اليوم الدولي للمحيطات.. دعوة أممية لإنصاف بيئي لجميع الشعوب
يحتفل به 8 يونيو من كل عام
يحتفل العالم باليوم الدولي للمحيطات، في 8 يونيو من كل عام، ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار "روعة المحيط، وصون ما يعيننا على البقاء"، في وقت حرج تتزايد فيه التهديدات التي تواجه النظم البيئية البحرية، وتتعاظم فيها الحاجة إلى عدالة مناخية وإنصاف بيئي لجميع الشعوب، لا سيما المجتمعات الساحلية والفئات الأكثر هشاشة.
وأُطلق اليوم الدولي للمحيطات لأول مرة بمبادرة من كندا في مؤتمر الأرض عام 1992، ليبدأ اعتماده رسميًا من قِبل الأمم المتحدة في عام 2008، ويُحتفل به سنويًا في الثامن من يونيو.
ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا اليوم محطة سنوية لتسليط الضوء على أهمية المحيطات، بوصفها رئة الكوكب ومصدرًا رئيسيًا للحياة.
شعار 2025
يعكس شعار العام 2025 "روعة المحيط، وصون ما يعيننا على البقاء" رغبة المجتمع الدولي في إعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان والمحيط، بحيث تقوم على الاحترام والتوازن والاستدامة، لا على الاستنزاف والاستغلال، ويمثّل هذا الشعار امتدادًا لجهود عِقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات في خدمة التنمية المستدامة (2021-2030)، ويواكب انعقاد مؤتمر المحيط العالمي في نيويورك خلال نفس الأسبوع.
وتشكل المحيطات أكثر من 70% من سطح الأرض، وتنتج نحو 50% من الأوكسجين الذي نتنفسه، وتوفر الغذاء لنحو مليار شخص، كما تحتضن معظم التنوع البيولوجي في كوكبنا، إضافة إلى ذلك، تُعد دعامة لاقتصادات العالم، حيث يُتوقع أن يعمل نحو 40 مليون شخص في الصناعات البحرية بحلول عام 2030.
لكن المفارقة الموجعة أن هذا المصدر الحيوي للحياة يعاني اليوم من تدهور خطير بفعل النشاط الإنساني، فـ90% من الأسماك الكبيرة باتت مستنزفة، ونحو 50% من الشعاب المرجانية تلاشت أو دُمّرت، إلى جانب ارتفاع مقلق في التلوث البلاستيكي، وامتصاص المحيطات لما يقارب 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يهدد
تحقيق العدالة البيئية
يرتبط تدهور المحيطات بشكل وثيق بانتهاكات لحقوق الإنسان البيئية، وخصوصًا في الدول النامية والجزر الصغيرة النامية، حيث تعتمد المجتمعات الساحلية اعتمادًا كليًا على البحر في غذائها ومعيشتها وهويتها الثقافية.
وفي ظل التغير المناخي، تواجه هذه المجتمعات مخاطر متزايدة تتراوح من فقدان التنوع البيولوجي إلى ارتفاع منسوب البحار، ما يجعل من حماية المحيطات مسؤولية أخلاقية وإنسانية قبل أن تكون بيئية فقط.
تولي احتفالات هذا العام اهتمامًا خاصًا بدور الشباب في الدفاع عن المحيطات، من خلال تعزيز القيادة البيئية، والمشاركة في مشاريع التوعية، والضغط من أجل سياسات أكثر عدالة، إذ تؤكد الحملة أن مستقبل الكوكب مرهون بإشراك الأجيال الجديدة في المعركة ضد تغير المناخ وتدهور النظم البيئية البحرية.
ويُنظم الاحتفال الرسمي لليوم العالمي للمحيطات 2025 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بالشراكة بين شعبة شؤون المحيطات وقانون البحار، ومنظمة أوشنيك غلوبال Oceanic Global، ويجمع قادة العالم وخبراء العلوم البيئية ونشطاء المجتمع المدني.
ويُعد الحدث منصة للحوار وتبادل الحلول بشأن الإدارة المستدامة للمحيطات، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، وخصوصًا الهدف 14: الحياة تحت الماء.
وتعد رسالة هذا اليوم للعالم واضحة: لا يمكن للإنسان أن يعيش دون محيطات سليمة، فالمحيطات ليست مجرد مشهد طبيعي خلاب، بل هي شريان الحياة، وسند الكوكب في معركته ضد التغير المناخي، ولا بد من توحيد الجهود الدولية لوضع حد للصيد الجائر، والحد من التلوث، وتعزيز البحث العلمي، وتمويل مبادرات الحماية.
ولا يُمكن فصل كرامة الإنسان عن صحة المحيط، فالمعركة من أجل إنقاذ المحيطات، هي في جوهرها معركة من أجل العدالة المناخية وحق الشعوب في بيئة سليمة وآمنة.