ضحايا بلا أثر.. تقرير أممي: دول ومهربون وراء اختفاء وتعذيب المهاجرين
في تقرير تستعرضه الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان
كشف تقرير أممي حديث عن استمرار تفشي انتهاكات جسيمة بحق المهاجرين في عدة مناطق حول العالم، تراوح بين الاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي، سواء على يد سلطات الدول أو جهات فاعلة من غير الدول، في ظل غياب التنسيق الدولي وضعف آليات الحماية.
جاء ذلك في تقرير المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، جهاد ماضي، المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ59، التي تتواصل أعمالها في جنيف حتى 11 يوليو المقبل، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه.
يضع التقرير عنوانًا صارخًا لحالة حقوق المهاجرين: «حماية الحياة غائبة، والضحايا يُفقدون في المجهول»، مشيرًا إلى أن أعداد المهاجرين المختفين تتزايد في ظل عجز دول المنشأ والعبور والمقصد عن تنسيق الجهود والتحقيق بفعالية في هذه الحالات.
وأبرز التقرير أن ممارسات الولايات المتحدة في مجال احتجاز المهاجرين تشكل مصدر قلق بالغ، حيث يتم في كثير من الأحيان تفريق الأسر المهاجرة أثناء الاحتجاز، وينقل بعض أفراد الأسرة، بمن فيهم الأطفال، إلى مراكز احتجاز تابعة لإدارة الهجرة والجمارك، دون إبلاغ ذويهم بمكان وجودهم.
وأشار التقرير إلى أن العديد من المحتجزين يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، ولا تتمكن أسرهم من التواصل معهم، ما يضيف طابعًا من الإخفاء القسري إلى سياسات الهجرة الصارمة.
وفي مناطق أخرى، خصوصًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وثق التقرير وقوع آلاف المهاجرين ضحايا لعمليات اتجار بالبشر واستغلال قسري، بعد أن وقعوا في فخ الاحتيال الإلكتروني.
ووفقًا للتقرير، تم اختطاف هؤلاء المهاجرين واحتجازهم قسرًا وإجبارهم على العمل في أنشطة احتيالية، غالبًا تحت التهديد والعنف.
وانتقد التقرير قصور الإجراءات الرسمية في التعامل مع الرفات البشرية للمهاجرين المختفين، موضحًا أن أنظمة الطب الشرعي، خصوصًا في الولايات المتحدة، تعاني من اللامركزية وسوء التنسيق.
وعلى سبيل المثال، لم تُنقل تقارير الأشخاص المفقودين في ولاية تكساس إلى سلطات الطب الشرعي في ولاية أريزونا، ما أدى إلى تأخير عمليات البحث أو إهمالها بالكامل. وفي حالات كثيرة، تُدفن جثث المهاجرين في مقابر جماعية أو بدون علامات، دون توثيق مناسب أو أخذ عينات من الحمض النووي.
ويفتقر كثير من الدول إلى بروتوكولات واضحة لحفظ الجثث أو تحديد هوية أصحابها أو إعادتها إلى أوطانهم، ما يصعّب على الأسر الوصول إلى الحقيقة بشأن مصير أحبائهم.
ولفت التقرير إلى أن النساء والأطفال من بين أكثر المتضررين من حالات الاختفاء في سياق الهجرة. فالنساء اللواتي يختفي أزواجهن يتعرضن للوصم الاجتماعي والإقصاء، ويجدن أنفسهن مضطرات لتولي مسؤولية الأسرة في ظل أوضاع مالية حرجة، ما يدفع بعضهن للهجرة مجددًا في ظروف أكثر هشاشة.
أما الأطفال، فإن فقدان أحد أفراد الأسرة أو كليهما يترك آثارًا نفسية وسلوكية عميقة وطويلة الأمد، تتمثل في الكآبة، اضطرابات النمو، والانفصال عن الواقع.
ودعا المقرر الأممي الدول إلى إزالة الطابع الأمني والعسكري عن إدارة شؤون الهجرة، مع التأكيد على أن حماية الحق في الحياة لا يجب أن تكون مرهونة بوضع الهجرة.
كما أوصى التقرير بإلغاء تجريم الهجرة، خاصة عدم احتجاز الأطفال على الإطلاق. وإتاحة المسارات الآمنة والإنسانية للهجرة، بما يضمن الوصول إلى الحقوق والخدمات الأساسية. وضمان عدم تفريق أفراد الأسر أثناء الاحتجاز أو الترحيل أو حتى في عمليات الإنقاذ. وإنشاء قاعدة بيانات مركزية لتوثيق المحتجزين والمختفين.
وأكد التقرير أن التحديات العابرة للحدود لا تعفي الدول من مسؤولياتها بموجب القانون الدولي، مشددًا على ضرورة التعاون الفعّال بين دول المنشأ والعبور والمقصد، إلى جانب المجتمع المدني، لتفادي وقوع المزيد من المآسي وإنهاء ظاهرة الاختفاء القسري في سياق الهجرة.