طالبان.. الشريعة وحقوق الإنسان

طالبان.. الشريعة وحقوق الإنسان

في أغسطس المقبل تُكمِل طالبان ثلاثة أعوام في سيطرتها على الحكم، بعد الانسحاب الأميركي الدراماتيكي والمفاجئ في الخامس عشر من أغسطس 2021 وسيطرة طالبان خلال ساعات على الحكم على كامل أرجاء أفغانستان.
طالبان تريد أن تكون أفغانستان دولة بمقاييسها الخاصة، وفي الوقت نفسه تريد أن تكون ضمن النظام الدولي! لكنها تكتشف يوماً بعد يوم أنها تصبح أبعد عن العالم وكأنها دولة من كوكب آخر وخصوصاً أن دول العالم ترفض الاعتراف بها أو إقامة علاقات رسمية معها، وبالتالي طالبان تبحث عن الحلول الممكنة لكنها تبدو بعيدة وخصوصاً على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
أما في مجال حقوق الإنسان فهي أيضاً تحت المجهر الدولي وخصوصاً أن كثيراً من قراراتها منذ استلامها السلطة إلى اليوم تتعارض مع مواثيق وأسس حقوق الإنسان الدولية، ورغم الانتقادات الكثيرة التي وجّهت إليها فإنها متمسكة بقراراتها لدرجة أن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد رفض في أبريل الماضي الانتقادات التي وجهها تقرير وزارة الخارجية الأميركية لوضع حقوق الإنسان "المتدهور"، وقال ذبيح الله إن انتقاد الولايات المتحدة لسجل بلاده في مجال حقوق الإنسان بلا أساس، مشيراً إلى أن التعريفات الغربية للحقوق لا تنطبق على أفغانستان.. وأكد التزام طالبان "بتطبيق الشريعة الإسلامية".
وما يراه أغلب الشعب الأفغاني أن ممارسات طالبان نابعة من أيدولوجيتها وليس من تعاليم الشريعة الإسلامية التي يمتثل إليها الشعب الأفغاني وخصوصاً في ما يتعلق بتعليم الفتيات وقرار طالبان حرمان النساء والفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي، وحسب فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فإن "مستوى الاضطهاد المروع المُمارَس ضدّ النساء والفتيات الأفغانيات قاسٍ بشكل لا يُحتَمَل؛ فقد شكلت أفغانستان سابقة مدمرة باعتبارها البلد الوحيد في العالم الذي تُحرَم فيه النساء والفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي.
والوضع الحقوقي في أفغانستان بشكل عام صعب على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، حدث تراجع منهجي للقوانين والمؤسسات التي كانت توفر في السابق بعض الحماية لحقوق الإنسان. وقد عُلِّق العمل بالدستور، وأصبحت القوانين تصدر اليوم بمراسيم لا عن طريق عمليات تشاورية.
كما أن العقوبات الجسدية مستمرة وفي تزايد والإعدامات العلنية أصبحت سمة حكم طالبان، فضلاً عن قمع الحريات والتضييق على المؤسسات الإعلامية والتي دُفع العديد منها إلى التوقف عن العمل.
ربما أصبح على طالبان أن تكون قادرة على استقراء الواقع وفهم متطلبات العصر والتي لا تتعارض مع الشريعة والتي تعمل بها الدول الإسلامية بل تؤيدها الشريعة، وعلى رأسها تعليم المرأة واحترام حقوقها وإنسانيتها.



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية