ارتفاع كلفة المعيشة محور رئيسي في انتخابات إسرائيل المقبلة

ارتفاع كلفة المعيشة محور رئيسي في انتخابات إسرائيل المقبلة
احتجاجات على ارتفاع كلفة المعيشة في اسرائيل

قرّرت تاليا أن تقصد محلا تجاريا ذا أسعار مخفضة في إحدى ضواحي القدس، حيث بدت بشعرها المكشوف والوشم على ذراعها في غير مكانها، إذ ترتاده عادة نساء بملابس محتشمة من اليهود الأرثوذكس، لشراء أغراض منزلها.

وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، تقول الممرضة تاليا (32 عاما) رافضة ذكر اسمها الكامل، "ليس لدى خيار آخر"، مشيرة إلى الصعوبات التي تواجهها مع عائلتها لتوفير الحاجات الأساسية مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في إسرائيل.

وتقول “تاليا”، إنها وزوجها الذي يعمل في تصليح الأجهزة المنزلية الإلكترونية "يعملان بجنون"، ويأخذان مناوبات ليلية ويعملان في عطل نهاية الأسبوع، ومع ذلك تخشى أحيانا عدم إمكان تأمين ما يكفي من المال لإطعام طفليهما.

وتضيف بشيء من الإحباط بينما ملأت عربة التسوق التي تجرها بأكياس من المعكرونة، "لم يعد في إمكاني التحمّل".

ويعاني الإسرائيليون منذ سنوات من ارتفاع متزايد في الأسعار، ولم يستفيدوا بشكل كافٍ من نمو اقتصادي سريع تحقّق بفضل فورة في صناعة التكنولوجيا.

العام الماضي، صنّفت مجلة "إيكونوميست" مدينة تل أبيب الساحلية الأغلى في العالم، مع غضب واسع بين سكانها بسبب ارتفاع كلفة المعيشة والمداخيل المتفاوتة.

الثلاثاء المقبل، يتوجّه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع للمرة الخامسة منذ عام 2019.

في معظم دول العالم، يلعب الاقتصاد دورا محوريا في نتائج الانتخابات، لكن في إسرائيل، يرتكز التصويت على الانتماء العرقي والديني والموقف من النزاع مع الفلسطينيين.

لكن هذه المرة، يركّز المرشحون البارزون، لا سيما منهم رئيس الوزراء الحالي يائير لبيد والأسبق بنيامين نتانياهو، في حملاتهم الانتخابية على الرسائل الاقتصادية، ووعد كلاهما بمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وبلغ معدّل التضخم في الدولة العبرية هذا الشهر 4,6 في المئة، وهي أعلى نسبة تسجل منذ عقد، وفقا لأرقام المكتب المركزي للإحصاء.

توقفنا عن الشراء

ويقول رجل الأعمال الإسرائيلي رامي ليفي، صاحب سلسلة محلات سوبر ماركت شهيرة تحمل اسمه، إن مبيعاته ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 15 في المئة، لأنها مخفضة الأسعار، فيما تزايدت رغبة أصحاب الدخل المتوسط في الحصول على طعام بأسعار أدنى.

ويقول ليفي الذي تنتشر متاجره في أنحاء إسرائيل وفي مستوطنات الضفة الغربية، "مع ارتفاع الأسعار، أصبح الناس الذين اعتادوا التسوّق من المحال القريبة من منازلهم يأتون إلى هنا لأنهم يعرفون أن الأسعار أقلّ".

كانت إييليت بنشوشان بين المتسوقين الذين يتجولون في ممرات المتجر، الذي توزعت في أنحائه لافتات ملونة تشير إلى خصومات على أسعار الخيار واللحوم وعلب التونة.

وتقول الأم لخمسة أطفال، "لطالما كنا حريصين، لكن اليوم توقفنا ببساطة عن شراء بعض الأشياء".

وتوضح أنها توقفت عن شراء "الحلوى والمقرمشات وبعض رقائق الذرة التي يزيد سعر الرزمة منها على 20 شيكلا (حوالي 6 دولارات)".

وتقول، "أصنع مزيدا من الأطباق في المنزل، لا سيما الخبز والكعك لتجنب شرائها".

تخطي وجبات

ويشير الأستاذ في كلية الصحة العامة في الجامعة العبرية في القدس آرون تروين، إلى أن عائلات الطبقة المتوسطة تواجه ضغوطا لتحقيق الأمن الغذائي، وأن الغذاء الصحي أصبح صعب المنال.

ويتمثّل الأمن الغذائي، وفق تعريف الأمم المتحدة، في "الوصول المنتظم إلى طعام آمن ومغذّ".

ويضيف، "عندما يكون هناك تضخّم سريع في أسعار المواد الغذائية لا تواكبه الأجور، تضطر الطبقة الوسطى إلى إنفاق المزيد، ليس فقط على الطعام لا بل على الإيجارات والنقل والغاز والتعليم".

ويشير تروين إلى "صعوبة في الحصول على الغذاء الصحي" يواجهها العديد من العائلات.

ويؤكد أن الناس "يبدؤون في تغيير نمط غذائهم ونوعيته ثم يقللون عدد الوجبات، ويركزون على إطعام أطفالهم فقط".

وتقدّر مؤسسة الضمان الاجتماعي الإسرائيلي أن أكثر من 20 في المئة من السكان عانوا في عام 2021 من انعدام الأمن الغذائي.

لكن منظمة "لاتيت" الإسرائيلية للإغاثة الإنسانية والتي تنشط من أجل الحدّ من الفقر، تقول إن النسبة الأعلى تصل إلى 30 في المئة.

وقبل أيام من الانتخابات، يعرب بنشوشان عن أمله في أن يركّز السياسيون على مشاكل الطبقة الوسطى.

ويضيف، "أودّ أن يفكروا بنا، نحن مواطنون عاديون، نعمل بجدّ ولم ترتفع رواتبنا، لدينا أطفال، وندفع ضرائب، أدينا الخدمة المدنية أو العسكرية".

ويتابع، "نحن نستحق حياة أبسط.. نحن الطبقة الوسطى التي بدأت فعلا في الانهيار، آمل أن يستمعوا لنا".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية