العراقيون في الصدارة.. أرقام الترحيل تكشف التحول في سياسة الهجرة السويدية
العراقيون في الصدارة.. أرقام الترحيل تكشف التحول في سياسة الهجرة السويدية
ترحيل أكبر عدد من المهاجرين أصبح عنوانا بارزا في السياسة السويدية خلال العامين الأخيرين، مع كشف شرطة الحدود عن تسجيل ارتفاع ملحوظ في أعداد المبعدين قسرا أو العائدين طوعا، الأرقام الجديدة، التي كشفت عنها شبكة "رووداو" الإعلامية، تضع ملامح مشهد أكثر تشددا، وتؤكد حجم التحولات التي تشهدها البلاد تجاه ملف الهجرة.
تصاعد غير مسبوق في عمليات الترحيل
أعلنت شرطة الحدود أن أكثر من أحد عشر ألف شخص تمت إعادتهم إلى بلدانهم منذ العام الماضي حتى اليوم، بينهم ما يقارب تسعة آلاف شخص رُحلوا قسرا، وتشير البيانات إلى أن إجمالي المرحلين منذ مطلع عام 2024 بلغ 5463 شخصا، بينما شملت فترة العامين الماضيين ترحيل 742 مواطنا عراقيا ومواطنا من إقليم كردستان.
وترى السلطات السويدية أن هذه الأرقام تعكس سياسة صارمة تستهدف تسريع عمليات الإبعاد، سواء نتيجة انتهاء ملفات اللجوء أو بسبب المخالفات القانونية. وتؤكد الشرطة أن عمليات الترحيل القسري تشكل النسبة الأكبر مقارنة بالعائدين طوعا.
ترحيل مرتبط بجرائم
تكشف الإحصاءات أن 439 شخصا تم ترحيلهم من السويد خلال العام الماضي بعد إدانتهم بجرائم، فيما ارتفع العدد خلال العام الحالي، حيث تم ترحيل 389 شخصا للأسباب ذاتها، وقدمت وكالة الهجرة السويدية خلال عام واحد طلبات لإبعاد أكثر من 2100 شخص، بينما تجاوز الرقم في العام الماضي 2700 شخص.
ولا تقتصر عملية الإبعاد على من رفضت طلباتهم أو منتهية إقامتهم، بل تشمل أيضا كل من يثبت تورطه في نشاطات مخالفة للقانون وفق ما تؤكده الجهات المختصة.
العراقيون في صدارة الترحيل
تشير الأرقام الرسمية إلى أن المواطنين العراقيين كانوا بين أكثر الفئات المتأثرة بقرارات الإبعاد، فقد رُحل 399 عراقيا العام الماضي، مقابل ثلاثمئة وثلاثة وأربعين عراقيا هذا العام. وشملت هذه الحالات ترحيل أشخاص بسبب جرائم، بلغ عددهم خمسة عشر شخصا العام الماضي وارتفع إلى تسعة عشر شخصا خلال العام الحالي.
وتظهر البيانات أن 317 عراقيا اختاروا العودة طوعا خلال العامين الماضيين، بينما خضع الباقون لعمليات ترحيل قسري.
سياسة هجرة أكثر تشددا
تقدم السويد نفسها اليوم بوصفها دولة تعيد ضبط تعاملها مع ملف الهجرة بشكل جذري. فبينما تواصل أعداد المهاجرين الدخول إلى البلاد، تسعى الحكومة إلى تقليص عدد المقيمين بشكل غير قانوني، وتشديد الرقابة على ملفات اللجوء، وتسريع الإجراءات الإدارية، وتشير بيانات الحكومة السويدية إلى أن البلاد استقبلت 9645 مهاجرا العام الماضي، بينهم تسعمئة وستة وسبعون من سوريا، و839 من أفغانستان، و538 من العراق.
وتؤكد الحكومة أن هذه الإجراءات تأتي استجابة لتفاقم الضغوط على منظومة الهجرة، إضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، خصوصا في المدن الكبرى.
قلق داخل الجاليات المهاجرة
أثارت موجة الترحيلات المتصاعدة قلقا واسعا داخل الجاليات المهاجرة في السويد، وتقول منظمات حقوقية إن زيادة الترحيل القسري تثير تساؤلات حول ظروف التنفيذ، وإمكانية حصول المبعدين على ضمانات قانونية كافية، بينما ترى الحكومة أن الإجراءات قائمة على القانون وتهدف إلى تعزيز الأمن والنظام.
وتشير شهادات مهاجرين إلى أن الضغوط النفسية تتزايد على العائلات التي تعيش بانتظار البت في ملفاتها، حيث أصبحت احتمالات الإبعاد أكبر مقارنة بالسنوات السابقة.
ملف الهجرة بين التشدد وواقع الأزمات
يبدو المشهد في السويد اليوم واقعا يتأرجح بين الحاجة إلى ضبط تدفق المهاجرين وبين مسؤولية حماية الفئات الأكثر هشاشة، وبينما تؤكد الحكومة التزامها بالقوانين الدولية، تستمر المنظمات الإنسانية في التحذير من آثار الترحيل على حياة المبعدين، خصوصا العائلات التي قد تجد نفسها في بيئات غير آمنة أو تفتقر إلى الدعم.
اعتمدت السويد طوال عقدين سياسة لجوء تعد من الأكثر انفتاحا في أوروبا، ما جعلها وجهة رئيسية لعشرات الآلاف من اللاجئين، خصوصا بعد عام 2015، إلا أن التحولات السياسية وصعود تيارات تدعو إلى التشدد، إضافة إلى ضغوط اقتصادية، دفعت البلاد إلى مراجعة قوانين الإقامة واللجوء، وشمل ذلك تقليص فرص لم الشمل، والتشديد في مراقبة الإقامات المؤقتة، وزيادة عمليات التفتيش والترحيل.
وتعد شرطة الحدود جزءا أساسيا من هذه المنظومة، حيث تتولى تنفيذ قرارات الإبعاد الصادرة عن وكالة الهجرة أو المحاكم، وتشير تقديرات رسمية إلى أن عشرات الآلاف من المقيمين بصفة غير قانونية ما زالوا داخل البلاد، ما يدفع الحكومة إلى تعزيز عمليات الملاحقة والترحيل.










