ملف العدالة الجنائية في 2024.. إصلاحات خجولة في وجه انتهاكات عالمية صارخة
ملف العدالة الجنائية في 2024.. إصلاحات خجولة في وجه انتهاكات عالمية صارخة
شهد العالم في العام الجاري 2024 تحولًا ملحوظًا في قضية العدالة الجنائية وحقوق السجناء، حيث برزت التحديات التي تواجهها الدول الكبرى، خاصة في الغرب، في ظل استمرار بعض السياسات القاسية في التعامل مع السجناء واستخدام العقوبات الجنائية المشددة مثل الإعدام والمحاكمات الجائرة.
ورغم وجود بعض المبادرات الإصلاحية في عدد من هذه الدول، فإن الوضع لا يزال بعيدًا عن المثالية في كثير من الأماكن، ومن خلال تحليل الوضع في عدة دول، يمكن ملاحظة تدهور الوضع في بعض الأماكن وتحسن في أماكن أخرى، ما يعكس حقيقة معقدة تتعلق بالتوازن بين العدالة الجنائية وحقوق الإنسان.
في الولايات المتحدة، تظل عقوبة الإعدام إحدى أكثر القضايا المثيرة للجدل في الساحة القانونية، وفقًا لتقرير "منظمة العفو الدولية" لعام 2024، نفذت الولايات المتحدة 18 عملية إعدام في العام الماضي، وهي زيادة طفيفة مقارنة بالعام الذي قبله، هذا الرقم يعكس استمرار بعض الولايات مثل تكساس، التي تعتبر من أكبر المنفذين لهذه العقوبة، في تطبيق عقوبة الإعدام بشكل متكرر، ورغم أن بعض الولايات قد قللت من استخدام هذه العقوبة في السنوات الأخيرة، فإن التأثيرات النفسية والاجتماعية للممارسات القضائية تظل واضحة في المجتمعات الأمريكية.
وتشير التقارير إلى أن حوالي 30% من حالات الإعدام في الولايات المتحدة كانت تخص معتقلين من الأقليات العرقية والدينية، ما يسلط الضوء على التمييز الواضح في النظام القضائي. هذا التفاوت في العدالة يعكس نقصًا في المساواة بين المواطنين، خاصة في ما يتعلق بالمعاملة العادلة للمحاكمة.
وتكشف التقارير عن حالات من المحاكمات غير العادلة التي تفتقر إلى الضمانات الأساسية مثل تمثيل المحامين المؤهلين وحقوق الدفاع، في هذا السياق، كشفت "جمعية الدفاع عن الحقوق المدنية" في تقريرها لعام 2023 أن أكثر من 10% من المحاكمات الجنائية في الولايات المتحدة تفتقر إلى المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة.
اكتظاظ السجون في بريطانيا
وفي المملكة المتحدة، تكمن التحديات الخاصة بحقوق السجناء في اكتظاظ السجون وظروف الاحتجاز القاسية، وأشار تقرير "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" لعام 2024، إلى أن عدد السجناء في المملكة المتحدة شهد زيادة بنسبة 10% خلال العام الماضي، وهو ما أسفر عن اكتظاظ السجون بنحو 15% فوق السعة الاستيعابية. هذا الاكتظاظ يفاقم من الظروف المعيشية داخل السجون، ويؤدي إلى ارتفاع معدلات التعذيب النفسي والإهمال الطبي.
وتشير التقارير إلى أن 45% من السجناء يعانون من مشاكل نفسية خطيرة، مثل الاكتئاب والقلق، دون الحصول على رعاية طبية كافية، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان.
وفي ما يتعلق بالعقوبات، ورغم إلغاء عقوبة الإعدام في المملكة المتحدة في 1965، فإن هناك انتقادات مستمرة تتعلق بكيفية معالجة القضايا الجنائية، لا سيما في ظل التشكيك في نزاهة التحقيقات القضائية في بعض القضايا، وهو ما يثير القلق بشأن استمرار وجود خلل في تطبيق العدالة بشكل متساوٍ بين جميع فئات المجتمع.
ظروف غير إنسانية في فرنسا
وتواجه فرنسا، التي عرفت سابقًا بتطبيق عقوبة الإعدام قبل أن تُلغى في عام 1981، تحدياتها الخاصة في تطبيق العدالة الجنائية. في تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" لعام 2024، تم تسليط الضوء على أن عدد السجناء في فرنسا قد بلغ نحو 70,000 سجين في عام 2024، في حين أن السعة الاستيعابية للسجون الفرنسية لا تتجاوز 58,000 سجين، هذه الزيادة في عدد السجناء تساهم في تفشي الظروف غير الإنسانية داخل السجون، حيث يعاني السجناء من مشكلات صحية ونفسية نتيجة الاكتظاظ وقلة الرعاية الطبية.
وفي الوقت نفسه، فإن بعض المحاكمات في فرنسا، خاصة في القضايا المعقدة مثل قضايا الإرهاب، قد أظهرت نقصًا في ضمانات العدالة العادلة. وفقًا لتقرير "مراقبة حقوق الإنسان" الصادر في 2024، تم توثيق عدد من الحالات التي تعرض فيها المتهمون للإدانة دون وجود أدلة كافية أو بسبب إجراءات قانونية معيبة.
تحسينات محدودة في ألمانيا
في ألمانيا، أُعلن عن عدد من المبادرات لتحسين وضع السجون وحقوق السجناء في عام 2024. لكن، رغم هذه التحسينات، تشير التقارير إلى أن نحو 30% من السجون الألمانية لا تلتزم بالمعايير الأوروبية لحقوق الإنسان.
وتشير الأرقام إلى أن العديد من السجناء يعانون من ظروف غير آمنة داخل السجون، حيث يتعرض بعضهم إلى سوء المعاملة والتمييز على أساس العرق أو الدين، كما أن بعض السجون لا توفر برامج التأهيل الكافية، ما يعرقل فرص السجناء في إعادة الاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنهم.
وعلى الرغم من أن العقوبات القاسية في الدول الغربية تحتل مركزًا مهمًا في النقاش حول حقوق السجناء، فإن دولًا مثل الصين تتصدر المشهد العالمي في ما يتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام.
ووفقًا لتقرير "هيومن رايتس ووتش" في 2024، يقدر أن الصين تنفذ مئات الآلاف من الإعدامات سنويًا، رغم أن الحكومة الصينية لا تكشف عن الأرقام الرسمية، ويشير تقرير المنظمة إلى أن الصين تمثل أكثر من نصف عدد الإعدامات في العالم، وتُنفذ هذه العقوبات دون أن يتمكن المعتقلون من الحصول على محاكمات عادلة أو شفافة.
وفي هذا السياق، يتم توثيق حالات من التعذيب الممنهج ضد المعتقلين، حيث تستخدم السلطات الصينية أساليب قاسية للضغط على المتهمين، ما يؤدي إلى الاعترافات القسرية التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى إدانة المتهمين في محاكمات تفتقر إلى معايير العدالة الدولية.
استمرار الإعدامات في إيران
في إيران، تستمر قضية حقوق السجناء في جذب الانتباه الدولي، حيث تواصل السلطات الإيرانية استخدام الإعدام بشكل منتظم، خاصة في القضايا السياسية. وفقًا لتقرير "منظمة العفو الدولية" في 2024، تم تنفيذ أكثر من 300 عملية إعدام في النصف الأول من العام 2024، ما يشير إلى استمرار الحكومة الإيرانية في تطبيق هذه العقوبة على نطاق واسع.
وتكشف تقارير حقوقية أن المحاكمات في إيران غالبًا ما تفتقر إلى الشفافية، حيث يعاني المتهمون من حرمانهم من محاكمة عادلة، أو من التعرض للتعذيب أثناء التحقيقات. وفي هذا الصدد، تشير التقارير إلى أن العديد من المعتقلين لا يتلقون تمثيلًا قانونيًا مناسبًا، ما يزيد من تفاقم المشكلة.
وتبرز التحديات التي تواجه العدالة الجنائية في عام 2024، خاصة في الدول الغربية، بوضوح غياب التوازن بين تطبيق العقوبات الجنائية وحقوق الإنسان الأساسية رغم بعض الجهود المبذولة لتحسين وضع السجون ومحاكمة القضايا بشكل أكثر عدلاً، إلا أن الأوضاع في العديد من هذه الدول ما زالت بعيدة عن تحقيق العدالة الشاملة، هناك حاجة ملحة لتطوير الأنظمة القضائية بشكل يضمن المساواة في المعاملة، وتوفير ضمانات قانونية لجميع المتهمين، وتوفير ظروف إنسانية للسجناء في جميع أنحاء العالم.
حقوق السجناء
قال الخبير الحقوقي، عبدالله بن زايد، إن حقوق السجناء وحمايتهم من الممارسات غير الإنسانية تُشكل أبرز القضايا التي تشهد جدلاً واسعًا في مختلف أنحاء العالم، فالعدالة في جوهرها، ليست مجرد أداة لفرض العقوبات بل هي ضمان لحقوق الإنسان الأساسية، وهي معايير لا يجب أن تختل في أي مجتمع يسعى لتحقيق الاستقرار والعدالة، ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن الأنظمة التي تعتمد على الإعدام والمحاكمات الجائرة تنتهك هذه المبادئ بشكل صارخ، ما يؤدي إلى تدهور الثقة في العدالة الجنائية وتأثيرها على مصداقية الأنظمة القضائية في مختلف الدول، والعالم يشهد في الآونة الأخيرة تزايدًا في استخدام الإعدام، بما في ذلك في بعض الدول الغربية التي كانت تعتبر منارات للحقوق والحريات.
وتابع الخبير الحقوقي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، قائلا إنه على الرغم من أن هناك العديد من الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، فإن بعض الدول الكبرى لا تزال تصر على تنفيذ هذه العقوبة، ما يثير تساؤلات عديدة حول مدى التزام هذه الأنظمة بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، فالإعدام لا يعد فقط عقوبة قاسية بل هو بمثابة ضربة للكرامة الإنسانية، وقد شهدت العديد من الحالات التي تم فيها تنفيذ الإعدام بحق أشخاص ثبت لاحقًا براءتهم، ما يسلط الضوء على الخطر الكامن في هذا النوع من العقوبات التي لا رجعة فيها.
وقال إنه لا يمكن تجاهل أن غياب المحاكمات العادلة وافتقار الأنظمة القضائية للشفافية قد يفاقم من هذه المأساة، ففي العديد من الحالات، لا يحصل السجناء على الفرصة المناسبة للدفاع عن أنفسهم، وهو ما يتعارض مع مبدأ "المحاكمة العادلة" المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وقد تؤدي هذه المحاكمات التي تفتقر إلى العدالة إلى حكم غير عادل، ويكون ذلك مرشحًا لأن يترك آثارًا على مصير العديد من الأفراد الذين قد لا يحصلون على فرصة حقيقية لإثبات براءتهم. لذلك، يجب أن تكون الإجراءات القضائية شفافة وتحت إشراف دولي لضمان نزاهتها وتفادي الأخطاء الجسيمة.
وتابع: الأساس الذي تقوم عليه العدالة الجنائية يكمن في تحقيق توازن بين حقوق المتهم وحماية المجتمع من الأفعال الإجرامية، ومن هنا، فإن إعادة تأهيل السجناء وإصلاحهم يجب أن تكون هي الأولوية، لا أن يتحول السجن إلى مكان للعقاب الوحشي الذي ينتهك الحقوق الأساسية للإنسان، مع ذلك، هناك العديد من الدول حول العالم لا تلتزم بهذه المبادئ، فتُسيء استخدام السجون وتفرط في تطبيق عقوبات قاسية تؤدي إلى تدمير حياة الأفراد، وتُعتبر المحاكمات التي تجرى في العديد من الأنظمة القضائية في الغرب، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وتشير التجارب الحية إلى أن هناك انتهاكات لحقوق السجناء، حيث يتعرضون لتمييز عنصري وظروف اعتقال غير إنسانية.
واسترسل، أظهرت تقارير منظمات حقوقية، أن هناك تفاوتًا كبيرًا في تطبيق العدالة بين الفئات الاجتماعية المختلفة، خاصة في ما يتعلق بالأقليات العرقية في بعض الدول الغربية، مثل الأقليات السوداء في الولايات المتحدة، هذا يشير إلى أن العدالة الجنائية لا تقتصر على معاقبة الجرائم فقط، بل يجب أن تكون متوازنة ومتسقة مع احترام حقوق الإنسان للجميع.
وقال إن العقوبات القاسية مثل الإعدام تُعتبر تدبيرًا غير فعال في محاربة الجريمة، فالدراسات أظهرت أن الدول التي ألغت الإعدام شهدت انخفاضًا في معدلات الجريمة، ما يعني أن العقوبة القاسية لا تساهم بالضرورة في الردع، بل يمكن أن تخلق شعورًا بالظلم بين أفراد المجتمع، ويُعد التحول إلى العدالة التصالحية أكثر فاعلية في بناء مجتمع أكثر استقرارًا، لأن هذه العدالة تركز على إصلاح الجاني وجعله يعود إلى المجتمع بأدوات إيجابية بدلًا من إغلاق أبواب الإصلاح أمامه بشكل دائم.
وأشار الخبير الحقوقي، إلى ضرورة أن تكون العدالة الجنائية التي تسعى الدول لتحقيقها متمحورة حول تفعيل حقوق الإنسان. يجب أن تبتعد الأنظمة القانونية عن الممارسات القاسية التي تنتهك كرامة الإنسان، مثل الإعدام والمحاكمات الجائرة، وتعتمد بدلاً منها على نظام يعزز حقوق الأفراد ويحترم كرامتهم الإنسانية، إن هذا التحول يتطلب إرادة سياسية حقيقية وإصلاحات قانونية عاجلة لضمان محاكمات عادلة ونزيهة، تضمن حق كل شخص في الدفاع عن نفسه في مواجهة التهم.
وقال إن المجتمع الدولي يجب أن يتضافر من أجل وضع حد للعقوبات القاسية وتحقيق العدالة الجنائية بشكل يتماشى مع قيم حقوق الإنسان، يجب أن يتوقف العالم عن التذرع بمبررات غير مقنعة للحفاظ على هذه الممارسات، ويجب أن تتحمل الدول مسؤولياتها في تحسين ظروف السجون وضمان محاكمات عادلة لجميع المتهمين، بغض النظر عن خلفياتهم أو جنسهم أو عرقهم. هذا التحول، وإن كان صعبًا في بعض الحالات، إلا أنه سيكون حلاً رئيسيًا لتحقيق العدالة في أبعادها الإنسانية، ويضمن للمجتمعات احترام حقوق الإنسان كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية.
وأتم، الحل يكمن في العمل المشترك على المستوى الدولي والإقليمي للضغط على الدول التي لا تزال تمارس هذه السياسات القاسية، من أجل أن تعيد النظر في قوانينها وتعمل على إصلاح أنظمتها القضائية بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.المجتمعات وحقوق الإنسان
عقوبات مثيرة للجدل
وقال خبير علم الاجتماع، الدكتور طه أبوالحسن: تؤثر العدالة الجنائية على الفرد والمجتمع بطرق معقدة وعميقة، العدالة الجنائية، من حيث المحاكمات والإعدامات، لا تُعد فقط عملية قانونية، بل هي أيضا عملية اجتماعية تحمل تبعات نفسية واجتماعية كبيرة، ليس فقط على الأفراد المتورطين، بل أيضا على المجتمع ككل، إن الانتهاكات المرتكبة في إطار هذه العدالة مثل المحاكمات الجائرة أو الإعدامات غير العادلة، تؤدي إلى تدهور الثقة في النظام القضائي وتشجع على العنف بدلاً من تقليصه، ولذا يعتبر تطبيق الإعدام أحد أكثر العقوبات المثيرة للجدل.
وتابع أبوالحسن، في تصريحات لـ"جسور بوست"، وفقًا للقانون الدولي، لا يجوز تطبيق الإعدام إلا في حالات نادرة للغاية، ويجب أن يتم تحت معايير محددة تعزز من احترام حقوق الإنسان، الاتفاقيات الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تشير إلى ضرورة تقليص استخدام الإعدام، بل وتحث على إلغائه، كما أن محكمة العدل الدولية تؤكد أن استخدام الإعدام في حالات معينة قد ينتهك حق الإنسان في الحياة، وهو حق لا يجوز انتهاكه تحت أي ظرف من الظروف، العدالة الجنائية في العديد من الدول التي تعتمد الإعدام بشكل غير مبرر، لا تعكس فقط فشلاً في تحقيق العدالة، بل تُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية.
وأكد أن الأبحاث النفسية والاجتماعية تظهر أن الشعور بعدم الأمان وعدم الثقة في النظام القضائي يمكن أن يؤدي إلى تطور مشاعر الكراهية تجاه النظام الحاكم، ما يزيد من احتمالات اضطراب اجتماعي ونفسي لدى الأفراد، ومن منظور اجتماعي، فإن الاستخدام المفرط للعقوبات القاسية مثل الإعدام والمحاكمات غير العادلة، يمكن أن يؤدي إلى تشجيع على العنف المجتمعي، فالأفراد الذين يُحكم عليهم بالإعدام أو الذين يعيشون في مجتمعات تشهد محاكمات جائرة قد يتعرضون لتجربة نفسية قد تشمل فقدان الأمل في العدالة والمستقبل وهذا بدوره يؤدي إلى انتشار الشعور بالظلم، الذي يمكن أن يتطور إلى تصرفات عدوانية قد تضر بالمجتمع بشكل عام.
واسترسل، أن المحاكمات الجائرة تؤدي إلى زيادة اللامبالاة تجاه القوانين والمبادئ الأخلاقية في المجتمعـ وإذا كان المواطن يرى أن النظام القضائي غير عادل ويعتمد على الأحكام القاسية أو الزائفة، فإن ذلك يعزز مشاعر العداء تجاه الحكومة ويؤدي إلى تفشي الظلم الاجتماعي. وقد أظهرت الدراسات أن المجتمعات التي تعتمد على نظام قضائي أكثر شفافية وعدالة تشهد مستويات أعلى من الثقة بين الأفراد، ما يسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا.
وأتم، في نهاية المطاف، العدالة الجنائية ليست فقط عن تطبيق القانون بشكل صارم، بل هي أيضًا عن ضمان أن هذا التطبيق يتم بطريقة تحترم كرامة الإنسان وتدعم حقوقه الأساسية، المجتمع الذي يفشل في تحقيق هذا التوازن قد يعاني من تدهور في مستوى الثقة الاجتماعي، ما يؤدي إلى انهيار النظام الاجتماعي والأخلاقي ككل، وبناءً على ذلك، من الأهمية بمكان أن تسعى الدول نحو إصلاحات قضائية تعزز من العدالة وتمنع الظلم، متبعين في ذلك المعايير الدولية التي تضمن حقوق الإنسان بشكل شامل.