«نيويورك تايمز»: ترحيل طفلة أمريكية إلى هندوراس يثير انتقادات قضائية واسعة

أعرب قاضٍ فيدرالي في لويزيانا عن قلقه الشديد من قيام إدارة ترامب بترحيل طفلة أمريكية تبلغ من العمر عامين إلى هندوراس، دون أن تمر بأي إجراءات قانونية معتبرة، رغم تقديم والدها التماسًا عاجلًا لمنع ذلك.

ووفقًا لما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم السبت، أصدر القاضي تيري أ. دوتي، المعين من قبل الرئيس دونالد ترامب، أمرًا موجزًا عن المحكمة الجزئية الفيدرالية للمنطقة الغربية من لويزيانا، انتقد فيه تصرفات الإدارة بشدة.

تساءل دوتي عن الأسباب التي دفعت إلى ترحيل الطفلة، المعروفة في سجلات المحكمة بالأحرف الأولى V.M.L، مع والدتها، على الرغم من الجهود القانونية التي بذلها والدها لإيقاف العملية.

وأكد القاضي في نص قراره أن الحكومة بررت قرارها برغبة الأم في اصطحاب طفلتها معها إلى هندوراس، إلا أن المحكمة لم تتلقَ أي أدلة تدعم هذا الادعاء بشكل قانوني موثق، وشدد القاضي دوتي على أن ترحيل مواطن أمريكي يعد عملًا "غير قانوني وغير دستوري"، وحدد جلسة استماع بتاريخ 16 مايو للنظر في القضية واستجلاء الحقائق المرتبطة بها.

الطعن في سياسات الترحيل

كشف القاضي أن القضية الراهنة تمثل امتدادًا للتحديات القضائية التي تواجهها سياسات إدارة ترامب الخاصة بالترحيل، وكانت الإدارة قد تعرضت لإيقاف من قبل سبعة قضاة فيدراليين في قضايا مماثلة، منها محاولات لترحيل مهاجرين فنزويليين متهمين بالانتماء إلى عصابات إلى السلفادور، استنادًا إلى قانون نادر الاستخدام يعود لزمن الحرب.

وأثارت الإدارة كذلك موجة انتقادات بعد ترحيلها لمواطن من ولاية ماريلاند يدعى كيلمار أرماندو أبريغو غارسيا إلى السلفادور، وسط رفضها اتخاذ إجراءات لإعادته رغم الشكوك القانونية المحيطة بعملية ترحيله.

ورافقت الطفلة V.M.L والدتها، جيني كارولينا لوبيز فيليلا، وشقيقتها الكبرى فاليريا، إلى موعد رسمي مع دائرة الهجرة في مدينة نيو أورلينز يوم الثلاثاء، خلال الموعد، أقدمت سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية على احتجاز العائلة بأكملها.

وخططت السلطات لترحيل السيدة لوبيز فيليلا بصورة عاجلة يوم الجمعة، وأكد محامو وزارة العدل في دعوى قضائية لاحقة أن الأم أبلغت مسؤولي الهجرة برغبتها في الاحتفاظ بحضانة طفلتها، ومرافقتها لها إلى هندوراس، غير أن تفاصيل الدعوى التي رفعها والد الطفلة تروي قصة مختلفة.

التدخل قبل الترحيل

سعى والد الطفلة، عبر التماس قدمه الحاضنة تريش ماك يوم الخميس، إلى وقف ترحيل ابنته، أشار الالتماس إلى أن الأب، الذي لم يكشف عن اسمه، تحدث مع السيدة لوبيز فيليلا هاتفيًا، وسمع بكاءها وبكاء الأطفال، وهو ما عده مؤشرًا على رفض الأم لقرار الترحيل.

حاول الأب تزويد الأم برقم هاتف محامٍ متخصص لمساعدتها، غير أن المكالمة قُطعت بشكل مفاجئ من قبل مسؤولي الهجرة، بحسب ما ورد في الالتماس.

عد الوالد احتجاز طفلته "يفتقر إلى أي أساس قانوني" وينتهك "حقوقها الأساسية في الإجراءات القانونية الواجبة"، مطالبًا المحكمة بالإفراج الفوري عنها وتسليمها إلى حاضنتها تريش ماك.

القاضي يتحرى بنفسه

حاول القاضي دوتي التدخل بشكل مباشر عبر الاتصال بالسيدة لوبيز فيليلا عصر الجمعة للحصول على تأكيد مباشر لرغبتها وخياراتها في حضانة الطفلة، رغم جهوده، اكتشف القاضي أن طائرة تقل الأم وابنتيها كانت قد غادرت بالفعل أجواء الولايات المتحدة، متجهة إلى هندوراس.

تلقى القاضي تأكيدًا رسميًا عبر محامٍ في وزارة العدل الساعة 1:06 ظهرًا أن السيدة لوبيز فيليلا وطفلتيها تم إطلاق سراحهم في هندوراس، وصف القاضي ما حدث بأنه يدعم "الشكوك القوية" في أن الحكومة قد رحّلت مواطنًا أمريكيًا دون مراعاة أي ضمانات قانونية أساسية.

وحتى مساء يوم الجمعة، لم تصدر وزارة الأمن الداخلي ولا البيت الأبيض أي تعليق رسمي على الحادثة رغم تلقيهما طلبات متعددة للإدلاء ببيانات توضيحية حول ما جرى.

وتختتم الصحيفة الأمريكية ، مؤكدة ان هذه القضية تطرح تساؤلات خطرة حول مدى احترام الحقوق الدستورية للمواطنين الأمريكيين في ظل السياسات المتشددة الخاصة بالهجرة، وتبرز أهمية الرقابة القضائية المستقلة لضمان عدم تجاوز السلطات التنفيذية للحدود القانونية.