"بيوت تُهدم وصوت يختنق".. حملة أمنية تُشرّد عائلات بلوشية في إيران

"بيوت تُهدم وصوت يختنق".. حملة أمنية تُشرّد عائلات بلوشية في إيران
حملة أمنية في إيران - أرشيف

تتصدّع ذاكرة سكان زاهدان مرة أخرى تحت وقع الجرافات، بينما تنهار البيوت أمام أعين أصحابها دون سابق إنذار، حيث تعيش عشرات الأسر البلوشية صباحاً مثقلاً بالخوف والدهشة، بعدما استيقظت على حضور القوات الأمنية والبلدية التي باشرت عمليات الهدم دون أي أوامر قضائية، تاركة العائلات في العراء، وبعضها لم يحظ بفرصة لإنقاذ أبسط ممتلكاته الشخصية.

ونفذت القوات الأمنية حملة مداهمات واسعة، اليوم السبت، طالت منطقة كشاورز وعدداً من شوارعها في مدينة زاهدان جنوب شرق إيران، وهي منطقة تقطنها غالبية من المواطنين البلوش الذين يعانون تاريخياً من التهميش والتمييز، بحسب ما ذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال”، اليوم السبت.

وتكشف التقارير المحلية أن العمليات لا تزال مستمرة منذ ساعات الصباح، وأن ما لا يقل عن عشرة منازل سكنية جرى هدمها بشكل متلاحق، في ظل غياب تام لأي إجراءات قانونية تسبق عملية الهدم. 

وتؤكد المصادر أن القوات دخلت المنطقة دون أوامر قضائية مكتوبة، الأمر الذي دفع السكان إلى الشعور بأنهم أمام «هجوم مفاجئ» يهدد استقرارهم وحقهم الأساسي في السكن.

ويقول سكان المنطقة إن كثيراً من العائلات لم تتمكن من إخراج أثاثها أو وثائقها أو ممتلكاتها قبل أن تبدأ الجرافات باقتلاع الجدران، ما زاد من حجم المأساة الإنسانية التي خلّفتها العملية.

اعتداءات بحق المدنيين

تبرز الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة حجم القوة المستخدمة في العملية، إذ تُظهر انتشاراً واسعاً للآليات العسكرية وناقلات الجند، إلى جانب جرافات بلدية زاهدان التي تتقدّم نحو المنازل تباعاً. 

ويحيط بالمكان عدد كبير من عناصر الأمن الذين فرضوا طوقاً يمنع السكان من الاقتراب أو محاولة إنقاذ ما تبقى من ممتلكاتهم.

وتوثّق شهادات محلية حادثة اعتداء خطيرة، حين حاول أحد السكان الوقوف أمام الجرافة لمنع هدم منزله، إلا أن العناصر العسكرية انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه. 

ودفع ذلك أهالي المنطقة إلى التدخل بشكل جماعي لإنقاذه من بين أيدي القوات، في مشهد يعكس تصاعد التوتر وانعدام الثقة بين السكان والسلطات.

وتشير منظمات حقوقية إيرانية في الخارج إلى أن مدينة زاهدان شهدت خلال السنوات الماضية حملات مشابهة استهدفت منازل البلوش بحجة «عدم الترخيص»، في حين يتهم السكان السلطات باستخدام هذه الذريعة لدفع الفقراء إلى مغادرة الأراضي التي يعيشون عليها منذ عقود.

سكان بلا حماية

يعاني إقليم سيستان وبلوشستان تاريخياً من انخفاض معدلات التنمية، وارتفاع نسب البطالة، وغياب الخدمات الأساسية، ما جعل البلوش من أكثر القوميات الإيرانية عرضة للفقر والتهميش. 

وتوثّق منظمات دولية أن السلطات الإيرانية غالباً ما تهدم منازل البلوش بحجة «البناء غير القانوني» دون توفير بدائل سكنية أو تعويضات، وهو ما يعدّ انتهاكاً واضحاً للحق في السكن وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ويرى ناشطون أن تنفيذ هدم المنازل دون أوامر قضائية وبقوة عسكرية يعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى الضغط على السكان وتقليص وجودهم في مناطق معينة. 

ويطالبون الأمم المتحدة بفتح تحقيق مستقل حول العملية، ومحاسبة المسؤولين عن الاعتداءات التي طالت المدنيين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية