"خضير".. مزارع فلسطيني تكرمه "فاو" كأحد أبطال تعزيز الأمن الغذائي (صور)

"خضير".. مزارع فلسطيني تكرمه "فاو" كأحد أبطال تعزيز الأمن الغذائي (صور)
محمد خضير

وراء جميع الأغذية التي نستهلكها، هناك دائماً من قام بإنتاجها أو زراعتها أو حصادها أو صيدها أو تخزينها ونقلها، ومع اقتراب يوم الأغذية العالمي الموافق 16 أكتوبر، تكرم منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أبطال الأغذية الذين يواصلون، مهما كانت الظروف، توفير الأغذية لمجتمعاتهم المحلية وخارجها، من دون ترك أي أحد يتخلف الركب.

وألقى تقرير نشره الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعة الفاو، الضوء على مزارع فلسطيني استخدم الدعم الاستثماري الذي قدِم له لإفادة مجتمعه المحلي:

قبل ثلاث سنوات، لم يتوقع المزارع الفلسطيني محمد جعفر إدريس خضير، البالغ من العمر 34 عاماً، أنه سيتبوأ دوراً محورياً في الأمن الغذائي لمجتمعه المحلي، فهو يؤدي نفس العملية الزراعية في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة منذ عقدين من الزمن ولم يكن لديه أمل كبير في توسيع عمله التجاري.

ترك "خضير" مقاعد الدراسة في عام 2002 ليلتحق بوالده في المزرعة من أجل المساعدة في تغطية نفقات الأسرة، ومع أنه تمكن من كسب عيش متواضع من إنتاج البطاطا والجزر لنفسه وزوجته وأطفاله الثلاثة ووالديه، إلا أن استقلاليته في العمل كانت حلماً بعيداً.

 

https://jusoorpost.com/public/uploads/%D8%AE%D8%B6%D9%8A%D8%B12.jpg

 

وشكل انعدام وجود معدات تخزين المحاصيل وحفظها مشكلة حاسمة بالنسبة إلى "خضير"، حاله حال جميع المزارعين في هذه المنطقة، وهو ما أجبره وغيره من المزارعين المحليين على المسارعة في بيع إنتاجهم إلى التجار قبل فسادها، ونتيجة لذلك، كانت السوق المحلية تنغمر بالعرض في الأسابيع التي تلي موسم الحصاد، وكان على محمد وآخرين قبول أسعار مخفضة بشكل هائل لمحاصيلهم.

ومن دون التخزين، كانوا عاجزين عن ضبط مبيعات المحاصيل على مدار السنة، وفي الفترة من أغسطس إلى نوفمبر، عندما تضاءل المحصول المتبقي من المحاصيل الأساسية مثل البطاطا، ارتفعت أسعارها بشكل كبير، وأصبح الكثير من السكان غير قادرين على شراء هذه السلع الأساسية، وهو ما أفضى إلى اشتداد خطر انعدام أمنهم الغذائي.

ووفقاً للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، يعاني ما يقارب 1.5 ملايين شخص في غزة، أو نحو 60% من الأسر، من انعدام الأمن الغذائي المعتدل إلى الشديد.

 

https://jusoorpost.com/public/uploads/%D8%AE%D8%B6%D9%8A%D8%B11.jpg

 

وبهدف معالجة القضايا اللوجستية التي تعيق الإنتاجية والأمن الغذائي، عمل برنامج تطوير الأعمال الزراعية متعدد الجهات المانحة (MAP) التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في قطاع غزة على تعزيز الأعمال التجارية للمزارعين والتعاونيات التابعة لها، وبناء القدرات الإنتاجية لمزارعهم وتيسير وصولهم إلى الأسواق.

وفي إطار هذا البرنامج، تقدم المنظمة دعماً على مستوى الاستثمارات لرواد الأعمال الريفيين الذين تبدي أعمالهم التجارية إمكانات قوية للشمول الاجتماعي والاستدامة البيئية، سعياً إلى تحقيق هدف نهائي يتمثل في مساعدتهم على تحقيق إيرادات موثوقة.

