مأساة على طريق الأطلسي.. وفاة مهاجر وإنقاذ 176 آخرين قبالة جزر الكناري
مأساة على طريق الأطلسي.. وفاة مهاجر وإنقاذ 176 آخرين قبالة جزر الكناري
أعلنت السلطات الإسبانية، عن وفاة مهاجر واحد على الأقل، وإجلاء آخر في حالة حرجة، خلال عملية إنقاذ معقدة لأكثر من 170 مهاجرًا غير نظامي، كانوا على متن قارب خشبي مكتظ في عرض المحيط الأطلسي، على بُعد أكثر من 470 كيلومترًا جنوب غرب جزيرة غراند كناريا.
وأكدت خدمة الإنقاذ البحري الإسبانية، في تصريحات لوكالة "Europa Press"، أن العملية جاءت إثر بلاغ أرسلته السفينة الحربية الفرنسية "بوتمب-بوبري"، التي رصدت القارب في حالة "طفو مستقرة" قرب المياه الدولية قبالة سواحل الداخلة، في الصحراء الغربية، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، اليوم الخميس.
وفعّلت السلطات الإسبانية، فور تلقي البلاغ، بروتوكول البحث والإنقاذ الدولي (SAR)، وطلبت من السفينة الفرنسية البقاء في موقع القارب لحين وصول سفينة "غواردامار بوليمنيا" التابعة لجهاز الإنقاذ الإسباني، وبعد رحلة استمرت 11 ساعة، وصلت السفينة الإسبانية إلى الموقع في السادسة صباحًا من يوم الاثنين.
أنقذت الفرق 176 مهاجرًا، بينهم شخص متوفى، فيما تم إجلاء مهاجر آخر كان يعاني من ضعف جسدي شديد باستخدام مروحية نُقلته إلى مستشفى في مدينة لاس بالماس دي غراند كناريا لتلقي العلاج.
وقدّم الطاقم الطبي التابع لخدمة الطوارئ الكنارية، بمشاركة فرق الرعاية الأولية والصليب الأحمر، المساعدة الفورية للمهاجرين، حيث نُقلت خمس حالات صحية، بينها امرأة حامل، إلى المراكز الطبية.
قارب متهالك من السنغال
كشف المتحدث باسم الصليب الأحمر، خوسيه أنطونيو رودريغيز فيرونا، في مقابلة مع إذاعة "RNE"، أن القارب أبحر من جنوب السنغال، واستغرقت رحلته ستة أيام، تعطّل خلالها المحرك في اليومين الأخيرين.
عند وصول الناجين إلى ميناء أرجينغوين في بلدية موغان، تم تسجيلهم وتقديم العناية الطبية، في حين ظهرت على عدد كبير منهم علامات الجفاف الحاد وسوء التغذية والإرهاق.
ورغم تراجع عدد الوافدين إلى جزر الكناري خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 بنسبة 41% مقارنة بعام 2024، ما يزال المسار البحري يشهد مآسي متكررة. وقد تم تسجيل وصول 11,321 مهاجرًا على متن 191 قاربًا منذ بداية العام الجاري فقط.
تمّت عملية الإنقاذ خارج المياه الإقليمية الإسبانية، لكنها ضمن منطقة البحث والإنقاذ الدولية المنوطة بإسبانيا، وفقًا للاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحري لعام 1979، والتي تفرض على الدول المسؤولية الكاملة عن عمليات الإنقاذ في مناطقها، بغضّ النظر عن السيادة البحرية.
سلسلة من المآسي
تأتي هذه الحادثة بعد سلسلة من المآسي المروّعة خلال الشهور الماضية، بينها انقلاب قارب كان يحمل 152 شخصًا قبالة جزيرة إل هيرو في 28 مايو الماضي، ما أسفر عن وفاة سبعة مهاجرين، بينهم ثلاث فتيات.
وفي مارس الماضي، عُثر على سبع جثث داخل قارب مطاطي أقلّ نحو 180 شخصًا انطلق من موريتانيا.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن 70 مهاجرًا على الأقل لقوا مصرعهم هذا العام أثناء محاولاتهم الوصول إلى جزر الكناري، وشهد 28 ديسمبر 2024 ذروة مفزعة، حيث تم إنقاذ 660 شخصًا في يوم واحد من تسعة قوارب مختلفة.
وفي مشهد أكثر مأساوية، عثرت سلطات "سانت كيتس ونيفيس"، في البحر الكاريبي، يوم 30 يناير، على قارب يحمل 19 جثة متحللة، يُعتقد أنه انطلق من ساحل غرب أفريقيا، بناءً على وثائق عُثر عليها داخل القارب تعود لمواطنين من مالي.
تحذيرات حقوقية وواقع قاتم
تواصل المنظمات الإنسانية، مثل الصليب الأحمر، والمنظمة الدولية للهجرة، التحذير من خطورة هذا الطريق البحري الذي أصبح يُعرف باسم "طريق الموت الأطلسي".
وصنّفت منظمة "كاميناندو فرونتيراس" هذا المسار، في تقريرها السنوي نهاية 2024، بأنه "الأكثر دموية في العالم"، بعد أن فقد ما يقرب من 10 آلاف مهاجر حياتهم أو اختفوا أثناء محاولتهم عبوره، مقارنة بـ6 آلاف فقط في العام السابق.
تُطالب هذه المنظمات بضرورة توسيع عمليات البحث والإنقاذ، وتوفير ممرات آمنة وقانونية للهجرة، مؤكدة أن تجاهل هذه الدعوات يُسهم في استمرار الكوارث.
طرق أطول وأخطار كبرى
حذّرت وكالة "فرونتكس" الأوروبية ووزارة الداخلية الإسبانية من تطوّر أساليب شبكات تهريب البشر، حيث أصبحت تعتمد على مسارات أطول وأكثر خطرًا لتفادي الدوريات الأمنية، ما يجعل القوارب عرضة للتعطل، ونفاد الوقود، وفقدان الاتصال، وبالتالي ارتفاع حصيلة الضحايا.
وفي ظل استمرار الفقر، وتفاقم الأزمات السياسية والبيئية في إفريقيا جنوب الصحراء، يبدو أن موجات الهجرة غير النظامية عبر المحيط الأطلسي ستظل تتزايد، ما لم تُعالج جذور الظاهرة وتُقدَّم بدائل إنسانية واقعية.