تحويل البيانات الشخصية لأداة ترحيل.. تعاون TSA وICE يثير جدلاً حقوقياً في أمريكا
تحويل البيانات الشخصية لأداة ترحيل.. تعاون TSA وICE يثير جدلاً حقوقياً في أمريكا
أصدرت إدارة ترامب تعليمات لإدارة أمن النقل (TSA) بتزويد إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بأسماء جميع المسافرين جواً، وفقاً لما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز".
زودت إدارة أمن النقل سلطات الهجرة بقوائم المسافرين عدة مرات أسبوعياً، ما أتاح لـICE مطابقة هذه القوائم مع قاعدة بياناتها الخاصة بالأشخاص المطلوب ترحيلهم، وإرسال عناصرها إلى المطارات لاحتجازهم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) أن 75% من الحالات في منطقته، التي رصد فيها البرنامج أسماء أشخاص مشبوهين، أسفرت عن اعتقالات، وشكلت هذه السياسة الجديدة توسعاً كبيراً في استخدام البيانات لتحديد هوية المسافرين، بما يتجاوز التدقيق التقليدي لأمن الطيران.
بدأ التعاون بين TSA وICE بهدوء في مارس، وفقاً للوثائق، ليصبح أداة رئيسية في تعزيز أكبر حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة.
أكدت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، أن الرسالة واضحة للمقيمين في البلاد بصورة غير قانونية: "السبب الوحيد الذي يدفعكم للسفر جواً هو الترحيل الذاتي إلى بلادكم".
استخدمت شركات الطيران بيانات الركاب بعد حجز الرحلات، ومقارنتها بقواعد بيانات الأمن القومي، بما في ذلك قاعدة بيانات فحص الإرهاب، والتي تتضمن أسماء الأفراد المدرجين على قائمة مراقبة الإرهابيين المعروفين أو المشتبه بهم.
وأوضح مسؤول سابق في إدارة أمن النقل (TSA) أن الوكالة لم تكن تتدخل سابقاً في قضايا الهجرة الداخلية، ما يجعل توسع الشراكة الحالية محل قلق حقوقي.
أثر البرنامج في المسافرين
حذرت المسؤولة السابقة في إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) خلال إدارة بايدن، كلير تريكلر-ماكنولتي، من أن زيادة عدد الضباط الذين يجرون عمليات اعتقال في المطارات يزيد الضغط على النظام، وقد يُزعج التأخيرات بعض المسافرين ويخيفهم، ويُحجم أولئك الذين يشعرون بعدم اليقين بشأن وضعهم عن السفر، ما يقلص مساحة الأمان المتاحة لهم أثناء قضاء شؤونهم.
وأضافت الوثائق أن حملة تكثيف إنفاذ القانون داخل وزارة الأمن الداخلي، التي تضم كلاً من ICE وTSA، تهدف إلى إجراء 3000 عملية اعتقال تتعلق بالهجرة يومياً، وفقاً لما طرحه ستيفن ميلر، المسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض.
وقال نائب رئيس مكتب إدارة الهجرة والجمارك السابق في مدينة نيويورك، سكوت ميتشكوفسكي، إن "الإدارة حوّلت السفر الروتيني إلى أداة فعّالة لترحيل المهاجرين، ما يُتيح تحديد آلاف الأشخاص الذين ظنوا أنهم يمكنهم التهرّب من القانون بمجرد ركوب الطائرة"، وأوضح أن الهدف لا يتعلق بالخوف فقط، بل باستعادة النظام وضمان معرفة كل أمريكي بأن حكومته تطبق قوانينها دون اعتذار.
واستفادت إدارة الهجرة من المطار كونه موقع فحص للأهداف المحتملة، بما في ذلك البحث عن أسلحة، وأصبح بإمكان البرنامج اعتقال الأشخاص الذين تم رصدهم بسرعة، كما حدث مع الطالبة الجامعية آني لوسيا لوبيز بيلوزا، التي أُلقي القبض عليها في مطار لوغان الدولي ببوسطن في 20 نوفمبر ورُحّلت إلى هندوراس بعد يومين.
