استخدام AI لحماية الصحفيين
استخدام AI لحماية الصحفيين
على مدى العقود الماضية صدرت قوانين دولية عديدة لحماية الصحفيين أثناء أداء عملهم في مناطق الصراع والكوارث والحروب وتمكينهم من الدفاع عن حقوقهم في زمن السلم وحالات الحرب والنزاعات العسكرية، وتُعد حماية الصحفيين جزءاً من خطة التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030.
ومكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان مكلفٌ بتعزيز وحماية التمتع الفعال بجميع حقوق الإنسان، وحقوق الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام.
كما أن حماية الصحفيين تأتي ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، وضمن العهد الأممي للحقوق المدنية والسياسية، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، وإعلان اليونسكو "حول إسهام وسائل الإعلام في دعم السلام العالمي والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والتحريض على الحرب لعام 1978" يدعم الصحفيين، وكذلك التقرير الخاص للأمم المتحدة حول حرية الرأي والتعبير 1993، وإعلان جوهانسبرغ 2002 للأمن القومي وحرية الوصول للمعلومات جاء ليؤكد الحقوق نفسها، بالإضافة إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان 2004، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان 2010.
بعد أن نستعرض كل تلك القرارات لا بد أن نقتنع بأننا لسنا بحاجة إلى المزيد من القرارات الدولية والمحلية لأنها ببساطة لا تُنفذ، وبعد أن رأينا أن كل من ارتكبوا الجرائم ضد الصحفيين قد فلتوا من العقاب ولم تتم محاسبتهم أو محاكمتهم، أصبح من المهم التفكير في حلول أخرى لحماية الصحفيين وخصوصاً في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم وخصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي واستخدام الروبوتات والدرونز… فمن المهم أن تصل الصورة والمعلومة الحقيقية إلى العالم، ولكن أرواح الصحفيين وحمايتهم لا تقل أهمية عن ذلك، وخصوصاً أن قتل الصحفي لا يعني رحيله فقط وإنما يعني دمار أسرته وأطفاله وإحباط زملائه وأصدقائه فضلا عن طمس الحقيقة، فاستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لحماية الصحفيين في مناطق النزاع يمكن أن يعزز سلامة الصحفيين ويسهم في تحسين جمع المعلومات، ويقلل من المخاطر، وذلك بعدة طرق، منها مثلاً:
تحليل البيانات والتنبؤ بالمخاطر: فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم لتحليل البيانات الضخمة من مصادر متعددة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والتقارير الإخبارية، والاتصالات الميدانية. هذه التحليلات يمكن أن تساعد في التنبؤ بالمخاطر وتحديد مناطق الخطر العالية أو الأوقات التي قد تكون فيها الأوضاع الأمنية في تدهور.
ويمكن عن طريق الذكاء الاصطناعي التعرف على الأنماط والتهديدات: حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التعرف على الأنماط غير العادية أو الخطيرة من خلال مراقبة الاتصالات أو حركة القوات في مناطق النزاع، ما يوفر للصحفيين تحذيرات مبكرة عن تهديدات محتملة.
كما أن استخدام الطائرات بدون طيار أصبح مهماً: فيمكن استخدام الدرونز لجمع المعلومات في الأماكن الخطرة التي قد تكون غير آمنة للصحفيين، كما يمكن للطائرات المجهزة بالكاميرات وأجهزة الاستشعار إرسال بيانات وصور في الوقت الفعلي، وبذلك نحمي المصورين أيضا الذين غالباً ما يكونون الهدف الأهم.
بالإضافة إلى ما سبق نشير إلى التشفير وتأمين الاتصالات: فتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد في تحسين أمان الاتصالات بين الصحفيين وفِرَقهم، فباستخدام تقنيات التشفير المتقدمة والتحقق من الهوية يمكن حماية المعلومات الحساسة التي يتبادلها الصحفيون في الميدان.
إدخال الروبوتات الآلية في العمل الميداني للصحفيين: ففي بعض الحالات، يمكن استخدام الروبوتات لدخول الأماكن الخطرة بدلاً من الصحفيين؛ هذه الروبوتات يمكن أن تكون مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار لجمع المعلومات دون تعريض الصحفيين للخطر.
هذه بعض الأفكار والحلول التكنولوجية التي قد تسهم في تعزيز سلامة الصحفيين أثناء أداء مهامهم في بيئات خطرة، مع تقليل المخاطر التي قد يواجهونها، وأعتقد أن العاملين في المجال التقني يستطيعون أن يقدموا أفكاراً إضافية لحماية الصحفيين، وفي المقابل على المؤسسات الدولية المعنية بحماية الصحفيين، وعلى رأسها الأمم المتحدة واليونسكو، تبني هذه الأفكار لتتحقق على أرض الواقع.