السودان.. فشل النظام يتحمله النظام

السودان.. فشل النظام يتحمله النظام

محاولة جديدة بائسة ويائسة يقوم بها النظام في السودان لإبعاد أنظار العالم عن الفضائع التي تُرتكب منذ سنتين في حق الشعب السوداني والمدنيين الذين يدفعون ثمن حرب عبثية تقوم بها أطراف تقودها أطماعها ومصالحها الضيقة.. ما أجبر 14 مليون شخص على الفرار من منازلهم، ما يعد أسوأ أزمة نزوح في العالم.
هذه المرة اختار النظام السوداني دولة الإمارات ليعلق عليها أخطاءه وهزائمه، محاولًا تغطية جرائمه بالتحرك دوليًّا؛ حيث ذهب إلى محكمة العدل الدولية بطلب لإقامة دعوى ضد الإمارات حول مزاعم "انتهاكات الإمارات التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، هذا النظام يعرف أن شكواه لن ترى النور؛ لأنها غير صحيحة، وغير حقيقية، وتتنافى مع الواقع، ولا تستند إلى أي دليل، ولكنه رغم ذلك يحاول إعلاميًّا إبعاد الأنظار عن واقع الحال، وفظاعة الأهوال على أرض السودان، والجرائم التي ارتُكبت بيده وبيد الأطراف المتحاربة هناك.
بالنظر إلى السياق القانوني والحقوقي، فإن اتهام السودان للإمارات لن يكون سهل الإثبات، وغالبًا ما سيتم رفض القضية من حيث الاختصاص، وعدم ثبوت مسؤولية للإمارات، أما من الناحية الفنية، فهناك شروط لقبول الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، أولها إثبات الولاية القضائية، وبما أن الإمارات والسودان من الدول الموقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، فمن الناحية "النظرية" يمكن إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية… ولكن الأمر الأهم -عمليًّا- هو إثبات التورط في الإبادة الجماعية؛ حيث يتعين على نظام السودان تقديم أدلة واضحة ومقنعة تثبت أن الإمارات شاركت بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات إبادة جماعية من خلال دعم قوات الدعم السريع، التي يتهمها بارتكاب انتهاكات واسعة في دارفور، ومن ثم إثبات نية الإبادة الجماعية "Genocidal Intent"، وهو العنصر الأساسي في تعريف الجريمة وفقًا للمادة 2 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية.. 
النظام السوداني يدرك أن ما يسعى إليه غير ممكن، وبالتالي طلبه وُلد مَيتا، لكنه يستمر في مناورته لكسب الوقت، وصرف الأنظار، ومحاولة تبرئة النفس بإلقاء اللوم على الآخرين، وهذا ليس بالغريب؛ ففي أحايين كثيرة تستخدم مثل هذه الأنظمة الاتهامات الدولية أداةً لتحقيق مكاسب سياسية داخلية أو لإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية.
وهناك سيناريوهات عدة لهذه الحالة؛ فالسيناريو القانوني المتوقع هو رفض الدعوى من حيث الاختصاص، إذ يمكن لدولة الإمارات أن تطعن في اختصاص محكمة العدل الدولية للنظر في القضية، بسبب عدم وجود نزاع قانوني سابق بين الدولتين بشأن الإبادة الجماعية، وعدم استنفاد السودان جميع الوسائل الدبلوماسية قبل اللجوء إلى المحكمة، وأن الادعاءات السودانية تستند إلى اتهامات سياسية أكثر من كونها قانونية، وهذه أمور من شأنها أن تؤدي إلى رفض الدعوى.

من جانب آخر، يتضح أن النظام في السودان يتعمد أن يتغافل عن كثير من الحقائق، ولكنَّ السودانيين في الداخل السوداني وفي الخارج، وكذلك المجتمع الدولي والإنساني، يدركون الدور الكبير الذي تقوم به دولة الإمارات طول السنين الماضية في السودان؛ حيث قدمت الإمارات دعمًا إنسانيًّا كبيرًا للسودان، خاصة في فترات الأزمات؛ ففي عام 2019، أطلقت الإمارات جسرًا جويًّا لنقل المساعدات الطبية والغذائية خلال الاحتجاجات السودانية، كما أسهمت في مشاريع تنموية، مثل بناء المستشفيات، والمدارس. وفي عام 2023، تعهدت بتقديم 50 مليون دولار لدعم الاستقرار الاقتصادي السوداني. هذه الجهود تُظهر توجُّهًا إماراتيًّا نحو تعزيز الاستقرار، وليس تقويضه.
على الصعيد الدبلوماسي دعمت الإمارات الحوار الوطني ومسارات السلام، بما يتوافق مع موقفها الرافض للتدخلات العسكرية غير الشرعية، هذا النهج الدبلوماسي يتعارض مع فكرة دعم أعمال عنف تستهدف جماعات معينة، وتمتلك الإمارات سجلًا حافلًا في الوساطة لحل النزاعات الإقليمية، كدورها في المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا.

الإمارات لن تتحمل أخطاء النظام السوداني أو فشله أو غير ذلك، ولن تقبل الابتزاز والتلاعب من أي طرف، والعالم يعرف مدى التزام الإمارات بالقانون الدولي؛ فقد وقّعت الإمارات على أغلب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية منع الإبادة. كما تتعاون الإمارات مع آليات الأمم المتحدة القضائية، وهو ما يؤكد استعدادها للرد الشفاف على أي ادعاءات.

أخيرًا.. القضاء الدولي لا يخضع للتصريحات السياسية، ولا إلى الحملات الإعلامية، بل يحتاج إلى أدلة وإثباتات واضحة.. والإمارات ليست بحاجة إلى من يدافع عنها؛ لأنها هي من تتمسك بمبادئ العدالة الدولية، وتدافع عنها، وستثبت الأيام أن سجل الإمارات الإنساني والسياسي هو أقوى رد على كل الاتهامات المُسيسة والمؤدلجة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية