دعماً لحقوق المرأة.. البرلمان الأوروبي يفتح باباً أوسع لوصول النساء إلى خدمات الإجهاض
دعماً لحقوق المرأة.. البرلمان الأوروبي يفتح باباً أوسع لوصول النساء إلى خدمات الإجهاض
صوت البرلمان الأوروبي، الأربعاء، لأجل خطة تهدف إلى تحسين وصول النساء إلى خدمات الإجهاض داخل دول الاتحاد الأوروبي، مع تركيز خاص على النساء القادمات من دول تفرض قيوداً صارمة على هذه الإجراءات أو تجعل الوصول إليها شديد الصعوبة، وجاء القرار بعد جلسة مطولة عُقدت في مدينة ستراسبورج الفرنسية، عكست حجم الانقسام السياسي والاجتماعي حول هذه القضية الحساسة.
حازت الخطة تأييد 358 نائباً مقابل معارضة 202، في تصويت اعتبره مؤيدوه مؤشراً على تنامي الدعم البرلماني لحقوق المرأة على مستوى الاتحاد الأوروبي، ويعكس هذا الفارق في الأصوات اتجاهاً واضحاً داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية نحو تبني سياسات عابرة للحدود في قضايا الصحة الإنجابية وفق وكالة رويترز.
مبادرة مواطنين أوروبية
تستند الخطة إلى مبادرة مواطنين أوروبية حملت اسم صوتي خياري، وهي آلية تتيح لمواطني الاتحاد اقتراح تشريعات إذا جمعت عددا كافيا من التوقيعات، وتقترح المبادرة إنشاء صندوق ممول من ميزانية الاتحاد الأوروبي لتغطية تكاليف الإجهاض للنساء اللواتي يضطررن إلى السفر من دول تحظر الإجراء بشكل شبه كامل، مثل مالطا وبولندا، أو من دول يصعب فيها الوصول إلى خدمات الإجهاض، من بينها إيطاليا وكرواتيا.
يرى مؤيدو الخطة أن الصندوق المقترح سيساعد النساء غير القادرات ماديا على تحمل تكاليف السفر والإقامة والعلاج في دول أخرى، كما يسهم في الحد من لجوء بعضهن إلى ممارسات غير آمنة تشكل خطرا على صحتهن وحياتهن، ويؤكد هؤلاء أن الفوارق القانونية داخل الاتحاد تخلق واقعا غير متكافئ في الوصول إلى الرعاية الصحية.
سياق أوروبي متغير
يأتي هذا التصويت في البرلمان الأوروبي في وقت تشهد فيه عدة دول أوروبية تحولات لافتة في سياساتها المتعلقة بالإجهاض، فقد ألغت المملكة المتحدة تجريم الإجهاض، في حين أدرجت فرنسا الحق في الإجهاض ضمن دستورها، في خطوة وصفت بأنها تاريخية، وفي المقابل، يشهد المشهد السياسي الأوروبي تناميا في نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي يعارض كثير منها توسيع حقوق الإجهاض ويطرح خطابا محافظا يستند إلى القيم الدينية أو السيادة الوطنية.
من المقرر أن تبت المفوضية الأوروبية في شهر مارس المقبل في ما إذا كانت ستتبنى هذا المقترح وتحوله إلى سياسة تنفيذية، ورغم أن مبادرات مواطنين سابقة لم تحقق نجاحا مماثلا، يعول داعمو الخطة على الزخم السياسي الحالي وعلى الدعم العابر للتيارات، الذي يمتد من اليسار إلى يمين الوسط.
معارضة واحتجاجات
في المقابل، واجهت الخطة انتقادات حادة من نواب ينتمون إلى اليمين المتطرف وبعض تيارات يمين الوسط، اعتبروا أن المقترح يمثل تدخلا مباشرا في القوانين الوطنية للدول الأعضاء ويتعارض مع خصوصياتها الثقافية والدينية، وخلال المناقشات التي سبقت التصويت، نظمت مجموعات مناهضة لحقوق الإجهاض فعاليات داخل البرلمان الأوروبي، دعت فيها إلى توجيه الدعم المالي نحو سياسات تشجع الأمومة بدلا من تمويل الإجهاض.
مواقف متباينة داخل البرلمان
أكدت نائبة سويدية من مجموعة تجديد أوروبا الوسطية أن التصويت يبعث برسالة واضحة مفادها أن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب المرأة ويدعم المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان دون تردد، في المقابل، شددت نائبة تنتمي إلى جماعة الوطنيون من أجل أوروبا اليمينية المتطرفة على رفض المقترح، معتبرة أن تشجيع النساء على السفر إلى دول أكثر ليبرالية يعد هجوما على الأنظمة الوطنية واستغلالا سياسيا للسلطة على مستوى الاتحاد.
انقسام يتجاوز السياسة
يعكس الجدل حول هذه الخطة انقساما أعمق داخل المجتمعات الأوروبية، حيث تتقاطع قضايا الصحة والحقوق الفردية مع أسئلة الهوية والقيم والدور الذي ينبغي أن يلعبه الاتحاد الأوروبي في حياة مواطنيه، وبينما يرى البعض أن توحيد المعايير الصحية يعزز العدالة، يخشى آخرون تآكل صلاحيات الدول الأعضاء.
تعد قضية الإجهاض من أكثر القضايا إثارة للجدل داخل الاتحاد الأوروبي، نظرا لاختلاف التشريعات بشكل كبير بين الدول الأعضاء، ففي حين تسمح بعض الدول بالإجهاض على نطاق واسع وتعتبره جزءا من الرعاية الصحية الأساسية، تفرض دول أخرى قيودا صارمة أو تحظره إلا في حالات استثنائية، ومع تزايد حرية التنقل داخل الاتحاد، برزت ظاهرة سفر النساء للحصول على خدمات غير متاحة في بلدانهن، ما فتح نقاشا متصاعدا حول مسؤولية الاتحاد في ضمان المساواة في الوصول إلى الحقوق الصحية، ويأتي تصويت البرلمان الأوروبي في هذا السياق بوصفه محاولة لمعالجة فجوة قانونية وإنسانية لا تزال محل خلاف واسع.











