"أوتشا" تقلص خطة مساعداتها لعام 2025 للنصف بسبب تراجع التمويل الدولي

"أوتشا" تقلص خطة مساعداتها لعام 2025 للنصف بسبب تراجع التمويل الدولي
"أوتشا" تقلص خطة مساعداتها لعام 2025 للنصف

قلّص مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بشكل غير مسبوق خطته للمساعدات الإنسانية العالمية لعام 2025، في ظل ما وصفه بأسوأ اقتطاع مالي يضرب القطاع الإنساني منذ تأسيسه، ما ينذر بكارثة إنسانية تهدد عشرات الملايين من الفئات الأكثر ضعفاً حول العالم.

وأوضح المكتب في بيان رسمي، اليوم الاثنين، أن الميزانية المستهدفة للعام المقبل جرى تخفيضها من 44 مليار دولار إلى 29 مليار دولار، بنسبة تقارب 35%، رغم تصاعد الأزمات الإنسانية في عدد من المناطق الساخنة كغزة والسودان والكونغو وبورما.

وأفادت "أوتشا" بأن الخطة المعدلة ستركّز على تقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى 114 مليون شخص فقط، بدلاً من 180 مليوناً كانوا مشمولين بالخطة الأصلية التي أُطلقت في ديسمبر 2024.

ويأتي هذا القرار بعد أن تمكنت الأمم المتحدة من جمع 5.6 مليار دولار فقط، أي 13% من المبلغ الأصلي المطلوب، رغم مرور ستة أشهر من السنة، في وقت تستمر فيه النزاعات والكوارث البيئية في التوسع.

وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، في تصريح مؤلم: "لقد اضطررنا إلى إجراء فرز لنجاة البشر... الأرقام وخيمة والعواقب مؤلمة.. لن يحصل كثيرون على المساعدة التي يحتاجون إليها، لكننا سننقذ أكبر عدد ممكن من الأرواح بالموارد المتاحة".

تراجع القطاع الأممي

وتحمّل الأمم المتحدة في جانب كبير من هذه الأزمة قرار الولايات المتحدة، التي كانت تُعد أكبر مانح للمساعدات الإنسانية، بخفض برامجها الخارجية بشكل حاد منذ ولاية الرئيس دونالد ترامب، حيث أدى تقليص التمويل الأميركي إلى تعطيل برامج تطعيم، وتوزيع أدوية لمكافحة الإيدز، وجهود مكافحة السل في آسيا، إلى جانب المساعدات الطارئة.

وأشار مسؤولون أمميون إلى أن الخسائر الناجمة عن توقف الدعم الأميركي لا يمكن تعويضها "لا في أسابيع ولا في أشهر"، إذ كانت بعض وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تعتمد بنسبة تفوق 30% على التمويل الأميركي المباشر.

وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن "ملايين الأرواح على المحك نتيجة هذه التخفيضات غير المسؤولة"، منددًا بما وصفه بـ"العجز المتعمد عن الوفاء بالتزامات أخلاقية وإنسانية تجاه الفئات الضعيفة".

قائمة المجاعة تتسع 

وفي الوقت نفسه، أصدرت كل من منظمة الأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي تقريراً مشتركاً حدّد خمس مناطق تواجه مجاعة وشيكة أو تعاني منها بالفعل، وهي: السودان، وقطاع غزة، وجنوب السودان، وهايتي، ومالي.

وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن "التحذير وحده لا يُنقذ الأرواح. من دون تمويل ومن دون قدرة على الوصول، لا يمكننا أداء مهامنا".

وكان البرنامج قد أعلن في مايو الماضي عن أزمة "غير مسبوقة" في غرب ووسط إفريقيا، بعدما جرى تقليص ميزانيته لعام 2025 بنسبة 40%، ما أدى إلى وقف المساعدات الغذائية لملايين الأشخاص.

وفي كولومبيا، فشلت 25 من أصل 28 منظمة إنسانية في تقديم أي خدمات في مخيم غواخيرا للاجئين بحلول مايو، بسبب نقص التمويل. أما في بنغلادش، فقد باتت برامج مكافحة السل مهددة بالإغلاق، في حين تتراجع جهود مكافحة الإيدز في إفريقيا الجنوبية.

أزمة عالمية في التمويل

ورغم تحميل واشنطن جانباً كبيراً من الأزمة، فإن الأمم المتحدة تشير أيضاً إلى تراجع كبير في التزامات العديد من الدول المانحة، التي باتت تفضّل توجيه مواردها نحو سياسات داخلية وأولويات اقتصادية خاصة، خصوصاً في ظل ارتفاع التضخم وتزايد التوترات الجيوسياسية.

وحذّر فليتشر من أن "العالم اليوم يتخلى عن أكثر من 60 مليون إنسان كانوا ينتظرون المساعدة... كل ما نطلبه لا يتجاوز 1% مما أُنفِق على الحروب العام الماضي"، داعياً إلى "استعادة الروح الإنسانية، وتحقيق التضامن الدولي، والوفاء بالمسؤولية الأخلاقية تجاه البشرية".

ومن أجل تعظيم الأثر في ظل الموارد المحدودة، قالت الأمم المتحدة إنها ستستخدم آلية تصنيف جديدة للأولويات، ترتكز على شدة الاحتياجات الإنسانية. 

وستُعطى الأولوية للمناطق المصنفة ضمن الدرجة الرابعة والخامسة، أي تلك التي تعاني من "ظروف إنسانية قاسية أو كارثية".

كما ستعتمد بعض البرامج على المساعدات النقدية بدل العينية، لمنح العائلات المحتاجة حرية شراء ما يلزمهم فعلياً، وتقليص التكاليف التشغيلية.

ورغم هذه الإجراءات، تعترف "أوتشا" بأن التخفيضات ستُبقي ملايين الأشخاص بدون مأوى أو غذاء أو علاج، وهو ما اعتبره مراقبون "وصمة فشل جماعي" لنظام المساعدات العالمي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية