بأربعة شروط يستحيل تحقيقها.. نتنياهو يسعى لإفشال مفاوضات الهدنة

بأربعة شروط يستحيل تحقيقها.. نتنياهو يسعى لإفشال مفاوضات الهدنة

تفاءلت المنظومة الأمنية الإسرائيلية لوهلة بالمضي قدما نحو عقد صفقة، بعدما قدمت حركة حماس الفلسطينية، ردها المحدّث على مقترح بايدن للتهدئة وتبادل الأسرى، وقال وزير الدفاع يؤاف غالانت لعائلات الأسرى، إن الطرفين "أقرب من أي وقت مضى" للتوصل لاتفاق لاستعادة المحتجزين.

يأتي هذا في الوقت الذي ترسل فيه إسرائيل وفدا بقيادة رئيس الموساد دافيد برنياع، اليوم الأربعاء، إلى الدوحة لمناقشة التفاصيل، مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، CIA، ويليام بيرنز، ومسؤولين مصريين وقطريين.

ذلك التفاؤل لم يدم طويلاً حتى أفسده بنيامين نتنياهو ووزراؤه من تيار اليمين المتطرف، حيث سارع رئيس الوزراء لوضع 4 شروط تعجيزية تجعل التوصل لأي اتفاق صعبا للغاية.

شروط نتنياهو

1 - أن تسمح الصفقة لإسرائيل باستئناف الحرب بعد مجرد أسابيع قليلة من وقف القتال واستمرارها حتى القضاء على حماس تماماً.

2 - اشترط عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا أو ممر نتساريم الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه.

3 - رفع عدد الأسرى المطلوب من حماس إطلاق سراحهم في الدفعة الأولى.

4 - تقييد عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة تحت ذرائع أمنية.

وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية، أن نتنياهو وضع هذه الشروط في اللحظات الأخيرة بدون إشراك المنظومة الأمنية أو استشارتهم أو حتى إعلامهم بنواياه، ووزّع هذا الخبر على وسائل الإعلام أثناء اجتماع مع المسؤولين الأمنيين وهو ما قد يعتبر دلالة على رغبته في إفساد المفاوضات التي تستضيفها قطر.

تزامن مع ذلك تقرير لوكالة أسوشيتد برس زعم بأن قادة حماس قدموا تنازلات في المفاوضات بسبب الضغط العسكري عليهم، وهو ما يخدم رواية نتنياهو بشكل هائل. بينما نقلت صحيفة هآرتس عن قادة أحد الفصائل في غزة قوله إن قيادة حماس في الخارج أخبرتهم أن فرص نجاح الاتفاق "ضئيلة".

مقترح بايدن

في شهر مايو الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مقترحاً للتهدئة في غزة من 3 مراحل جاءت كالتالي:

المرحلة الأولى: 

لمدة مؤقتة يتم فيها تبادل عدد من الأسرى ووقف القتال لعدة أسابيع ورفع كمية المساعدات إلى غزة، والسماح بعودة النازحين للشمال.

المرحلة الثانية: 

تبادل الجنود والمدنيين الإسرائيليين في قبضة حماس وإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، ويتم التفاوض على حيثيات تلك المرحلة في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى.

المرحلة الثالثة: 

تشمل تبادل الجثث والبدء بإعادة الإعمار.

وردت حماس على ذلك المقترح في شهر يونيو الماضي، وطلبت ضمانات بأن تلتزم إسرائيل بإيقاف الحرب وألا تقوم بالتلاعب والعودة للقتال بعد انقضاء المرحلة الأولى التي تمتد لـ6 أسابيع.

وطلبت أيضاً انسحاب الجيش الإسرائيلي خلال المرحلة الأولى من محور فيلادلفيا وممر نتساريم والالتزام بعودة جميع النازحين للشمال دون إقامة حواجز تفتيش وفحص أمني.

تعديلات حماس

من جانبها، رفضت إسرائيل تعديلات حماس، وأصرّ نتنياهو، وقتها، على عدم الانسحاب من غزة أو إنهاء الحرب، بينما تنازلت حماس عن مطالبها الأساسية في ردها الأخير المحدث الأسبوع الماضي لتحريك المياه الراكدة.

وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن رد حماس قلّص الفجوة بين الطرفين بشكل كبير للغاية، حيث تنازلت حماس عن شرط الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع خلال المرحلة الأولى.

وتنازلت أيضاً عن شرط الانسحاب من محور فيلادلفيا بين غزة ومصر في المرحلة الأولى، ولكنها اشترطت انسحاب إسرائيل من معبر رفح الذي تم تدميره، وقبلت الحركة أن يتم الانسحاب من المعبر بالتوافق بين إسرائيل ومصر حول من سيدير المنفذ البري الحدودي.

وتخلت حماس أيضاً عن شرط توفير ضمانات مبكرة من المرحلة الأولى بإنهاء الحرب بشكل كامل، وعوضاً عن ذلك طلبت تغيير نص الاتفاق لتكون مفاوضات المرحلة الثانية مقتصرة على أعداد الجنود والأسرى الذين سيتم تبادلهم دون التطرق لمسائل نزع السلاح أو حل جناح حماس المسلح.

واعتبرت المنظومة الأمنية الإسرائيلية رد حماس أمرا إيجابياً، لكنهم أبدوا قلقهم بشكل واضح من أن نتنياهو عازم على إفساد المحادثات مرةً أخرى.

ففي نفس اليوم الذي تسلمت فيه إسرائيل رد حماس وقبل إعلانها عن تسلم الرد، سارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بتصريح مفاجئ على لسان "مصدر أمني" يعلن فيه رفض موقف حماس في مفاوضات التهدئة والقول إن حماس مصممة على وضع شرط يقيد إسرائيل من مواصلة القتال بعد المرحلة الأولى.

رفض نتنياهو

وكشفت القناة 12 الإسرائيلية أن مكتب رئاسة الوزراء لا يوجد فيه أي مصدر أمني، ما يعني أن الرفض جاء من نتنياهو شخصياً، وتضيف أن ذلك الرد فاجأ جميع الأطراف المنخرطة في المفاوضات.

ولتأكيد نواياه السلبية، اتبع نتنياهو ذلك التصريح بفرض شروطه الأربعة التعجيزية التي تضمن استحالة التوصل لأي اتفاق.

ونقلت صحيفة هآرتس عن مصدر قيادي في أحد فصائل غزة قوله إن "نتنياهو يدعم مفاوضات بلا نهاية لكسب الوقت، وأولئك الذين يتوقعون انفراجة يعيشون في وهم". 

وجاء ذلك بعد أن أعلن نتنياهو بدون أي تنسيق مع المنظومة الأمنية شروطه الأربعة الجديدة في اللحظات الأخيرة لإفساد جولة المفاوضات المتوقع انطلاقها، اليوم الأربعاء.

الشرط الأول: وهو الأبرز والذي يضمن استحالة توصل الطرفين لأي تفاهم، حيث إن نتنياهو أعلن تصميمه على أن الهدنة ستكون مؤقتة من أجل إخراج بعض الأسرى ومن ثم العودة للحرب على غزة مجدداً بلا نهاية تحت ذريعة السعي للقضاء على حماس.

الشرط الثاني: استمرار سيطرة إسرائيل على كامل حدود غزة تحت ذريعة "عدم السماح بتهريب السلاح من مصر لغزة".

الشرط الثالث: "عدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال القطاع" وهو ما يعني أن إسرائيل ستستمر في السيطرة على ممر نتساريم ونصب حواجز أمنية وتقييد عدد النازحين المسموح لهم العودة وإخضاعهم للتفتيش والتحقيق واعتقال أي شخص يشتبه في كونه على صلة بحماس.

الشرط الرابع: أن تعمل إسرائيل "على زيادة عدد المختطفين الأحياء الذين سيتم إعادتهم من أسر حماس إلى الحد الأقصى"، وهو ما يخالف الاتفاق السابق الذي حدد إعادة نحو 33 أسيرا في المرحلة الأولى كحد أقصى.

رسائل مسربة

وكشفت وكالة أسوشيتدبرس في تقرير عن رسائل مسربة من قادة عسكريين تابعين لحماس في غزة تحدثوا عن الوضع الصعب ميدانياً، فيما قالت صحيفة معاريف إن هذا التقرير يثبت لأنصار نتنياهو أنه كان محقاً.

ولكن في الوقت نفسه، حماس تنفي ذلك تماماً، حيث قال المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة ليلة الأحد 7 يوليو، إن حماس استطاعت تجنيد آلاف المقاتلين الجدد من الإسناد وإشراكهم في القتال.

وأخبر مصدر أمني إسرائيلي صحيفة معاريف أن الأسرى الإسرائيليين لن يعودوا "لأنه في اللحظة التي سيتم التوصل فيها لاتفاق، ستنهار حكومة نتنياهو على الفور"، فوزيرا المالية والأمن الوطني بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير هددا بالانسحاب من التحالف الحاكم في حال وافق نتنياهو على إيقاف الحرب.

وخلال اجتماع حزب "الصهيونية الدينية" يوم الاثنين الماضي، رفع سموتريش صورة يحيى السنوار قائد حماس في غزة وهو يرفع شارة النصر وقال إنه إذا وافقت إسرائيل على الاتفاق فستكون تلك الصورة أول ما سيخرج من قطاع غزة، في إشارة إلى انتصار حماس.

ولم يتأخر رد نتنياهو على هذا التهديد كثيرا، إذ كشف مقربون من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، أمس الثلاثاء، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق سرا على ضمه إلى المجلس الأمني المصغر لإدارة شؤون الحرب.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية