الزهرة الفتوح.. أمٌ مغربية تكشف معاناة وواقع العمالة الموسمية بإسبانيا
بين أمل تحسين المعيشة وكابوس الاستغلال
واجهت الزهرة الفتوح، الأم المغربية البالغة من العمر 46 عامًا، صعوبات هائلة كعاملة موسمية في الحقول الإسبانية والتي تمثل إحدى صور المعاناة التي يتعرض لها العمال الموسميون في الخارج.
تقول الأم المغربية، وفقا لما أورده موقع قناة الحرة الأمريكية: "كنت أفكر في العودة إلى العمل بإسبانيا من أجل قوت أولادي، ولكن الظروف قاسية هناك" ورغم آلام الغربة، ظلت الزهرة صامدة وسط ظروف قاسية لتحسين حياة أسرتها الصغيرة في دوار الدشريين ببلدية صدية، شمال المغرب.
أمل تحول إلى معاناة
انطلقت رحلة الزهرة بتسجيل اسمها لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل بمدينة فاس في المغرب، وعند وصولها إلى الحقول الإسبانية، اصطدمت ببيئة عمل شاقة؛ ساعات عمل طويلة تبدأ قبل الفجر وتنتهي بعد الغروب، وأعمال جسدية منهكة تضمنت تسلق سلالم وحمل صناديق ثقيلة في ظروف خطيرة، وإحدى المواقف المؤلمة التي عايشتها الزهرة كانت عندما انكسرت شوكة برتقال على رأسها، مسببة نزيفًا وآلامًا شديدة.
معاملة تمييزية تزيد الغربة مرارة
لم تقتصر معاناة الزهرة على ظروف العمل، بل امتدت إلى معاملة تمييزية من المشرفين، حيث وصفت تجربتها بأنها أشبه بمعركة يومية ضد الإذلال والانتهاكات، ومع ذلك تمسكت الزهرة بصمت بحلم تأمين حياة كريمة لأبنائها، ما جعلها رمزًا لمعاناة العديد من العمال الموسميين المغاربة.
ضحايا بلا حماية
صرح جمال بوسيف، الناشط المغربي بفرنسا، بأن العمال الموسميين المغاربة يعانون من استغلال واسع النطاق، لا سيما في المناطق الفلاحية جنوب فرنسا وإسبانيا، حيث يتم استقدام هؤلاء العمال عبر شبكات غير قانونية تبتزهم ماليًا، مستغلة حاجتهم لتحسين ظروف معيشتهم.
وأضاف بوسيف أن العمال غالبًا ما يجدون أنفسهم في منافسة غير عادلة مع العمال المحليين الذين يتمتعون بحقوق وامتيازات قانونية، ما يفاقم أوضاعهم غير الإنسانية.
دعا بوسيف إلى تعزيز التواصل المباشر بين العمال والمشغلين عبر قنوات رسمية، إلى جانب إطلاق حملات توعية على منصات التواصل الاجتماعي لتحذير الشباب من الوقوع ضحايا لهذه الشبكات.
تحرش وابتزاز
بدوره، كشف رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، عن تعرض العاملات الموسميات لتحرش جنسي وابتزاز قبل مغادرتهن المغرب، إضافة إلى ظروف عمل قاسية في الخارج تشمل السكن غير اللائق وساعات العمل الطويلة.
وأكد الخضري أهمية تعزيز الإشراف القانوني على عقود العمال الموسميين وتحسين ظروف العمل بالمغرب للحد من الهجرة القسرية، مشيرًا إلى أن غياب الوساطة القانونية أسهم في انتشار شبكات الاتجار بالبشر.
جهود متواصلة وحلول مطلوبة
رغم الجهود المغربية لمكافحة الاتجار بالبشر، بما في ذلك اعتماد قانون خاص عام 2016 وإطلاق منصة "إبلاغ"، أشار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2024 إلى أن المغرب لا يزال يعاني من تحديات في هذا المجال، ما يتطلب المزيد من الإجراءات لضمان حماية العمال الموسميين وحقوقهم.