«واشنطن بوست»: مظاهرات «50501» تملأ الساحات الأمريكية رفضاً لسياسات ترامب
700 فعالية في يوم واحد
شهدت الولايات المتحدة، من أقصاها إلى أقصاها، مئات المسيرات التي شارك فيها الآلاف من المتظاهرين، يوم السبت، تنديدًا بسياسات الرئيس دونالد ترامب، وقد انطلقت التحركات من مدن كبرى مثل واشنطن ومانهاتن، وصولًا إلى بلدات صغيرة في ولايات كوايومنغ وميسيسيبي، في موجة غضب جديدة تُعد الثانية خلال هذا الشهر، تعبيرًا عن معارضة شعبية متصاعدة ضد الإدارة الأمريكية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الأحد، انطلقت الفعاليات ضمن حملة "50501"، وهي حركة لا مركزية بدأت على منصة "ريديت"، وسُمّيت نسبة إلى دعوة أُطلقت في 5 فبراير لتنظيم "50 احتجاجًا في 50 ولاية في يوم واحد"، نظّمت الحركة أكثر من 700 فعالية احتجاجية في مباني الكابيتول في مختلف الولايات.
وعد المتحدث باسم الحركة، هانتر دان، “50501” حركة سلمية شعبية، مؤيدة للديمقراطية والدستور، ورافضة لتجاوزات السلطة التنفيذية.
تركيز على القضايا المحلية
تزامنت احتجاجات، السبت، مع الذكرى الـ250 لاندلاع الثورة الأمريكية، وجاءت بعد أسبوعين فقط من مسيرات "ارفعوا أيديكم" التي شهدت مشاركة ملايين المحتجين في أكبر تظاهرة جماهيرية خلال الولاية الثانية لترامب.
سعى منظمو "50501" إلى استثمار الزخم الجماهيري من تلك المسيرات، وتوجيهه نحو قضايا محلية تتعلق بالهجرة والتدهور الاقتصادي والقرارات التنفيذية المثيرة للجدل.
استبدل المنظمون الأساليب الاحتجاجية التقليدية بأشكال جديدة من التحرك المدني، فقد أقيمت بنوك طعام مؤقتة، وأُطلقت حملات تنظيف للأحياء، في محاولة لربط الاحتجاجات بقضايا الناس اليومية، أشار دان إلى أن الهدف هو "تعزيز الروابط المجتمعية، ومساعدة الجيران، وبناء شبكات دعم تواجه الظروف الصعبة القادمة".
تضامن مع ضحايا الترحيل
تجمّع مئات المتظاهرين في ناشيونال مول بواشنطن، للمطالبة بإعادة كيلمار أبريغو غارسيا، الذي رُحّل إلى أحد أسوأ السجون في السلفادور، ورفع كريس جيلبرت، جندي سابق يبلغ من العمر 40 عامًا، لافتة كُتب عليها "لم أخدم من أجل هذا"، موجهًا نقدًا لاذعًا لما وصفه بـ"تناقض ترامب بين خطاب القانون وسلوك السلطة".
أوضح جيلبرت، الذي يعاني إعاقة نتيجة خدمته العسكرية ويعتمد على مستشفى شؤون المحاربين القدامى المحلي، أنه جاء مدفوعًا بالغضب من قرار الترحيل، قائلًا: "شعرنا بالحاجة إلى الضغط على الإدارة.. أفعال ترامب تناقض شعاراته".
مسيرة نحو البيت الأبيض
انطلق المتظاهرون يهتفون "الحرية لكيلمار" ويتوجهون صوب البيت الأبيض حاملين الأعلام ولافتات تدعو إلى رحيل ترامب، في طريقهم، مرّوا بمكاتب وكالة حماية المستهلك المالي، حيث كان موظفوها يعتصمون احتجاجًا على قرار ترامب الجماعي بتسريح العاملين، لحظة التقى فيها الاعتصام بالمسيرة، ووجه المحتجون هتافًا موحدًا ضد إيلون ماسك، قائلين: "كيف تُهجّى الفساد؟ إي-لون".
تواجد محدود لمعارضي الاحتجاج
ظهر عدد قليل من المتظاهرين المضادين في محيط الفعالية، وأفادت الشرطة الأمريكية بتوقيف شخص واحد بتهمة الاعتداء البسيط، فيما بقيت الأجواء سلمية، كما تجمّع مئات في ساحة لافاييت، قبالة البيت الأبيض، ورفع رجل مسن لافتةً كُتب عليها: "ارفعوا أيديكم عن بياناتنا، أموالنا، ديمقراطيتنا"، وعلى مقربة منه، دفعت أم عربة طفلها رافعة لافتة تقول: "العائلات أهم من المليارديرات".
تكافل أمام منزل نائب الرئيس
نُظم احتجاج آخر أمام منزل نائب الرئيس جيه دي فانس، في مرصد البحرية الأمريكية، رغم غياب فانس وأسرته الذين كانوا يقضون عطلة عيد الفصح في الفاتيكان، وفي وسط العاصمة، أطلقت الحملة فعالية للتكافل الاجتماعي جمعت تبرعات من الطعام ومستلزمات الأطفال ومنتجات النظافة.
وجاء في منشور الحملة: "شعبنا تحت ضغط، مطرودون من العمل، متروكون، محاصرون، نحن عائلة واحدة، والتكافل هو سبيلنا للمقاومة والانتصار".
احتجاجات بألوان سياسية متنوعة
رغم أن تظاهرات السبت كانت أقل حجمًا مقارنة بمسيرات 5 أبريل، فإنها أبرزت تنوعًا سياسيًا لافتًا، ففي بسمارك، داكوتا الشمالية، اصطف أكثر من 200 شخص أمام مبنى الكابيتول، رغم هيمنة الجمهوريين على المؤسسات المحلية، وفي برمنغهام، ألاباما، تحدّى المشاركون الحر والرطوبة، في حين واجه آخرون أمطار بوفالو الباردة.
وفي شيكاغو، سارت الجموع على أنغام موسيقى "هاميلتون"، فيما رفع المتظاهرون لافتات تحت أشجار النخيل في ساراسوتا بفلوريدا، وملأ آخرون شارعًا تاريخيًا في بلدة إفراتا الصغيرة بولاية بنسلفانيا.
غضب في نيويورك
شهدت نيويورك واحدة من كبريات التظاهرات، حيث اجتاح الآلاف وسط مانهاتن رافعين لافتات تُندد بترحيل المقيمين القانونيين، كُتب على بعضها "مرعوبون"، في إشارة إلى اعتقال المرحّلين في سجون أجنبية.
شاركت جيل سكيبيون، 65 عامًا، بالمسيرة بعدما استقلّت القطار من نيوجيرسي، وأوضحت أن رفض الإدارة تسهيل عودة غارسيا، رغم قرار المحكمة العليا، قضى على ثقتها بالديمقراطية الأمريكية، وأضافت: "عند هذه اللحظة، أصبح ترامب ديكتاتورًا".
عبّرت سكيبيون عن رفضها لممارسات الإدارة عبر لافتة استشهدت فيها بالكتاب المقدس: "كنتُ غريبًا، ولم تُرحّبوا بي"، وفي لونغ آيلاند، نظم محتجون وقفة أمام متجر تيسلا تنديدًا بتفكيك القوى العاملة الفيدرالية عبر خدمات يشرف عليها ماسك.
قال بن زينيفيتش، أحد منظمي ائتلاف "أنسر"، إن التحرك لا يهدف إلى تحقيق نصر سريع، بل إلى "بناء حركة مستدامة تتحول إلى قوة سياسية قادرة على التغيير".