في الرباط.. أصوات تطالب بالحرية والإصلاح وسط تراجع زخم حركة "جيل زد 212"
في الرباط.. أصوات تطالب بالحرية والإصلاح وسط تراجع زخم حركة "جيل زد 212"
تظاهر عشرات المغاربة في العاصمة الرباط السبت للمطالبة بالإفراج عن مئات الأشخاص الموقوفين خلال الاحتجاجات الأخيرة التي نظمتها حركة "جيل زاد 212"، في وقت تتصاعد فيه المطالب الشعبية بإصلاحات اجتماعية وسياسية عميقة، خصوصاً في مجالي التعليم والصحة.
مظاهرات مطالبة بالحرية
ردد المحتجون شعارات تدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين، وهتفوا "أيها المعتقلون، ابقوا أقوياء، سنواصل النضال"، في إشارة إلى تمسكهم بمطالب الحركة التي انطلقت على الإنترنت قبل أسابيع، قبل أن تمتد إلى الشارع وفق فرانس برس.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن نحو 600 شخص، بينهم قاصرون، ما زالوا محتجزين بانتظار المحاكمة بتهم تتعلق بالمشاركة في أنشطة الحركة والانضمام إليها.
من العالم الافتراضي إلى الشارع
بدأت حركة "جيل زد 212" منتصف سبتمبر على منصة "ديسكورد"، بعد حادثة مأساوية أثارت غضباً واسعاً في البلاد تمثلت في وفاة ثماني نساء حوامل في أحد المستشفيات العمومية بمدينة أكادير.
ومنذ ذلك الحين، تحولت النقاشات الرقمية إلى تعبئة ميدانية، شارك فيها مئات الشباب للمطالبة بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وبتقليص الفجوة بين القطاعين العام والخاص.
تراجع الزخم واستمرار القلق
بعد أسابيع من النشاط، يبدو أن زخم الحركة بدأ يخفت، لكن المطالب التي طرحتها ما زالت حاضرة في الشارع، ويأتي ذلك في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، يعاني فيها الشباب والنساء على وجه الخصوص من معدلات بطالة مرتفعة وتفاوتات اجتماعية ومجالية متزايدة.
وفي خطاب ألقاه الملك محمد السادس الأسبوع الماضي، لم يأتِ ذكر الحركة مباشرة، لكنه دعا الحكومة إلى تحسين جودة التعليم العمومي والرعاية الصحية، وهما المحوران الأساسيان في مطالب المحتجين، اعتبر مراقبون هذه الإشارة رسالة ضمنية تعكس إدراك المؤسسة الملكية لعمق المشكلات التي فجّرت موجة الغضب الأخيرة.
الفوارق الاجتماعية في صلب الأزمة
تشير البيانات الرسمية إلى أن سبع ولايات من أصل اثنتي عشرة جهة في المغرب سجلت معدلات نمو أدنى من المتوسط الوطني البالغ 3.7 في المئة عام 2023، ما يعكس استمرار التفاوت بين المناطق، وتظل قضايا العدالة الاجتماعية والمجالية من أبرز التحديات أمام التنمية المتوازنة في البلاد.
تُعد حركة "جيل زد 212" أول حراك اجتماعي مغربي يولد بالكامل من فضاء الإنترنت ويقوده شباب في العشرينات من العمر، مستلهمين تجارب احتجاجية رقمية سابقة في المنطقة، وقد اتخذت الحركة شعارها من رمز الاتصال الدولي للمغرب "212" كإشارة إلى الجيل الجديد الذي يسعى إلى استعادة الثقة في المؤسسات وتحقيق إصلاحات ملموسة.
ويرى محللون أن هذه التحركات، رغم محدوديتها الميدانية، كشفت عن عمق الأزمة الاجتماعية في المغرب، وعن حاجة الدولة إلى فتح قنوات حوار حقيقية مع الشباب وتبني سياسات أكثر جرأة في مجالات التعليم والصحة والتشغيل، لتفادي عودة موجات الاحتجاج في المستقبل.