بعد نضال 3 عقود.. رحيل هيفي سليمان أيقونة النضال النسوي في سوريا
بعد نضال 3 عقود.. رحيل هيفي سليمان أيقونة النضال النسوي في سوريا
رحلت هيفي سليمان، منسقية مؤتمر ستار بمدينة قامشلو، عن عمر ناهز الثانية والستين، بعد مسيرة نضالية تجاوزت ثلاثة عقود، كرّستها لخدمة قضايا المرأة والمجتمع الكردي، وللنضال في سبيل الحرية والمساواة.
وبرحيلها، ودّع إقليم شمال وشرق سوريا واحدة من أبرز رموز الحركة النسوية الكردية، التي حملت حلم العودة إلى قريتها موباتا في عفرين، لكنها غادرت قبل أن يتحقق، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الجمعة.
وُصفت هيفي سليمان من قبل نساء شمال وشرق سوريا بأنها شهيدة النضال المتواصل الذي لم يُكسر طوال ثلاثين عامًا، فقد كانت من أوائل المدرّسين الذين درّسوا اللغة الكردية في مدينة حلب بين عامي 2010 و2011، وأسهمت في تأسيس مؤسسة اللغة الكردية (SZK).
كما شغلت مناصب عدة في الإدارة الذاتية الديمقراطية، وكانت من عضوات مجلس العلويين بمدينة عفرين، وشاركت في تأسيس مجلس المرأة السورية، إلى جانب عضويتها في المجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا، وعضويتها في المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD).
ولم يكن نضالها سياسيًا فقط، بل امتد إلى الجانب الإنساني والثقافي، إذ أسهمت في تعليم اللغة الكردية للأطفال وغرس روح الانتماء فيهم، وسعت جاهدة لتنظيم النساء وتمكينهن، إيمانًا منها بأن الحرية تبدأ من وعي المرأة بذاتها وبقدرتها على التغيير.
شخصية مؤثرة في الميدان
شاركت الراحلة بشكل مباشر في لجنة الحرية للقائد عبد الله أوجلان، وأسهمت في تأسيس بيت الشعب، وكانت عضوًا بارزًا في مجلس عوائل الشهداء، ما جعلها جزءًا من ذاكرة الحركة التحررية في سوريا.
وبحسب بيان صادر عن مؤتمر ستار، فإن هيفي سليمان "ستُخلّد كشهيدة للمؤتمر"، تقديرًا لدورها التاريخي في الدفاع عن حرية المرأة وتحرير المجتمع من قيوده.
قالت ريحان علو، منسقية مؤتمر ستار بحلب، التي عملت مع هيفي سبع سنوات في مقاطعة الشهباء قبل احتلالها، إن الراحلة كانت من أكثر الشخصيات تأثيرًا في حركة حرية المرأة.
وأضافت أن عائلة هيفي قدّمت العديد من الشهداء في سبيل الدفاع عن القضية الكردية، ما جعل من نضالها امتدادًا لتاريخ طويل من التضحية.
أمّ المقاومة وصوت النساء
عُرفت هيفي سليمان بقدرتها على التنسيق والتنظيم بين الحياة الشخصية والعامة، إذ كانت أمًا لسبعة أبناء، وفي الوقت ذاته من أمهات السلام في ثورة روج آفا.
وعندما اجتاحت القوات التركية مدينة عفرين، كانت في الصفوف الأولى تقود النساء وتحثّهن على الصمود والمقاومة، واستمرت في نضالها بعد نزوحها إلى منطقة الشهباء، حيث اُنتخبت لتكون منسقية مؤتمر ستار لإقليم شمال وشرق سوريا.
ورغم قسوة الظروف، واصلت دعمها للأهالي وتشجيعهم على التمسك بالأرض، وكانت تُعرف بابتسامتها الدائمة وروحها المرحة، حتى وُصفت بأنها "تزرع الورود في كل مكان تطؤه". كانت تعتبر أن المرأة زهرة الحرية، وأن النضال في سبيلها عبادة لا تنتهي.
ولم يتمكن السرطان من كسر إرادة هيفي سليمان، إذ واصلت عملها ونشاطها رغم الألم، كما روت ريحان علو: "كانت تقول لي دائمًا: سأشفى وسأعود أقوى لأكمل نضالي. كانت تحلم برؤية عفرين محررة، وبحرية القائد أوجلان، وبأن تصل كل امرأة إلى حريتها".
وداع يليق بالمناضلات
أُقيمت مراسم عزاء مهيبة لهيفي سليمان في ساحة الشهداء، بحضور ممثلين عن المؤسسات السياسية والمدنية والنسوية، وأهالي حيي الأشرفية والشيخ مقصود.
وعبّر المشاركون عن فخرهم بسيرتها التي ستبقى منارة للأجيال القادمة، ورمزًا للمرأة التي قاومت الظلم بالسلاح والعلم والكلمة.
برحيل هيفي سليمان، تخسر الحركة النسوية في شمال سوريا واحدة من أبرز رموزها، لكنها تترك وراءها إرثًا لا يُمحى من النضال، والوعي، والإيمان بأن حرية المجتمع تبدأ بحرية المرأة.











