«أين الوطن؟».. لاجئون بوتانيون بين الترحيل والرفض وفقدان الهوية

«أين الوطن؟».. لاجئون بوتانيون بين الترحيل والرفض وفقدان الهوية
نارايان كومار سوبيدي يعرض صورة ابنه

تلقى نارايان كومار سوبيدي مكالمة من ابنته في الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع، ظنّها تحمل أخبارًا سارة عن حياة طفليه في المهجر، وربما موعدًا طال انتظاره للمّ الشمل، لكن ما سمعه كان العكس تمامًا حيث يواجه ابنه آشيش، البالغ من العمر 36 عامًا، الترحيل من أمريكا، بعد أن تَورّط في نزاع عائلي استدعى تدخل الشرطة، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

تم احتجاز آشيش لعدة أيام دون توفير دعم قانوني ملائم، قبل أن يقع ضحية لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد المهاجرين، ويتم ترحيله إلى بوتان.

لكن ما تلا الترحيل كان أشبه بكابوس سريالي، فقد وجد آشيش وتسعة لاجئين بوتانيين آخرين أنفسهم بلا جنسية، بلا أوراق، وبلا دولة تعترف بهم. الدولة التي فرّوا منها رفضت استقبالهم، والدولة التي أعادت توطينهم طردتهم، أما الدولة التي دخلوها بحثًا عن المأوى –نيبال– فقد احتجزتهم بتهمة "الدخول غير القانوني".

نارايان، أحد اللاجئين الذين فروا من بوتان في أوائل التسعينيات هربًا من الاضطهاد، لا يزال يعيش في مخيم بيلدانجي في شرق نيبال، بعد استبعاده من برنامج إعادة التوطين بسبب خطأ إداري، واليوم، يعود ابنه إلى المنطقة نفسها، ولكن بصفة "محتجز"، لا "لاجئ".

مصير معلق بين ثلاث دول

قال جوفيندا براساد ريجال، المدير العام للهجرة في نيبال، إن أربعة من المرحّلين العشرة، من بينهم آشيش، تم توقيفهم لدخولهم البلاد "بطريقة غير شرعية عبر الهند"، وإن السلطات لم تقرر بعد ما إذا كانت ستعيدهم إلى بوتان أو الهند، أو ستتخذ إجراءات أخرى بحقهم.

إلا أن الأسرة تمكّنت من التقدم بطلب إلى المحكمة العليا في نيبال، التي أصدرت أمرًا بعدم ترحيلهم حتى 24 أبريل، موعد الجلسة القادمة.

رحلة آشيش بدأت من الولايات المتحدة إلى دلهي، حيث تم استقبالهم في فندق خلال فترة الترانزيت، قبل أن يُنقلوا إلى مطار بارو في بوتان، وهناك، استُقبلوا بترحيب رسمي من السلطات، لكن سرعان ما أُبلغوا بأنهم غير مرحب بهم، وتم منحهم مبلغ 30 ألف روبية هندية لكل فرد، ثم نقلوا إلى مدينة فونتشولينغ على الحدود مع الهند، ومنها أُجبروا على المغادرة خلال أقل من 24 ساعة.

توجهت المجموعة إلى نيبال بمساعدة وسطاء هنود، لكن السلطات النيبالية أوقفت أربعة منهم، بينهم آشيش.

مأزق قانوني وحقوق مهدورة

لا يوجد في نيبال قانون واضح لحماية اللاجئين أو عديمي الجنسية، ما يجعل وضع أمثال آشيش مأساويًا ومبهمًا من الناحية القانونية، فقد أنكرته دولتان، ولم تعترف به الثالثة.

وقال تولسي بهاتاراي، أحد مسؤولي الهجرة الذين يحققون في القضية، إن إفادات اللاجئين أكدت دخولهم عبر الهند، وإن التحقيقات شملت جمع وثائق من فترة إقامتهم السابقة في المخيمات.

وتعيد الحالة الجديدة إلى الأذهان بدايات أزمة اللاجئين في التسعينيات، حين فرّ أكثر من 100 ألف بوتاني ناطق بالنيبالية إلى نيبال، بين عامي 2007 و2018، تم إعادة توطين أكثر من 113 ألف لاجئ بوتاني في دول ثالثة، أغلبهم في الولايات المتحدة، لكن نحو 6500 لاجئ لا يزالون عالقين في مخيمات نيبال بلا أفق واضح.

نداءات عاجلة للتدخل الدولي

أطلقت منظمات حقوقية نداءات عاجلة، مطالبة الأمم المتحدة، وسفارتي الولايات المتحدة والهند، وحكومة نيبال بالتدخل، وجاء في بيان مشترك لقادة المجتمع المدني والسياسي في الشتات البوتاني، أن "هؤلاء ليسوا مجرد أرقام، بل بشر لهم تاريخ وهوية وحقوق"، وفق تعبير رام كاركي، منسق الحملة العالمية للإفراج عن السجناء السياسيين في بوتان.

يعود أصل الأزمة إلى تسعينيات القرن الماضي، حين بدأت حكومة بوتان بطرد عشرات الآلاف من السكان الناطقين بالنيبالية ضمن ما وصفته بسياسات "التطهير الثقافي"، متهمة إياهم بعدم الولاء، وانتهى المطاف بهؤلاء إلى العيش في مخيمات اللاجئين في نيبال، ومنهم من أعيد توطينه في دول مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، بينما لا يزال آلاف منهم يعيشون في ظروف قاسية دون اعتراف قانوني.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية