"قاصرون في مهبّ الريح".. مدريد تُسابق الزمن لاحتواء أزمة المهاجرين بجزر الكناري
"قاصرون في مهبّ الريح".. مدريد تُسابق الزمن لاحتواء أزمة المهاجرين بجزر الكناري
استقبلت حكومة مدريد، خلال الأسابيع الماضية، 679 قاصرًا غير مصحوبين بذويهم وصلوا إلى جزر الكناري، تنفيذًا لقرار المحكمة العليا الذي ألزم السلطات منذ مارس باستيعاب القُصّر ضمن شبكة الاستقبال الوطنية.
وجاءت هذه الخطوة بعد شهور من الانتقادات التي وُجّهت لمدريد بسبب بطء وتيرة نقل هؤلاء الشباب من الجزر، حيث كانت حكومة الكناري تصف الوضع بـ“غير المحتمل” بسبب الضغط الهائل على مراكزها، بحسب ما ذكر موقع “مهاجر نيوز”، اليوم الثلاثاء.
وعزّزت الحكومة الإسبانية استجابتها في الفترة الأخيرة، إثر الشكاوى المتكررة من سلطات الجزر، وأعلنت كانديلاريا ديلغادو، وزيرة الحماية الاجتماعية في حكومة الكناري، إدماج 679 شابًا، كثيرٌ منهم من مالي، في شبكة الاستقبال.
ومع توزيعهم، نُقل 336 إلى مراكز في البر الرئيسي، بينما وُضع 343 في مرافق تديرها مدريد داخل الجزر نفسها.
ويوضح مسؤولو الهجرة أن 817 مكانًا تم تأمينها بالفعل داخل النظام الجديد، مع تبقّي نحو 100 مكان شاغر، أما الرقم الأولي البالغ 919 مستفيدًا، فقد تقلّص بعد بلوغ 240 منهم سن الرشد خلال عملية النقل، ليُحوَّلوا تلقائيًا إلى مرافق خاصة بالبالغين.
أوامر قضائية صارمة
تتجاوب مدريد الآن مع أمر قضائي جديد منحها مهلة نهائية حتى 21 نوفمبر الجاري، لنقل القُصّر الذين تقدّموا بطلب لجوء في الكناري.
وكان رئيس حكومة الجزر قد بعث، في سبتمبر، رسالة شديدة اللهجة إلى المحكمة العليا يشتكي فيها من دمج 127 مهاجرًا فقط في تلك الفترة، رغم صدور القرار قبل شهور، واعتبر المسؤول ذلك “عصيانًا” من الحكومة المركزية.
وتُعد هذه ثالث مرة تطالب فيها المحكمة العليا مدريد بتسريع الإجراءات، لا سيما بعد تراكم نحو 5500 قاصر داخل مراكز الجزر، بعضها يفوق طاقته الاستيعابية.
وبعد سبعة أشهر من التحذيرات، وصفت المحكمة وتيرة التنفيذ بـ“غير المقبولة”، ملوّحة بفرض عقوبات محتملة على الحكومة.
إصلاحات نظام الاستقبال
اضطرت الحكومة المركزية، للامتثال للأوامر القضائية، إلى إعادة بناء نظام كامل للاستقبال، إذ لم تكن مسؤولة تقليديًا عن القاصرين غير المصحوبين بذويهم، لأن هذه المهمة تقع ضمن اختصاص الأقاليم، وكانت مدريد قبل الأزمة معنية فقط بالبالغين أو الأطفال الذين يصلون مع ذويهم.
وأبرز ما تغيّر افتتاح مركز جديد لتحديد أعمار الوافدين في “غران كناريا”، ليكون نقطة فرز وتقييم أولية، إضافة إلى تشغيل مركزين آخرين في الجزر وإنشاء مرافق استقبال جديدة في مناطق متفرقة من البر الرئيسي، كما تواصل وزارة الإدماج البحث عن مواقع إضافية لزيادة الطاقة الاستيعابية.
وتحذّر وزيرة الحماية الاجتماعية في الجزر من أن الضغط لا يزال كبيرًا، لأن الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية المقدّمة للقاصرين بقيت ضمن مسؤولية حكومة الكناري.
وتشهد الجزر -باعتبارها بوابة الأطلسي نحو أوروبا- تدفقًا مستمرًا لقوارب “كايوكوس” محملة بالمهاجرين، بينهم أعدادٌ كبيرة من القُصّر.
وقد أنقذت السلطات الإسبانية، يوم الأحد، 260 مهاجرًا قبالة جزيرة “إل هييرو”، من بينهم 92 قاصرًا، ما يؤكد استمرار التحدي رغم تراجع عدد الوافدين خلال الأشهر الأخيرة بنسبة 63% مقارنة بالعام الماضي.
خلفية الأزمة
سجّلت جزر الكناري في عام 2024 أعلى عدد من الوافدين في تاريخها، بقرابة 47 ألف مهاجر، متجاوزة حتى ذروة “أزمة كايوكو” عام 2006.
وفي موازاة ذلك، ارتفعت أعداد الوفيات غرقًا على طريق الأطلسي بشكل صادم، إذ وثّقت منظمة “كاميناندو فرونتيراس” مقتل أو فقدان 10,457 مهاجرًا خلال العام نفسه، أي ما يعادل 30 وفاة يوميًا.
ويصف خبراء الهجرة مسار الأطلسي بأنه الأخطر في العالم، نظرًا لطول الرحلة، وبدائية القوارب، وغياب وسائل الإنقاذ الكافية في عرض المحيط.










