وسط دعوات لحمايتهن.. تصاعد العنف ضد النساء في شمال سوريا يثير القلق
وسط دعوات لحمايتهن.. تصاعد العنف ضد النساء في شمال سوريا يثير القلق
تزايدت التحذيرات من استمرار العنف الموجّه ضد النساء في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، حيث عبّرت نساء وناشطات عن قلقهن إزاء جرائم القتل التي تُرتكب تحت غطاء العادات والتقاليد البالية، إلى جانب تصاعد ممارسات الاستغلال عبر الإنترنت، وسط مطالبات بسنّ قوانين وقائية وتعزيز التدخلات العملية لحماية النساء وضمان حقوقهن.
وأكدت مديرة دار المرأة في قامشلو بهية مراد، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، اليوم الأربعاء، أن الحاجة إلى تأسيس المركز جاءت بسبب انتشار ظواهر مثل زواج الأطفال وتعدد الزوجات وزواج التبادل، وهي ممارسات تسهم في ترسيخ العنف ضد النساء.
وأوضحت أن كثيرات ما زلن يخشين الإفصاح عن معاناتهن خوفًا من العائلة أو المجتمع، ما يستدعي تدخلات مباشرة لتوعية الأسر ومواجهة هذه الانتهاكات.
وشددت على أن جرائم القتل بدعوى "الشرف" لا تزال تهدد حياة النساء، رغم جهود قوات الأسايش في اعتقال عدد من المتورطين في استغلال النساء عبر الإنترنت.
دور الإعلام في المواجهة
طالبت مديرة دار المرأة بإطلاق برامج خاصة تُعنى بالنساء، وأكدت أن الإعلام يؤدي دورًا محوريًا في نشر الوعي والتثقيف، داعيةً إلى إنتاج برامج وقصص تُعرض عبر التلفزيون، والاستفادة من "كومين السينما" لمعالجة القضايا الاجتماعية.
وأشارت إلى أن المركز يستقبل يوميًا حالات عديدة تعكس عمق المشكلات الاجتماعية، مؤكدة أن مواجهة هذه الانتهاكات تبدأ بالتثقيف وتحمّل الأسر مسؤولياتها، خاصةً مع تفاقم ظاهرة الإدمان بين الرجال التي تقود في كثير من الأحيان إلى ارتكاب جرائم بحق النساء.
انتقدت عضوة مجلس المرأة في المؤتمر الإسلامي الديمقراطي مريم محمد، استمرار قتل النساء في المنطقة باسم الدين، موضحةً أن تعاليم الإسلام لا تبرر هذه الجرائم بل تدعو إلى المساواة والعدالة.
ورأت أن بعض رجال الدين يحرّفون النصوص لخدمة السلطة وتبرير قمع المرأة. واعتبرت أن معظم جرائم القتل تُرتكب بذريعة "الشرف"، حيث يُحمّل المجتمع المرأة وحدها مسؤولية شرف الأسرة.
ودعت النساء إلى مواجهة هذه التفسيرات الظالمة من خلال الوعي والمعرفة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة بنشر التفسيرات الدينية السليمة.
قوانين رادعة.. ولكن
شدّدت مديرة منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة، آرزو تمو، على أن النساء لا يزلن يتعرضن للقتل رغم صدور قوانين رادعة من قبل الإدارة الذاتية، معتبرة أن تصاعد جرائم "الشرف" في الشرق الأوسط يشكل تهديدًا متواصلًا.
وأكدت أن الوضع قبل صدور هذه القوانين كان أكثر خطورة، حيث كانت بعض العائلات تعقد تسويات مالية بعد قتل المرأة، من دون أي مساءلة قانونية.
وأوضحت أن تدخل المجلس التشريعي في إشراك منظمة سارا كطرف أساسي في قضايا القتل ساهم في تحقيق بعض العدالة، لكن المجتمع لا يزال يربط الشرف بالنساء فقط، وهو ما يعزز استمرار العنف ضدهن.
أزمة مجتمعية عميقة
تُبرز هذه الشهادات أن أزمة العنف ضد النساء في قامشلو والشرق الأوسط عمومًا ليست قضية فردية، بل هي انعكاس لموروثات اجتماعية ودينية وسياسية متداخلة.
ورغم وجود قوانين ومراكز دعم، فإن استمرار قتل النساء بذريعة "الشرف" يشير إلى حاجة ملحّة لتغيير ثقافة المجتمع، وتعزيز الوعي، وإشراك جميع القوى الفاعلة من منظمات، وإعلام، ورجال دين، وأسر في مواجهة هذه الظاهرة التي تهدد أمن النساء واستقرار المجتمعات.