العراق.. الاعتداء على النشطاء يتزايد والأمم المتحدة تحذر من شيوع «بيئة الخوف»
العراق.. الاعتداء على النشطاء يتزايد والأمم المتحدة تحذر من شيوع «بيئة الخوف»
في غضون أقل من عام، وثقت الأمم المتحدة 26 اعتداء واغتيالا لنشطاء سياسيين في العراق، منددة بـ"إفلات الجناة من العقاب".
والخميس، قالت الأمم المتحدة، في بيان، إن "الإفلات من العقاب، فيما يتعلق بوقائع استهداف النشطاء العراقيين من قبل عناصر مسلحة مجهولة يشيع بيئة من الخوف والترهيب تقيد حرية التعبير".
وأوضح البيان أنه خلال الفترة من مايو 2021 إلى إبريل 2022، تعرض 26 ناشطا ومتظاهرا للاعتداء والاختطاف والقتل في مناطق متفرقة بالعراق.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال تعرض القضاة والضباط العاملين على التحقيق في قضايا استهداف المعارضين، إلى التهديد والهجوم العنيف من قبل أشخاص مرتبطين بالمليشيات المسلحة، حسب البيان ذاته.
ويشهد العراق موجة احتجاجات ضخمة منذ نهاية عام 2019، أسفرت عن مقتل أكثر من 600 متظاهر، وإصابة نحو 30 ألفا آخرين.
ويرى مراقبون أن جرائم اغتيال النشطاء والاعتداء عليهم، تأتي على خلفية اشتراكهم في الحراك المعارض للنفوذ الإيراني في العراق.
ورغم تراجع وتيرة المظاهرات الاحتجاجية، إلا أن كثيرا من النشطاء استمروا في المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء على نشطاء الحراك، متهمين المليشيات المسلحة الموالية لإيران بالمسؤولية عن تلك الجرائم.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تولى منصبه في مايو 2020، تعهد مرارا بمحاسبة المتورطين في الاعتداء على النشطاء السياسيين.
المليشيات الإيرانية
بدوره قال الباحث في الشؤون الأمنية بالعراق، هاشم السعدي لـ"جسور بوست"، إن الحكومة تعلم جيدًا الجهات المتهمة بقتل النشطاء والاعتداء عليهم، لكنها تخشى الإشارة إليها.
واتهم السعدي الحكومة العراقية بـ"التقصير في التصدي لملف الجرائم السياسية"، مؤكدًا أن العراق يعاني من المليشيات وانتشار السلاح خارج إطار الدولة.
وأضاف أن "انتشار المليشيات والسلاح أحد أبرز الأسباب الرئيسية في الانسداد السياسي والوضع الهش، الذي يحول دون اتفاق الفصائل على تشكيل الحكومة المقبلة حتى الآن".
وأكد أن الحكومة الحالية تعلم الجرائم التي ترتكبها المليشيات الموالية لإيران في الداخل العراقي، لكنها تخشى من الدخول في صدام معها غير مأمون العواقب".
وأشار إلى أن التدخل العسكري الأمريكي في العراق عام 2003 هو الذي فتح باب البلد العربي أمام إيران والمليشيا التابعة لها، وخلق من العراق بلدًا طائفيًا تتنازع فيه الفصائل المسلحة.
ومضى السعدي قائلا: "الحياة السياسية في العراق صارت مسممة، ولن تهدأ البلد وتعرف طريقها للاستقرار إلا بتفكيك المليشيات وسحب السلاح منها، وهذه مهمة صعبة جدا".
من جانبه قال المحلل السياسي العراقي، عدي سليمان لـ"جسور بوست"، إن العراق في العامين الماضيين منذ اندلاع تظاهرات عام 2019 يشهد موجة عنف كبيرة بحق النشطاء السياسيين، خلفت آلاف القتلى والجرحى على يد المليشيات.
وأضاف أنه "بعد قمع تظاهرات عام 2019، تصاعدت عمليات الاغتيال والاعتداء على النشطاء والسياسيين، بشكل يشيع الترهيب والخوف وعدم الاستقرار".
وأضاف أن الوصف الحقيقي للأمر هو أن العراق ومجاله العام وعمليته السياسية وكل ما فيه صار مستباحا بشكل كبير من قبل المليشيات، التي جعلت الخوف هنا سيد الموقف.
وتابع: "الحالات التي وثقها التقرير الأممي أقل من العدد الحقيقي للضحايا من النشطاء السياسيين، المليشيا التابعة لإيران قتلت واختطفت وعذبت ضحايا أكثر من ذلك العدد بمراحل".
وقال سلميان إن "الحكومة تخشى من مواجهة المليشيا الإيرانية، لأن مواجهتها تعني انفجار الأوضاع السياسية والأمنية بشكل أكبر مما عليه الآن".
وأكد أن المليشيات المسلحة ليس لديها أي مانع في قتل جميع العراقيين للحفاظ على الوجود الإيراني ومصالحه في العراق.
ويرزح العراق الآن تحت أزمة سياسية، تتسبب في تعثر تشكيل حكومة جديدة تدير البلاد، رغم مرور أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية.
ويعاني العراق من أزمة اقتصادية ضخمة، رغم ارتفاع عائداته من النفط إلى 11 مليار دولار في شهر مايو الماضي، لكن حكومة مصطفى الكاظمي يدها مغلولة عن استغلال تلك الأموال، لأنها حكومة تصريف أعمال.