«نيويورك تايمز»: ترامب ومشروع 2025 يعيدان ذاكرة القمع العنصري في أمريكا
«نيويورك تايمز»: ترامب ومشروع 2025 يعيدان ذاكرة القمع العنصري في أمريكا
تجددت المخاوف في الولايات المتحدة بعد تداول مشاهد لاعتقال طالب دراسات عليا من جامعة تفتس بواسطة عناصر بزي مدني وملثمين، اقتادوه إلى سيارة بلا أي شعارات رسمية، حيث كانت مثل هذه الحوادث تقتصر في أذهان البعض على الديكتاتوريات، أصبحت اليوم واقعًا ملموسًا على الأراضي الأمريكية، في مشهد صادم للعديد من الليبراليين البيض، بينما لا يثير دهشة أولئك الذين عرفوا تاريخ العنصرية والتمييز في البلاد، وفقا لكريستينا غرير، الاستاذة في جامعة فوردهام.
كتبت غرير، وهي مؤلفة كتاب "الأعراق السوداء: العرق، الهجرة، والسعي وراء الحلم الأمريكي"، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الثلاثاء، انها تستعيد كثيرًا هذه الأيام صورة جدتها، ليليان مكراي، التي ولدت عام 1921 وترعرعت في الجنوب الأمريكي المفصول عنصريًا، وأنها رغم كونها لم تُكمل سوى جزء من الصف التاسع، فقد تلقت تعليمًا عميقًا في فهم ما يستطيع الأمريكيون فعله ببعضهم بعضا.
وقالت غرير: "جلستُ معها مرات لا تُحصى على شرفة منزلها في فلوريدا، حيث كانت تردد دومًا: الوقت الوحيد الذي ينبغي أن تفاجأ فيه هو حين يفاجئك الأمر".
وأوضحت: "لم تكن كلماتها مجرد حكمة شعبية، بل تلخيص لـتجربة كاملة من القمع، والفصل، والتمييز، الذي كان يُمارَس باسم القانون، واليوم، تبدو مشاهد القمع والرقابة والاعتقالات التعسفية وكأنها امتداد لذلك الماضي، لا قطيعة معه".
تراجع الحريات بالمؤسسات العامة
تتكرر مؤشرات هذا التراجع في أماكن العمل والمؤسسات التعليمية، في الآونة الأخيرة، جرى فصل موظفين دون أي إنذار أو تبرير قانوني، واستُهدِفت برامج التنوع والشمول والمساواة، وكأنها عبء على "الجدارة"، التي يُعاد تعريفها بطريقة تُمكّن فقط الرجال البيض من الاحتفاظ بمواقعهم.
ومنع محامون من دخول المباني الفيدرالية للدفاع عن موكليهم، في انتهاك واضح للحق في التمثيل القانوني، وهو أحد أعمدة العدالة في أي نظام ديمقراطي.
وفي مدن مثل كوسيناتي وإل باسو، يسود الخوف من السلطات المحلية، سواء كانت شرطة أو ميليشيات غير رسمية، في مناخ يعيد إلى الأذهان فصولًا من ممارسات قمعية شهِدها الجنوب الأمريكي في القرن الماضي.
مشروع 2025
قالت غرير، يبدو أن هذا الواقع ليس صدفة، بل جزءاً من رؤية أوسع تُجسدها حملة دونالد ترامب، وما يُعرف بـ"مشروع 2025"، الذي يشمل خطة لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية الفيدرالية، بطريقة تمنح الرئيس القادم صلاحيات واسعة للتحكم في الوكالات الحكومية، وتطهيرها من العناصر التي لا تتوافق مع رؤيته السياسية.
وأوضحت أن من يقرأ تاريخ التجربة السوداء في الولايات المتحدة لن يفاجأ بما يحدث اليوم، فقد كانت أنظمة القمع، والرقابة، والتضييق على الحريات، حاضرة دائمًا حين يشعر أصحاب السلطة بأنهم مهددون، سواء من قبل الناخبين السود، أو النساء، أو المهاجرين، أو أي فئة لا تتماشى مع رواية "أمريكا البيضاء العظمى".
واختتمت غرير مقالها، قائلة: "يبدو أن أمريكا تقف اليوم عند مفترق طرق تاريخي، لا يحدد فقط مستقبل السود أو المهاجرين أو المسلمين أو أي فئة أخرى، بل يحدد طبيعة الديمقراطية الأمريكية نفسها.. وعلى الرغم من كل التحديات، فإن الأمل لا يزال ممكنًا، شريطة ألا نستسلم للصدمة، بل نتعلم من التاريخ، كما كانت جدتي تقول، ونستعد لما هو آتٍ، لأنه لن يفاجئ من قرأ الماضي جيدًا".