هجومان مسلحان يهزان كولومبيا ويوقعان 18 قتيلاً على الأقل
هجومان مسلحان يهزان كولومبيا ويوقعان 18 قتيلاً على الأقل
شهدت كولومبيا، يومًا دامياً بعدما أسفر هجومان منفصلان عن مقتل 18 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، في مؤشر جديد على تصاعد الأزمة الأمنية التي تعيشها البلاد منذ عقود.
ووقع الهجوم الأول في مدينة كالي بجنوب غرب البلاد باستخدام شاحنة مفخخة، في حين استُهدفت مروحية للشرطة في الشمال بواسطة طائرة مسيّرة، الأمر الذي أثار موجة من القلق والغضب الشعبي عشية الانتخابات المرتقبة العام المقبل، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة.
وذكرت "فرانس برس"، أن الهجوم في كالي استهدف قاعدة جوية عسكرية، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة نحو ستين آخرين بجروح متفاوتة.
وأدان رئيس البلدية أليخاندرو إيدر ما وصفه بـ"هجوم إرهابي مرتبط بالمخدرات"، داعياً الحكومة إلى إرسال تعزيزات أمنية عاجلة لحماية المدينة.
وحمّل وزير الدفاع بيدرو سانشيز فصيل Central General Staff المعروف اختصاراً بـ"إي إم سي"، المنشق عن حركة فارك السابقة، المسؤولية عن التفجير الذي وصفه بأنه "اعتداء جبان وغير مبرر ضد المدنيين".
مشاهد الانفجار وتداعياته
أظهرت صور تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي أجواء الرعب عقب الانفجار، حيث ظهر عشرات المصابين ممددين على الأرض يتلقون الإسعافات الأولية من فرق الطوارئ، في حين التهمت النيران الشاحنة المفخخة وتضررت سيارات عدة وتحطمت نوافذ المباني المحيطة.
وروى شاهد العيان هيكتور فابيو بولانوس (65 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية أنه سمع "انفجاراً هائلاً قرب القاعدة الجوية" تبعه فوضى وذعر، مشيراً إلى أن منازل عدة أصيبت بأضرار جسيمة.
وأكد شاهد آخر، أليكسيس أتيزابال (40 عاماً)، أن بعض القتلى كانوا من المارة الذين صادف وجودهم في الشارع.
إجراءات أمنية عاجلة
أعلن رئيس البلدية فرض حظر دخول الشاحنات الكبيرة إلى المدينة مؤقتاً، خوفاً من تكرار الاعتداءات، كما رصدت السلطات مكافأة مالية قدرها عشرة آلاف دولار لمن يقدم معلومات تقود إلى الجناة.
ومن جانبها، شددت حاكمة المنطقة ديليان فرانسيسكا تورو على أن "الإرهاب لن يهزمنا"، مؤكدة استمرار العمل الأمني لمنع المزيد من الهجمات.
وشهدت منطقة أنتيوكيا شمال غرب البلاد في صباح اليوم نفسه هجوماً أكثر خطورة حين استُهدفت مروحية تابعة للشرطة كانت تشارك في عمليات لمكافحة المخدرات.
وأكد حاكم المنطقة أندريس خوليان ريندون أن الهجوم أسفر عن مقتل 12 شرطياً بعد تعرض الطائرة لقصف بمسيّرة وانفجارها في الجو.
وأوضحت الشرطة أن المروحية كانت تؤمّن فرقة متخصصة في القضاء على محاصيل الكوكا التي تشكل المصدر الرئيسي لصناعة الكوكايين.
صراع مع جماعات مسلحة
عزت السلطات الهجوم إلى عصابة "كالاركا" المنبثقة من مجموعة "إي إم سي"، في حين أكد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أن الاعتداء جاء "انتقاماً بعد مصادرة طن ونصف من الكوكايين من عصابة كلان ديل غولفو"، وهي أكبر شبكة إجرامية في البلاد.
ويعتمد كلان ديل غولفو على تجارة الكوكايين والابتزاز والتعدين غير المشروع لتأمين موارده، وهو ما جعله لاعباً رئيسياً في النزاع المسلح الذي أنهك كولومبيا لعقود.
وتُعد كولومبيا المنتج الأول عالمياً للكوكايين، حيث سجلت عام 2023 رقماً قياسياً بلغ 253 ألف هكتار من زراعة الكوكا، وعلى الرغم من توقيع اتفاق السلام مع حركة فارك عام 2016، فإن انشقاق فصائل مسلحة وازدهار تجارة المخدرات أبقيا العنف حاضراً.
وتسعى حكومة بيترو إلى إقناع المزارعين بالتخلي عن زراعة الكوكا عبر برامج بديلة تتضمن حوافز اقتصادية، لكن ضعف الثقة بين السكان والدولة يعقد التنفيذ.
سلام على المحك
تأتي هذه الهجمات في وقت تستأنف فيه الحكومة مفاوضاتها مع عصابة كلان ديل غولفو في العاصمة القطرية الدوحة، ضمن مسار بدأ عام 2023.
ويخشى مراقبون أن تؤدي الاعتداءات الأخيرة إلى تقويض فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، إذ يرى خصوم الحكومة أن التراخي أمام الجماعات المسلحة يشجعها على التصعيد، في حين يصر الرئيس بيترو على أن الحوار هو السبيل الوحيد لوقف دوامة العنف التي تحصد أرواح المدنيين والعسكريين على حد سواء.