التداعيات الإنسانية
أوضح التقرير أن لوبيز، البالغة 19 عاماً، صدرت بحقها سابقاً أوامر ترحيل عام 2018، لكنها لم تكن على علم بها، وواصلت حياتها بشكل طبيعي، وكانت تدرس إدارة الأعمال في كلية بابسون.
وعند وصولها لمطار بوسطن للتوجه إلى تكساس، واجهت مشكلات عند بوابة الصعود للطائرة، ما أدى إلى احتجازها على الفور من قبل عملاء الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.
تذكرت لوبيز لحظة الاحتجاز، قائلة: "قال لي: حسناً، ستأتين معنا.. ستملئين الكثير من الأوراق"، وأضافت أن الإجراء جاء بشكل مفاجئ، في حين كانت تخطط لقضاء عيد الشكر مع عائلتها.
انتقادات حقوقية
انتقدت المديرة الأولى للدفاع عن اللاجئين في منظمة "هيومن رايتس فيرست"، روبين بارنارد، البرنامج معتبرة أنه "محاولة أخرى لترهيب المجتمعات ومعاقبتها، وستجعل الناس يخشون مغادرة منازلهم خوفاً من الاعتقال التعسفي والاختفاء قبل أن تتاح لهم فرصة الطعن في الاعتقال".
أظهرت الوثائق أن مكتب "مركز الاستجابة لإنفاذ القانون في المحيط الهادئ"، في كاليفورنيا، يلعب دوراً محورياً في البرنامج، ويرسل معلومات إلى ضباط الهجرة في جميع أنحاء البلاد وطلبات للسجون المحلية لاحتجاز المهاجرين، ما يعكس آلية متقدمة لتنفيذ الاعتقالات بسرعة.
أوضح المسؤول السابق رفيع المستوى في ICE أن البرنامج فعال لأنه يسمح بترحيل الموقوفين بسرعة، إلا أن تأثيراته الاجتماعية والحقوقية مثيرة للجدل، حيث أثار اعتقال لوبيز وامرأة أخرى من السلفادور، مارتا بريزيدا ريندروس ليفا في مطار سولت ليك سيتي، انتقادات واسعة بسبب طريقة التنفيذ، بما في ذلك تسجيل فيديو لاحتجازها أثناء صراخها.
حاولت إدارة ترامب استغلال قواعد بيانات أخرى لتعقب المهاجرين، بما في ذلك مصلحة الضرائب الأمريكية، التي وافقت على تسليم عناوين المهاجرين إلى ICE، لكن محكمة فيدرالية أوقفت هذا المسعى في نوفمبر.
وأوضح تقرير لمجلة "بيبول" الأمريكية أن الشراكة بين TSA وICE تُستخدم لضمان عدم تمكن المهاجرين المقيمين بصورة غير قانونية من السفر إلا إذا كان ذلك يعني مغادرة البلاد طواعية.
وذكرت لوبيز أنها تفتقد الذهاب إلى الكنيسة مع عائلتها، والتسوق، وطعام والدتها، وتسعى لإيجاد طريقة للانتقال إلى جامعة أخرى في هندوراس، ما يعكس التأثير النفسي والاجتماعي للسياسات الجديدة في حياة المهاجرين.
يظهر ذلك أن تحويل السفر الروتيني إلى أداة لترحيل المهاجرين يشكل انتهاكاً ضمنياً لحقوق التنقل والأمان الشخصي، ويثير تساؤلات حول مدى احترام حقوق الإنسان الأساسية في سياسات الهجرة الأمريكية الحالية، خاصةً فيما يتعلق بالاحتجاز التعسفي والمراقبة المكثفة للمسافرين.











