قمع عابر للحدود.. إدانة حقوقية لملاحقة إيران الصحفيين وعائلاتهم
قمع عابر للحدود.. إدانة حقوقية لملاحقة إيران الصحفيين وعائلاتهم
أدان فريق من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تصاعد القمع ضد صحفيي قناة "إيران إنترناشيونال" والضغوط الممارسة على عائلاتهم داخل إيران، واعتبروا أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير وتهديداً مباشراً لسلامة الأفراد.
وأعرب الخبراء في بيان رسمي، نقلته "إيران إنترناشيونال"، اليوم الجمعة، عن "قلق شديد" إزاء سلسلة من التهديدات التي طالت 45 صحفياً وموظفاً في القناة، إضافة إلى 315 فرداً من أقاربهم في سبع دول من بينها بريطانيا، ألمانيا، كندا، الولايات المتحدة وتركيا.
وأفادت التقارير بأن عدداً من الصحفيين المقيمين في بريطانيا اضطروا إلى الاستعانة بحماية الشرطة بسبب أخطار أمنية محدقة، في حين نُقل آخرون إلى بيوت آمنة أو حتى خارج البلاد.
ووُثقت حوادث متعددة تضمنت ملاحقة الصحفيين، والتنصت على اتصالاتهم، وتخريب سياراتهم، فضلاً على تهديدات بالقتل والعنف الجنسي طالت صحفيات عبر الإنترنت.
وصفت لجنة حماية الصحفيين هذه الممارسات بأنها "احتجاز عاطفي كرهائن"، مؤكدة أن النظام الإيراني يستخدم عائلات الصحفيين أداة ضغط لكبح حرية الإعلام.
ودعت المنظمة طهران إلى وقف هذه السياسة فوراً، محذرة من انعكاساتها المدمرة على البيئة الإعلامية الدولية.
استهداف العائلات كأداة قمع
أكد خبراء الأمم المتحدة أن المرحلة الأخيرة من الحملة الإيرانية ركزت بشكل متزايد على عائلات الصحفيين.
وأوضحوا أن أقارب العاملين في "إيران إنترناشيونال" تعرضوا لتحقيقات أمنية متكررة، وتهديدات بالاعتقال أو حتى القتل، مع مطالبتهم بالضغط على ذويهم لوقف عملهم أو التجسس على القناة.
قال بيان الخبراء: "إن هذه الحملة ليست مجرد اعتداء على الصحفيين، بل محاولة ممنهجة لإسكات الصحافة المستقلة وفرض الرقابة عبر التخويف والترهيب"، مضيفاً أن هذه السياسة تحرم المجتمع الدولي من الحق في الحصول على المعلومات وتخلق مناخاً من الرعب يمتد إلى خارج حدود إيران.
خلفية سياسية وقانونية
جاءت هذه التطورات في أعقاب الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، حيث اتهمت السلطات الإيرانية صحفيي "إيران إنترناشيونال" بالتجسس لمصلحة تل أبيب.
وفي يوليو الماضي، أقر البرلمان الإيراني قانوناً مثيراً للجدل وسّع تعريف جريمة "التجسس" ليشمل أنشطة إعلامية والتواصل مع وسائل إعلام أجنبية، ما جعل الصحفيين عرضة للملاحقة تحت غطاء قانوني جديد.
حذر الخبراء الأمميون من أن هذه الإجراءات قد ترقى إلى "معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة"، وتنتهك جملة من الحقوق الأساسية، ومنها الحق في الحياة والأمن وحرية التعبير والتنقل.
دعوات للمحاسبة الدولية
دعا فريق الأمم المتحدة الحكومة الإيرانية إلى وقف التهديدات والترهيب بشكل فوري، وفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات، مع محاسبة المسؤولين عنها، ومنهم المسؤولون الحكوميون الذين يوجهون أو يغضّون الطرف عن هذه الممارسات.
وكان خبراء المنظمة قد حذروا سابقاً من المضايقات الممنهجة التي تطول صحفيي وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية مثل "بي بي سي فارسي" و"راديو فردا"، مشيرين إلى أن هذه السياسة المتكررة تكشف عن استراتيجية متعمدة لقمع الإعلام الحر.
وقع البيان كل من ماي ساتو، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في إيران، وبن سول، المقرر الخاص لمكافحة الإرهاب، وموريس تيدبال-بينز، المقرر الخاص بالإعدامات خارج إطار القانون، وآيرين خان، المقررة الخاصة بحرية التعبير، وجينا روميرو، المقررة الخاصة بحرية التجمع، وأليس جيل إدواردز، المقررة الخاصة بمكافحة التعذيب، إلى جانب أعضاء فريق العمل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات.
وأبرز هذا الإجماع الحقوقي أن القضية لم تعد تخص قناة بعينها، بل تمثل اختباراً لمبادئ حرية التعبير والصحافة المستقلة، في مواجهة محاولات دولة ذات نفوذ لإسكات الأصوات الناقدة عبر القمع العابر للحدود.