اقتربت قمّة المناخ.. أين غريتا السويدية؟

اقتربت قمّة المناخ.. أين غريتا السويدية؟

اقترب موعد مؤتمر المناخ الدولي الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية الساحلية بداية من 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهي الدورة رقم 27 لهذا التجمع الدولي الكبير من أجل قضية شاملة هي قضية المناخ.
تذكرت فوراً الفتاة السويدية غريتا تونبرغ، فهي واجهة وأيقونة هذه القضية، بدعم حارّ من الميديا الليبرالية العالمية... ماذا جرى لها وأين هي وهل ستحضر لقمة شرم الشيخ على قارب يعمل بالأشرعة الهوائية، كما قيل لنا مرة إنها فعلت ذلك قبل أن تصل إلى إسبانيا آتية من المحيط الأطلسي؟
(بي بي سي) البريطانية لم تخيّب أملنا، وقابلت الفتاة التي صار عمرها اليوم 19 عاماً، أمدّ الله في عمرها ممتعة بصحتها وجسدها وعقلها، وأعلنت أنها لن تحضر قمة شرم الشيخ، فهناك من سيفي بالغرض غيرها.
ثم قالت الناشطة السويدية إنها لن تعمل في السياسة لأنها «سامّة» للغاية.
أظن هذا التصريح منها يعبّر عن تطور ما في وعيها الذي ما زال ينمو مثل أي إنسان في هذا العمر، ولست أشك أنها قبل خمس أو أربع سنوات، كانت نقية الدوافع بريئة الفكر، كأي صبية صغيرة، مثلما نرى اليوم من مقاطع فيديو لبعض المراهقين والمراهقات وهم يعترضون طرق السيارات مستلقين على الشارع أو يسكبون زجاجات الحليب في المتاجر، فهم يعتقدون أنهم يغيرون العالم برسالة نبيلة جريئة تحتاج إلى شجاعة العمل والتضحية... وكما جاء في الأثر النبوي: «يعجب ربّك لشاب ليست له صبوة»!
تركت الصبية تونبرغ المدرسة في عام 2018 لتؤسس حركة دولية لمكافحة تغيّر المناخ... كان ذلك قبل سنوات قليلة، وتم إحضارها في المنتديات الدولية والقمم العالمية، في حرق سياسي انتهازي لطفولتها، لكنها اليوم تقول لـ(بي بي سي) إنها:
«لم تفكر قط في أن تصبح وجهاً لحركة عالمية».
وقالت عن ذلك: «إنها مسؤولية كبيرة للغاية. في بعض الأحيان يمكنني أن أشعر بالانهيار».
وتضيف بصراحة: «أودّ القول إنه إذا كنتم تعتقدون أن كل الأمل في العالم يقع على كاهل المراهقين المنهكين، فهذا ليس شيئاً جيداً على الإطلاق».
يبدو أن الثلاث سنوات التي زادها عمر غريتا غيّرت فيها قليلاً وجعلتها تدرك أنها في النهاية مجرد فتاة تحمل فكرة، نعم، لكنها إنسانة، تريد تجربة الحياة كلها.
قالت تونبرغ لمحرر شؤون الإعلام في (بي بي سي)، أمول راجان: «أكثر ما يزعجني هو عندما يقول الناس أكاذيب حولي. عندما يكذب الآخرون بشأني فإنني أود أن أقول لهم: لا، لا تفعلوا ذلك».
نتذكر كيف استخدمت، غريتا تونبرغ، خطابها في مؤتمر للشباب في ميلانو، في سبتمبر (أيلول) 2021 للسخرية من كلمات قادة العالم، واصفة كلماتهم وبرامجهم بـ«الكلمات والوعود الفارغة» للسياسيين.
وبعد... قضية المناخ، كقضية حقوق الإنسان وتمكين المرأة وحقوق الحيوانات وحماية الأقليات وغير ذلك من العناوين العالمية الغربية، قضايا عادلة ومحقّة، شريطة ألا تكون سلعة تباع وتشترى في سوق الألعاب السياسية... وعمراً جميلاً وتجربة غنية لكِ في المستقبل عزيزتي غريتا.


نقلا عن “الشرق الأوسط”


كاتب المقال: مشاري الذايدي صحفي وكاتب سعودي



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية