«الإيكونوميست»: «ترامبونوميكس» تهدد تدفقات التجارة العالمية والهجرة الدولية
«الإيكونوميست»: «ترامبونوميكس» تهدد تدفقات التجارة العالمية والهجرة الدولية
شهدت أروقة غرف اجتماعات الشركات والبعثات الدبلوماسية على مدار الأسبوع الماضي نقاشات متواصلة حول فوز دونالد ترامب والحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية، حيث جاء هذا الفوز بمثابة تفويض قوي لرئيس يتبنى سياسات اقتصادية غير تقليدية أو ما يسمى بـ"ترامبونوميكس" وأساليب تفاوضية حادة.
ووفقا لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية، تسارع قيادات العالم لتحليل ما قد يحمله هذا التحول من تبعات على الاقتصاد العالمي وعلى مستقبل العلاقات الدولية.
وتنعكس أي تغييرات في سياسات الولايات المتحدة الاقتصادية سريعًا على بقية العالم، وذلك لكونها أكبر اقتصاد عالمي ومصدرًا للعملة الاحتياطية الدولية، ومع تولي ترامب منصبه، تعهد بإعادة صياغة قواعد الاقتصاد الأمريكي، بدءًا من التجارة وتنظيم الأسواق، وصولًا إلى الهجرة، وقد تؤدي هذه السياسات إلى إعادة رسم تدفقات السلع ورأس المال والعمالة، مما يضع دولًا وشركات أمام تحديات كبرى.
التعريفة الجمركية
أثار ترامب جدلًا واسعًا حول التجارة الحرة، حيث وصفها بأنها أداة تؤذي الاقتصاد الأمريكي، وصرح في أكتوبر الماضي بأن "التعريفة الجمركية" هي الأداة الأفضل لحماية المصالح الوطنية.
ووفقًا لمقترحاته، فإن فرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و20% قد يكون جزءًا من استراتيجيته، مع إمكانية تصعيد النسب ضد دول بعينها.
وتسجل هذه التعريفات أكبر ارتفاع لها منذ ثلاثينيات القرن الماضي إذا تم تطبيقها بالكامل، ورغم أن مستشاريه يشيرون إلى أن التنفيذ قد يكون جزئيًا لتجنب صدمات كبيرة للأسواق، فإن أي خطوة بهذا الاتجاه ستحدث اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية.
الدول المستهدفة
أشار ترامب إلى الصين والمكسيك باعتبارهما أبرز الدول التي "تستغل" الفوائض التجارية مع الولايات المتحدة، وهدد بفرض تعريفة تصل إلى 60% على الواردات الصينية، ما قد يؤدي إلى تراجع صادرات الصين بنسبة تزيد على 50%.
ويمتلك الاتحاد الأوروبي فائضًا تجاريًا مع أمريكا بقيمة 200 مليار دولار، ويتوقع المحللون أن تؤدي أي تعريفات أمريكية جديدة إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد بنسبة 0.5%.
ومن المتوقع أن تشمل التأثيرات السلبية دولًا مثل كندا، اليابان، وكوريا الجنوبية، إضافة إلى فيتنام والهند.
إعادة توجيه الاستثمارات
بدأ تأثير سياسات ترامب يظهر على أسواق المال حتى قبل استلامه منصبه، حيث توقع المستثمرون أن سياساته التي تتضمن تخفيض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية ستعزز من جاذبية الشركات الأمريكية.
وقد حقق مؤشر S&P 500 ارتفاعات قياسية خلال أسبوع واحد، بينما سجلت الأسواق العالمية انخفاضًا بنحو 2%.
وتوقع الخبراء أن توجه السياسات الأمريكية الأموال نحو الشركات المحلية، مما يعزز من مكانة الاقتصاد الأمريكي على حساب الدول الأخرى التي قد تواجه هروبًا للاستثمارات.
توزيع العمالة العالمية
تعهد ترامب بتشديد سياسات الهجرة، ما يهدد بتقليل تدفق الكفاءات إلى الولايات المتحدة، وتشير الإحصائيات إلى أن سياسات الهجرة التقييدية السابقة دفعت العديد من المواهب للانتقال إلى دول بديلة، مثل كندا وأستراليا، حيث ارتفع عدد المهاجرين الذين أسسوا شركات هناك بنسب كبيرة.
تبدو المكسيك من بين الدول الأكثر تضررًا، حيث تعتمد بنسبة 27% من ناتجها المحلي على التجارة مع أمريكا، أما الصين، فرغم امتلاكها خيارات بديلة، فإن أي انخفاض في صادراتها سيؤدي إلى تباطؤ في نموها الاقتصادي.
وتشير التوقعات إلى أن دولًا مثل بريطانيا وأستراليا قد تستفيد من تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، كما قد تحصد دول آسيوية صغيرة مكاسب من إعادة توجيه الإنتاج بعيدًا عن الصين.
بداية لتحولات كبرى
رغم وضوح أهداف ترامب، فإن تنفيذها يظل محفوفًا بالتحديات، خاصة في ظل ردود الأفعال الدولية المحتملة، وقد تؤدي أي خطوات تصعيدية إلى حروب تجارية تُعقد المشهد العالمي بدلًا من تبسيطه.
وقد تكون سياسات ترامب الاقتصادية بداية لتحولات كبرى في المشهد العالمي، لكنها تحمل في طياتها مخاطر جسيمة على الاقتصاد العالمي، حيث ستخسر دول عديدة ميزاتها، بينما تحاول دول أخرى البحث عن مكاسب جديدة.