مع تزايد الحالات.. حملات توعية للحد من "ظاهرة الانتحار" في سوريا

مع تزايد الحالات.. حملات توعية للحد من "ظاهرة الانتحار" في سوريا
شمال سوريا - أرشيف

شهدت مناطق إقليم شمال وشرق سوريا خلال الفترة الأخيرة تزايداً ملاحظاً في حالات الانتحار، خصوصاً بين النساء، نتيجة تداعيات الحرب التي شهدتها البلاد لأكثر من عقد، والأزمة الاقتصادية الخانقة، وانعكاساتها الاجتماعية والنفسية. 

يأتي ذلك في ظل ضعف البنية القانونية والاجتماعية الحامية للمرأة، ما جعل ظاهرة الانتحار تتحول إلى مشكلة اجتماعية وإنسانية عميقة، تكشف ضغوطاً هائلة تتعرض لها النساء في هذه المناطق، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت.

وأكدت الإدارية في مكتب الصلح بمجلس تجمع نساء زنوبيا في الرقة، نوال جمعة، أن لجان الصلح التابعة للمجلس تتابع قضايا النساء والتحديات التي تواجههن عن كثب، ولاحظت في الآونة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في عدد محاولات الانتحار بين النساء مقارنة بالأعوام السابقة. 

واعتبرت جمعة أن الانتحار أصبح أحد أساليب الحرب الخاصة التي تستهدف المرأة بشكل مباشر عبر الضغط النفسي الممنهج.

ضغوط نفسية واجتماعية

أوضحت المسؤولة النسوية، نوال جمعة، أن ما يدفع النساء لاختيار الانتحار هو شعورهن بأنه وسيلة للتخلص من الضغوط النفسية الهائلة التي يفرضها عليهن الحكم الأبوي والعادات الاجتماعية، مثل منعهن من العمل أو التعليم أو ممارسة هوايات يحببنها. 

وأشارت إلى أن هذه الضغوط تهدف إلى إبقاء المرأة في وضعية التبعية والضعف وإقصائها عن مواقع القوة والتمكين، ومنه اتهامها بالعجز عن تحمل المسؤولية وتقييد مستواها العلمي والثقافي.

بيّنت نوال، أن من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع النساء إلى الانتحار استمرار ظواهر زواج القاصرات، والزواج القسري، وأنماط زيجات أخرى مثل "البدل" و"الحيار"، حيث تجد المرأة نفسها في واقع اجتماعي مرير مليء بالمشاكل الزوجية التي تتفاقم مع مرور الوقت. 

وعندما تحاول اللجوء إلى الطلاق تُواجَه بثقافة "العيب" والضغط الاجتماعي بحجة ضرورة "التحمل من أجل الأطفال"، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات النفسية واللجوء إلى الانتحار أو حتى الإدمان.

عنف منزلي ومخدرات

استشهدت نوال جمعة بحالة واقعية تعامل معها المجلس مؤخراً، إذ حاولت امرأة، وهي أم لثلاثة أطفال، الانتحار بعد أن وصلت إلى حالة نفسية متدهورة بسبب تعاطي زوجها المخدرات وإقدامه على ضربها وإهانتها بشكل مستمر، خاصةً عندما يعجز عن الحصول على المال لشراء المخدرات. 

وأوضحت أن هذه الحالة تجسد الارتباط بين العنف الأسري والإدمان وغياب الدعم الاجتماعي، وهي عوامل تؤدي في النهاية إلى دفع النساء إلى التفكير في إنهاء حياتهن.

ونفّذ مجلس تجمع نساء زنوبيا سلسلة إجراءات للتصدي لظاهرة الانتحار، منها إصدار بيانات منددة بخطورته، وإطلاق حملات توعية في القرى والأرياف لتوزيع منشورات تحذر من تداعيات الانتحار، وتعرّف بمخاطر زواج القاصرات. 

وأشارت المسؤولة النسوية إلى أن هذه الحملات تسعى للوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء لتمكينهن من تغيير واقعهن والتحرر من القيود الاجتماعية المفروضة عليهن.

تحذير من الآثار السلبية

دعت نوال جمعة، المجتمع المحلي إلى مزيد من الوعي والإدراك لتداعيات الضغط النفسي الذي يُمارس على المرأة، والذي يؤدي في نهاية المطاف إلى الانتحار، مؤكدةً أن الانتحار لا يُعد حلاً بل يترك آثاراً سلبية عميقة في الأطفال والأسرة والمجتمع، مثل التفكك الأسري والعقد النفسية التي تلحق بالأطفال. 

وشددت على أن المجلس يواصل دراسة هذه الظاهرة وتحليل جذورها لإيجاد حلول واقعية وبدائل تساعد المرأة على مواجهة الضغوط دون اللجوء إلى إنهاء حياتها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية