حملة «استرداد جثامين شهداء فلسطين»: إسرائيل تنتهك القانون الدولي وسط صمت عالمي (حوار)
حسين شجاعية: عدد الجثامين المتحفظ عليها غير معلوم
تمثل حملة "استرداد جثامين الشهداء" في فلسطين نضالًا مستمرًا لتحقيق العدالة واسترداد كرامة الشهداء وعائلاتهم، فمنذ انطلاق الحملة في عام 2007، تسعى الحملة بكل السبل القانونية للضغط على السلطات الإسرائيلية من أجل الحق الإنساني للفلسطينيين وعائلاتهم في دفن ذويهم، ورغم التحديات الكبيرة، فإن الحملة تواصل العمل بإصرار على مختلف المستويات القانونية، والدولية، والإنسانية لتحقيق هدفها السامي.
ومع بداية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، وما ترتب عليه من إبادة جماعية لسكان قطاع غزة، تضع إسرائيل العراقيل أمام عمل حملة استرداد جثامين الشهداء، إلا أن ذلك لم يثنِ القائمين على الحملة عن مواصلة عملهم لإيمانهم التام بحق العائلات الفلسطينية في استرداد جثامين ذويهم.
"جسور بوست" حاورت حسين شجاعية، القائم على حملة استرداد جثامين الشهداء.. وإلى نص الحوار.
بداية، عرّفنا على طريقة عمل حملة "استرداد جثامين الفلسطينيين" والإجراءات التي تتبعها؟
تعمل حملة استرداد جثامين الشهداء الفلسطينيين على مسارين متوازيين، المسار الأول هو المسار القانوني، حيث تتوجه الحملة إلى المحاكم للمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين، إلا أن هذا المسار يصطدم بالقرارات الإسرائيلية التي تعيق الإفراج عن هذه الجثامين.
أما المسار الثاني فهو مسار الضغط والمناصرة، حيث يتم التواصل مع المؤسسات الدولية، لتوثيق احتجاز الجثامين، ومراسلة الجهات المعنية دوليًا لإثارة القضية وتسليط الضوء عليها.
هل هناك حصر لأعداد الجثامين المتحفظ عليها من قبل السلطات الإسرائيلية؟
بخصوص عدد الجثامين المحتجزة، فإن الحملة وثقت 645 جثمانًا، موزعين بين "مقابر الأرقام" والثلاجات، ومن بين هؤلاء (تسع شهيدات، و64 شهيدًا من الحركة الأسيرة، و57 طفلًا)، وتعتقد الحملة أن العدد الفعلي أكبر من ذلك، خاصة في ظل غياب المعلومات الدقيقة حول احتجاز الجثامين في قطاع غزة منذ بداية الحرب وحتى اليوم.
منذ بداية الحملة حتى اليوم.. كم بلغ عدد الجثامين التي تم استردادها؟
منذ انطلاق حملة استرداد جثامين الشهداء، تمكنا من استرداد 121 جثمانًا من مقابر الأرقام، وذلك من خلال الجهود القانونية والضغط على السلطات الإسرائيلية بكل السبل الممكنة، وبالإضافة إلى ذلك، تم الإفراج عمّا يقرب من 280 إلى 290 جثمانًا من الثلاجات منذ عام 2015، باستخدام نفس الآليات وبعض الإفراجات من جهات أخرى.
ما استراتيجيات الحملة في الضغط على السلطات الإسرائيلية لاسترداد الجثامين؟
تعتمد الحملة على عدة استراتيجيات للضغط على السلطات الإسرائيلية من أجل استرداد جثامين الشهداء، وأبرزها:
- المسار القانوني، عبر تقديم المراسلات والالتماسات لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية.
- الدعم الدولي، من خلال تقديم شكاوى إلى المقررين الخاصين للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية.
- التوثيق الإعلامي والمناصرة، عبر توثيق انتهاكات الجيش الإسرائيلي ورفع الوعي الدولي بهذه القضية.
كيف كانت الحملة تعمل خلال شهور الحرب على غزة؟
خلال فترة الحرب كانت تواجه الحملة صعوبة شديدة في أداء عملها، لكنها واصلت جهودها بقدر الإمكان، إذ ركزت على توثيق احتجاز جثامين الشهداء في ظل غياب أي مداخل قانونية للإفراج عنهم.
وعملت على متابعة حالات المفقودين في قطاع غزة عبر المراسلات القانونية، للتأكد من مصيرهم وما إذا كانوا شهداء أو أسرى لدى السلطات الإسرائيلية، وتعاملت الحملة خلال هذه الفترة مع أكثر من ألف حالة.
كيف تتعاملون مع شروط السلطات الإسرائيلية لتسليم جثامين الشهداء، والتي من بينها فرض كفالات مالية ضخمة؟
التعامل مع شروط السلطات الإسرائيلية يعتمد على قرار العائلة، حيث تُفرض هذه الشروط بالأساس على العائلات من القدس والمناطق المحتلة عام 1948، وتشمل هذه الشروط (دفن الجثمان ليلاً، عدم التشريح، حضور عدد قليل من المشيعين، دفع كفالات مالية ضخمة)، إذا قررت العائلة القبول بهذه الشروط، يتم تنفيذ الدفن وفقًا لما تفرضه إسرائيل.
أما إذا رفضت العائلة، فإن الحملة تعمل على التصدي لهذه الشروط والمطالبة بالإفراج دون قيود، طبعا بالأساس الشروط على العائلات فقط التي تعيش في القدس وفي مناطق عام 1948.
طرحت مسودة قانون في الكنيست قبل أيام يجيز احتجاز جثامين الشهداء وعدم تسليمها، وتمت الموافقة عليه في القراءة الأولى.. كيف تتعاملون مع هذا الأمر؟
تعامل الحملة مع هذا القانون يتمثل في التوجه إلى المؤسسات الدولية وتقديم شكاوى رسمية، مع تسليط الضوء على أن هذا القانون ينتهك القانون الدولي والمواثيق الإنسانية.
وتؤكد الحملة أن إصدار مثل هذا القانون يمثل محاولة من السلطات الإسرائيلية لإضفاء الشرعية على انتهاكاتها، ولكن نؤكد أن هذه القرارات الاسرائيلية هي مجرد قرارات مجلس وزاري مصغر وليس قانونا مقرا، وإذا كان هناك قانون فإن هذا يسبب إشكالية قانونية لإسرائيل.
ما أبرز الأسماء الموجودة في "مقابر الأرقام"؟ وهل يوجد فيها نساء وأطفال؟
أسماء كثيرة موجودة في الاحتجاز اليوم، ولعل أبرزها قائد حركة حماس يحيى السنوار، والشهيدة دلال المغربي، وناصر أبو حميد، وخضر عدنان، ويوجد أيضا عدد من الأطفال والنساء وكبار السن، كما يوجد تسع شهيدات محتجزات في مقابر الأرقام.
ما الذي يمثله احتجاز الجثامين من منظور القانون الدولي وحقوق الإنسان؟
كل القوانين الدولية تجرم احتجاز جثامين الشهداء، لأنه من منظور القانون الدولي، فإن احتجاز الجثامين يُعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف والملحقات التابعة لها.
كما أن جميع الأديان السماوية تحرّم مثل هذا الفعل، ما يجعل احتجاز الجثامين جريمة أخلاقية وإنسانية، ولكن السلطات الإسرائيلية تنتهك كل هذه المواثيق والأعراف الدولية.
هل هناك اتفاقيات دولية تمنع احتجاز الجثامين؟ وكيف تنتهك إسرائيل هذه الاتفاقيات؟
نعم، هناك اتفاقيات دولية، أبرزها اتفاقيات جنيف، التي تمنع احتجاز الجثامين وتؤكد ضرورة تسليمها لعائلاتها وفقًا للكرامة الإنسانية، لكن إسرائيل تنتهك هذه الاتفاقيات بشكل متعمد، في ظل غياب أي محاسبة دولية فعّالة.
ما الدور الذي تلعبه المؤسسات الحقوقية الدولية في دعم قضيتكم؟
للأسف، المؤسسات الحقوقية الدولية لا تُظهر استجابة ملموسة للمراسلات والضغوطات التي تمارسها الحملة، وكثيرا ما تُرسل الحملة المراسلات دون أن تتلقى ردودًا أو تعليقات إيجابية.
ما مدى تجاوب المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر مع مطالبكم؟
تجاوب المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر، مع مطالب الحملة ضعيف للغاية، وهذه المنظمات لا تتخذ خطوات ملموسة لدعم القضية أو الضغط على السلطات الإسرائيلية للإفراج عن الجثامين.
كيف تتعاون الحملة مع الجهات الفلسطينية الرسمية في هذا الملف؟
تتعاون الحملة مع الجهات الرسمية الفلسطينية بما يخدم مصلحة عائلات الشهداء، حيث يتم التواصل مع العائلات المحتجزة جثامين أبنائها لجمع الوثائق اللازمة، والعمل على تقديم المساعدة القانونية اللازمة، كذلك تنظم الحملة زيارات ميدانية للتواصل المباشر مع هذه العائلات في مختلف المدن والمناطق الفلسطينية.
هل هناك تواصل مباشر بين الحملة وأهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم؟ وكيف يتم دعمهم؟
نعم، هناك تواصل مباشر ومستمر بين الحملة وأهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، ويتم دعمهم من خلال تقديم المشورة القانونية، وجمع الوثائق، والمساعدة في الإجراءات اللازمة للتوجه إلى القضاء، كما تعمل الحملة على توفير الدعم النفسي والمعنوي للعائلات.