ويجري تنفيذ البرنامج بالشراكة مع وزارة الزراعة الفلسطينية وبتمويل يزيد على 30 مليون دولار أمريكي من الدنمارك والاتحاد الأوروبي وهولندا وسويسرا وإسبانيا.

وفي عام 2018، قرر "خضير" التقدم إلى البرنامج وتم اختياره بعد عملية تنافسية قائمة على الجدارة، وقد أصبح واحداً من نحو 400 مستفيد في الضفة الغربية وقطاع غزة ممن يتلقون الدعم الاستثماري عن طريق البرنامج.

في عام 2020، قدمت المنظمة التمويل لـ"خضير" لشراء نظام لحفظ محاصيله وتخزينها، وشمل ذلك وحدة تبريد تبلغ مساحتها 720 متراً مكعباً ورافعة شوكية وحاويات لتخزين الخضار، وكلها موجودة في غرفة واقية فولاذية مساحتها 310 أمتار مربعة.

أوضح "خضير" قائلا: “كنت أزرع 20 دونماً من البطاطا، أما الآن فأنا أزرع 100 دونم دون خوف من بيعها بسعر أقل لأنني أستطيع تخزينها وبيعها بناءً على احتياجات السوق والأسعار”.

 

https://jusoorpost.com/public/uploads/%D8%AE%D8%B6%D9%8A%D8%B1%203.jpg

 

ويقول "خضير" إنه ضاعف إيراداته السنوية ثلاث مرات منذ حصوله على دعم البرنامج، كما قام أيضاً بتوسيع عملياته من خلال زراعة محاصيل جديدة منها 40 دونماً من الفراولة.

ومكنت الأرباح الإضافية "خضير" أيضا من شراء مدخلات زراعية أفضل، مثل البذور والأسمدة بشكل نقدي، بدلاً من تراكم الديون طويلة الأجل.

والآن، تسير طموحاته التجارية على قدم وساق مع التزامه بتقدير المنظمة على دعمها لمجتمعه المحلي، على سبيل المثال، فهو يستفيد من قدرته على تخزين إمدادات المحاصيل الأساسية لمدة أطول من أجل التعويض عن الندرة بين فترات المحاصيل وإبقاء الأسعار تحت السيطرة.

ويقول "خضير": "عندما يكون هناك نقص في العرض، تحصل زيادة في الأسعار ولا يمكن للناس شراء المحاصيل باهظة الثمن، ولذلك نقوم بتزويد البطاطا عندما يكون هناك نقص، وهذا ما يحافظ على سعر معقول للبطاطا".

وتمكن "خضير" أيضاً مع تطوير عملياته وتوفير فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها وسط اقتصاد محلي تتجاوز فيه البطالة نسبة 40%، ويعمل معه الآن أربعة أشخاص يعملون بدوام كامل على مدار السنة، وهناك أيضاً ما يصل إلى 50 عاملاً موسمياً أثناء الزراعة والحصاد.

وبفضل الدعم الاستثماري الذي تقدمه الفاو، يقول "خضير" إنه يشعر بالالتزام الشخصي متجدداً في عمله، وأضاف: “أستيقظ باكراً للذهاب إلى المزرعة من أجل مراقبة الموظفين والمزارعين والتحقق من ثلاجة التخزين وتقديم التعليمات والنصائح اللازمة لعمال المزرعة”.

وفيما يتطلع إلى المستقبل، يحلم "خضير" بتوسيع أعماله بشكل أكبر من خلال شراء ألواح الطاقة الشمسية لخفض تكاليف الكهرباء ومركبة لنقل المحاصيل إلى الأسواق بنفسه، وقال إنه يأمل في يوم من الأيام أن تُسَهل إجراءات تصدير البضائع واستيراد المدخلات من وإلى غزة، مما يجعل الوضع المحلي أكثر ملاءمة لأمثاله الذين يكسبون عيشهم من الزراعة.

وتندرج خطة البرنامج في إطار الجهود الأوسع التي تبذلها "الفاو" لزيادة القدرة التنافسية لسلاسل القيمة الغذائية الزراعية في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال تعزيز وصول المنتجين إلى المدخلات والبنية التحتية والتكنولوجيا.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية