خبير سياسي: منع المياه وإمدادات الغذاء والدواء عن قطاع غزة "جريمة حرب"
في تصريحات لـ"جسور بوست" ..
من أجل كِسرة خبز وجرعة ماء.. يخوض الفلسطينيون حربا في ساحة لا تعرف الرحمة بالضعفاء ولا تستخدم البنادق أو الصواريخ، ورغم ذلك فهي الأكثر شراسة، لأنها معركة الجوع والظمأ.
وعبرت الهجمات بين القوات الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسبوعها الأول على أجساد آلاف المدنيين، مخلفة حالة دمار شامل في قطاع غزة.
وبحسب مراسلي وكالات أنباء دولية في غزة، فإن سكان القطاع يعانون من نقص شديد في المياه وشح في المواد الغذائية، إذ توفر بعض المحطات المياه على فترات متباعدة وكميات ضئيلة للغاية.
وأضافوا أن توفير المياه بات قاصرا على وسط المدينة، دون أطراف المدن أو المناطق النائية، والتي يقطن بها عدد كبير من الفلسطينيين، كما أن المياه غير صالحة للشرب لأنه تمت معالجتها بشكل سريع وبتقنيات بدائية.
ورصد إعلاميون احتشاد آلاف الفلسطينيين في باحات وطرقات مجمع الشفاء الطبي (غربي القطاع)، إذ يعانون من نقص حاد في وسائل النظافة والمياه والغذاء.
وتنص المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية، على أنه "يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال، ومن ثم يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، ومثلها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري".
كما تنص القاعدة رقم "54" من قواعد بيانات القانون الدولي الإنساني، على أن "تُحظر مهاجمة الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين أو تدميرها أو نقلها أو تعطيلها".
وقواعد بيانات القانون الدولي الإنساني، تتألف من الوثائق المتعلقة بقواعد القانون الدولي الإنساني المنصوص عليها في القانون التعاهدي والقانون العرفي وتطبيقها وتنفيذها وتفسيرها.
نداءات دولية
بدوره اعترف منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارتن غريفيث، بعدم وجود كهرباء أو مياه أو وقود في قطاع غزة، قائلا "وصلت إمدادات الغذاء إلى مستويات متدنية تنذر بالخطر".
وقال غريفيث: "تتعرض المنازل والمدارس ومراكز الإيواء والمراكز الصحية وأماكن العبادة لقصف مكثف، ومُسحت أحياء سكنية بأكملها عن وجه الأرض، وقُتل عاملون في مجال تقديم المعونات".
ودعا غريفيث إلى ضرورة السماح بوصول الإمدادات والخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية دون عوائق، ومعاملة من وقعوا في الأسر بشكل إنساني، وإطلاق سراح جميع الرهائن.
كما أبدى المسؤول الأممي الجزع الشديد والرفض للإجراءات التي اتخذتها الأطراف وخطابها على مدى الأيام الماضية، قائلا: "حتى الحروب لها قواعد، ويجب الحفاظ عليها والالتزام بها من جميع الأطراف وفي جميع الأوقات".
ولا تزال عشرات الشاحنات التي تنقل مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر تصطف أمام معبر رفح الحدودي بشمال شرق مصر المغلق مؤقتاً.
واشترطت السلطات المصرية وصول مساعدات الإغاثة إلى غزة قبل السماح للأجانب الموجودين في القطاع المحاصر بالخروج منه عبر المعبر.
كما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الأحد، أن نحو مليون شخص نزحوا في القطاع خلال الأسبوع الأول من التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس.
ومن جانبه وصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، منع الغذاء والمياه والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية عن قطاع غزة بـ"جريمة حرب".
وقال الصفدي، خلال لقائه مع نظيره الإيطالي أنتونيو تياني في عمان، إن منع إمدادات الغذاء والمياه ومقومات الحياة هي جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة، وخرق للقانون الدولي.
كما دعا إلى وقف الكارثة الإنسانية التي يعانيها القطاع المحاصر، وإيصال المساعدات الإنسانية لشيوخ وأطفال ونساء غزة، لا سيما أنها مسؤولية دولية أخلاقية وقانونية جماعية.
جريمة حرب
بدوره قال الخبير المقرب من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سمير غطاس، إن قطع إمدادات الغذاء والمياه والدواء عن قطاع غزة هو جريمة حرب لا ريبة فيها وبمثابة إصدار حكم بإعدام الشعب الفلسطيني.
وأوضح غطاس في تصريح خاص لـ"جسور بوست"، أن القوات الإسرائيلية بهذا القصف والاجتياح العسكري الكارثي لا تعاقب حركة حماس، بل تعاقب الشعب الفلسطيني بأكمله.
وأضاف: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجرم حرب، ويسعى لقتل الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، لرغبته في توطين سكان قطاع غزة في سيناء المصرية".
والخميس الماضي، تعرض نتنياهو إلى شتائم من أحد ضباط الاحتياط خلال زيارته قاعدة عسكرية، في بادرة كشفت حجم الضغوط والامتعاض من رئيس الوزراء الإسرائيلي، ما دفعه إلى التخلي عن خطابه المقرر أمام الجنود.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إن أحد الضابط صاح في وجه نتنياهو ووصفه بأنه "كذاب" ويساوي "صفرا" وعبارات أخرى مهينة، الأمر الذي أجبره على عدم إلقاء خطاب حول تقييم الوضع الأمني في ظل التصعيد مع حماس في قطاع غزة.
وفي فجر 7 أكتوبر الجاري، أطلقت حركة حماس، عملية مباغتة ضد إسرائيل بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية عدة، وتنفيذ عمليات تسلل في محيط قطاع غزة، في ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية حربا ضد دولتها تستدعي الرد بغارات جوية على القطاع.