وعد الخطيب.. اللاجئة التي صنعت الأفلام وتجرأت على الأحلام

وعد الخطيب.. اللاجئة التي صنعت الأفلام  وتجرأت على الأحلام

"بالنسبة للضحايا الذين هم مثلنا، يدور الأمر الآن حول عدة أسئلة.. ماذا نريد؟ ماذا يمكن أن يحدث؟ كيف نعود إلى الحياة الطبيعية؟ وما الذي يجب فعله؟".. هكذا لخصت المخرجة السورية وعد الخطيب محنة مئات الآلاف من المواطنين السوريين ونظرتهم إلى المستقبل بعد تجاوز مرحلة صعبة مرت بهم وببلادهم ظلت -لسنوات طويلة- حائلةً بينهم وبين حياة أفضل طالما حلموا بها.


وعد الخطيب الاسم الذي عرفه العالم نموذجًا للمعاناة السورية على مدار السنوات الماضية، لم يكن اسماً حقيقياً، بل مستعار حتى تُجنب صاحبته أهلها المتاعب، في حين تمضي هي في طريقها لإظهار معاناة الشعب السوري، والدفاع عن حقوق الإنسان في بلادها، مواجهةً الواقع الصعب الذي يعانيه المواطنون هناك.


شاهدها العالم وهي على السجادة الحمراء في حفل الأوسكار عام 2020 موجهةً رسالةً للعالم، وللسوريين في الداخل، والمهجَّرين منهم  بفعل الحرب، "تجرأنا على الحلم، ولن نندم على الكرامة".


في عام 2011 تلاقت بداية انطلاقة وعد مع بداية الأزمة السورية عندما تعلّمت التصوير بدافع شخصي، وأصبحت صحفية من قلب الحدث لا يشغلها إلا توثيق الأهوال المحيطة بها، والواقع المظلم الذي وجدت فيه نفسها وبلادها وأسرتها.
ومن حلب التي ما تزال -إلى الآن- شاهدة على حجم المعاناة التي عاشها الشعب السوري على مدى سنوات طويلة، بدأت وعد عملها.


وكان لحلب خصوصية في قلب وعد، حيث إنها المدينة التي انتقلت إليها عام 2009 عندما كانت تبلغ من العمر 18 عامًا، من أجل دراسة التسويق في جامعتها. 


بدأت وعد بتقديم موادها الصحفية للقناة الرابعة البريطانية، وأنتجت عدداً من التقارير الإخبارية التي غطت جوانب مختلفة من الحياة في حلب، وكان من أبرز المشاهد التي قدمتها هي تغطيتها للمساعدة الطبية التي كان يقدمها المستشفى الميداني في حلب؛ حيث كان يعمل زوجها حمزة الخطيب الطبيب والناشط في مجال حقوق الإنسان.


وقدمت تقريراً حظي وقتها باهتمام عالمي تحت عنوان "حياة جديدة في مدينة ميتة"، حيث عرضت معاناة امرأة حامل أصيبت ببرميل متفجر، ما اضطر الأطباء إلى إجراء عملية قيصرية لإخراج الجنين. 


تركت وعد جامعة حلب عندما تحولت الثورة السورية إلى نزاع مسلح في 2012، وقبل مغادرتها الجامعة أنجزت فيملًا وثائقيًا عنها تحت عنوان "قلعة حلب الثانية".


غادرت وعد وزوجها حلب إلى بريطانيا، ومن هنا كانت بداية التفكير في خطوتها الأهم، وهي الفيلم الوثائقي "من أجل سما"، وسما هو اسم ابنتها الأولى التي أنجبتها في 2015.


وصدر الفيلم في 2019 موثقاً رحلتها وصولاً لإنجاب ابنتها الثانية تيماء، وفاز بجائزة بافتا لأفضل فيلم وثائقي، وبجائزة "العين الذهبية" لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان كان السينمائي 2019.


وفي حفل توزيع جوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام الثالث والسبعين عام 2020، أصبح الفيلم الأكثر ترشيحاً في تاريخ جوائز بافتا بأربعة ترشيحات، كما رُشِّح لجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2020.


أطلقت مع زوجها مؤسسة "العمل من أجل سما" وهي حملة بقيادة سورية، تدافع عن حقوق الإنسان والكرامة والمساءلة للجميع، وكان جوهر مهمتها هو تحقيق العدالة في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا وأماكن أخرى، مع التركيز على الهجمات المتواصلة على المرافق الصحية.


وتستهدف المؤسسة -من خلال حملات ديناميكية، وقصص مقنعة، وعروض أفلام مثيرة للتفكير- تسليط الضوء على الحقائق المعيشة وسط الصراع والنزوح وتعزيز الأصوات والتجارب السورية التي تمتد داخل حدود سوريا وخارجها، وإثارة النقاش والوعي حول اللحظات الثقافية المهمة في التاريخ السوري.  


ومن النقاط الفارقة في مسيرة وعد هي إنتاجها فيلم "نجرؤ على الحلم"، وهو فيلم وثائقي مؤثر يروي قصص رياضيين لاجئين تنافسوا في دورة الألعاب الأولمبية 2020، حيث ينسج الفيلم ببراعة قصص رياضيين لاجئين من إيران وسوريا وجنوب السودان والكاميرون.


وقالت وقتها وعد عن الفيلم "أدركتُ مدى صعوبة أن تكون رياضياً محترفاً، ولكن الأصعب من ذلك هو أن تكون لاجئاً أيضاً.. هذا يبعث برسالة قوية، ليس فقط للاجئين المنتشرين في جميع أنحاء العالم، بل أيضاً للحكومات والمنظمات. علينا أن نبني هذه الفرصة من خلال الرياضة والفنون أو أي شيء آخر من شأنه أن يُحدث تغييراً إيجابياً، وهذا الفيلم مثال على ما يمكننا فعله للاجئين".


في 2024 أنتجت وعد الخطيب وثائقي "موت بلا رحمة" الذي يوثق زلزال 2023 الذي ضرب سوريا وتركيا وخلَّف أكثر من 50 ألف من الضحايا، إذ يجمّع الفيلم تسلسلاً زمنياً من تقارير مئات المذيعين والمصورين والمدنيين الذين يُوثّقون الأيام التي تلت هذا الحادث المأساوي.


اختارت مجلة التايم في 2020 وعد الخطيب على رأس قائمة أكثر 100 شخصية تأثيراً؛ نظراً لجهودها في تعزيز حقوق الإنسان في بلادها والتضامن مع اللاجئين والعمل على تحسين أوضاعهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية