي"، تقول وهي تصف اليوم بأنه "أصعب يوم في حياتي".
لكن وسط هذا الانكسار، ظهرت يد لم تكن تتوقعها.. يد امرأة تواجه حكم الإعدام، لكنها اختارت أن تمنح الأمل لا أن تطلبه.
قوة في لحظة ضعف
تقدمت بخشان عزيزي، الناشطة التي تنتظر قرار الإعدام، نحو مطهره وهي تحمل مزيجاً من الثبات والحنان.. أمسكت بيدها وقالت كلمات بسيطة لكنها حقيقية: "المعاناة هائلة لدرجة أن علينا أن نتقاسمها معاً كل بحسب قدرته".
لم تكن بخشان تبحث عن ضوء يسلّط عليها، بل كانت تردد دائماً: "أنا مجرد واحدة من مئات المحكوم عليهم بالإعدام".
ومع ذلك، كانت في كل لحظة تثبت أن المحكوم بالموت يمكنه أن يمنح حياة للآخرين، على الأقل عبر لمسة تعاطف أو كلمة عزاء.
زنزانة تتحول إلى مساحة إنسانية
في ذلك المساء، تحوّل السجن إلى مساحة يتقاسم فيها السجينات الألم بدل أن يبتلع كل واحدة جرحها بصمت. كانت بخشان نموذجاً نادراً للإنسانية في وجه القسوة.
"ما تعلمته منها"، تقول مطهره، "أن المعاناة، مهما طالت، لا تعني الانعزال.. بل علينا أن نتكاتف، أن نحمل جزءاً من آلام الآخرين".
هذه الروح أعادت تعريف الزنزانة، فلم تعد مجرد مكان للعقاب، بل فضاءً يذكّر بأنه حتى في أحلك الظروف يمكن للإنسان أن يكون عزاءً لإنسان آخر.
الإعدامات في إيران
تأتي هذه القصة في سياق سياسي واجتماعي مأزوم.. فإيران تشهد واحدة من أعلى معدلات تنفيذ أحكام الإعدام في العالم، وغالباً ما تطول النشطاء والمعارضين والنساء اللاتي يتحدّين القوانين الصارمة.
وتحوّل سجن "إيفين" إلى رمز للرعب، حيث تقترن القضبان بالقصص المأساوية عن الحرمان، التعذيب، وانكسار الأحلام.
ومع ذلك، فإن شهادات مثل شهادة مطهره غوناي تكشف وجهاً آخر: أن السجينات أنفسهن يخلقن داخل السجن شبكات صغيرة من التضامن، تصنع لهن قدرة على المقاومة، وتمنح حياتهن معنى ولو كان هشّاً.
التضامن كأداة مقاومة
تكشف قصة بخشان ومطهره أن التضامن ليس مجرد شعور، بل أداة مقاومة، ففي الوقت الذي تُستخدم فيه الإعدامات وسيلة لإسكات الأصوات، يظلّ التعاطف وسيلة للحفاظ على كرامة السجينات وإنسانيتهن.
قد تكون بخشان عزيزي مجرد اسم بين مئات الأسماء على قوائم الإعدام، لكنها بالنسبة لمطهره ومن عاش معها خلف القضبان، رمز لقوة نادرة: أن تختار أن تمنح الأمل وأنت محرومًا منه.