غزة.. كم من إنسان يجب أن يموت جوعًا؟

غزة.. كم من إنسان يجب أن يموت جوعًا؟
سعيد حمد الشقصي- رئيس التحرير

في غزة أصبح للموت طريقان؛ فمن نجا من آلة الحرب والقتل الوحشية التي أطلقتها إسرائيل في غزة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، سيواجه طريقًا آخر: الموت جوعًا أو بالرصاص أمام مستودعات الإغذية التي حولتها إسرائيل لأقبح فخ في التاريخ، قتلت من خلاله المئات من سكان القطاع، الذين ماتوا جوعى برصاص جنودها عند تلك النقاط.

لم تلتقط الكاميرا، منذ عرفتها البشرية، صورًا أقسى من تلك التي تخرج من غزة للأطفال الجوعى؛ فكل شيء في غزة جائع صور الأطفال وهم يصرخون طلبًا للطعام، والرجال وهم يقفون عديمي الحيلة، عاجزين عن توفير أقل مستويات الغذاء لأسرهم. في غزة أصبحت المستشفيات تستقبل يوميًا حالات وفاة ليس بالرصاص أو بشظايا القنابل التي تسقطها الطائرات ولكن جوعًا.. في القطاع، حتى الحيوانات أصبحت هياكل عظمية.

وفي كل يوم، تسجل المستشفيات في غزة وفيات جراء الجوع وسوء التغذية، بلغت حتى الآن 110 حالة، معظمهم من الأطفال الذين حولت الحرب حياتهم إلى جحيم، يطاردهم الموت في اليوم الواحد آلاف المرات.

يحاصر الجوع الحياة في كل شبر من غزة، يقتل الحياة التي تنجو من الحرب. حتى الجراحات الطبية للجرحى تفشل، لأن المصاب يعاني من سوء تغذية شديد يمنعه من النجاة من العمليات – وفقًا لشهادة أطباء في غزة.

وبلغة الأرقام التي لم تُحرّك العالم حتى اللحظة: تجاوزت معدلات سوء التغذية الحاد العالمي 10%، ويعاني 95% من الأسر في غزة من نقص حاد في المياه، وأكثر من 20% من النساء الحوامل والمرضعات اللاتي تم فحصهن يعانين من سوء التغذية وواحد من كل ثلاثة في غزة ينام جائعًا لأيام.

أعتقد أننا في غزة أصبحنا أمام وقت أقرب لإعلان المجاعة قبل سبتمبر المقبل، الذي حذّر برنامج الغذاء العالمي من الوصول إليه دون إيجاد حل لأزمة دخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني. ماذا تنتظر الأمم المتحدة حتى تعلن عن تفشي المجاعة في غزة؟ كم من إنسان من المفترض أن يموت جوعًا حتى تنتهي تلك الحرب؟

دفع سكان غزة كل الأثمان التي من الممكن أن يدفعوها للحرب. قُتلوا بكل الصور وبكل الطرق: بالقصف من الطائرات، وبإطلاق الرصاص، وبالتجويع. أليس هذا يكفي؟ أم لا يزال للفيتو الأمريكي رأي آخر في مجلس الأمن؟ ألم ترتوِ الحكومة الإسرائيلية ما يكفي من الدماء؟

وبالرغم من كل المشاهد التي شاهدناها في غزة، لا يزال طرفا الحرب، بلا استثناء، يضعان العراقيل أمام التوصل لحل أو اتفاق يؤدي، ولو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، يحد من تلك الكارثة. في كل يوم نتابع فيه المفاوضات التي تُجرى بشأن غزة، نتطلع بأمل لحل ينهي كل ذلك، لكن لكلا الطرفين رأيًا آخر.. أكررها مرة أخرى: كم من إنسان من المفترض أن يموت جوعًا؟



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية