مجلس حقوق الإنسان يرفض محاولة إريتريا إنهاء تحقيق أممي بشأن انتهاكات

خلال فعاليات الدورة 59 بجنيف

مجلس حقوق الإنسان يرفض محاولة إريتريا إنهاء تحقيق أممي بشأن انتهاكات
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

رفض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في دورته الـ 59 محاولة تقدمت بها حكومة إريتريا لإنهاء تفويض الخبير الأممي المكلّف بالتحقيق في أوضاع حقوق الإنسان داخل البلاد، في خطوة رحّب بها دبلوماسيون ومنظمات حقوقية، معتبرين أنها انتصار للمساءلة ومنع الإفلات من العقاب.

وصوّت لمصلحة الاقتراح الإريتري 4 دول فقط، بينما رفضته 25 دولة، وامتنعت 18 أخرى عن التصويت، وهو ما عُدّ بمنزلة رفض حاسم ونادر لمحاولة دولة خاضعة للتحقيق أن تُنهي من جانب واحد الولاية المفروضة عليها وفق وكالة رويترز.

تمديد تلقائي وتثبيت للمراقبة الدولية

في المقابل، تم تمرير اقتراح بديل تقدّمت به دول الاتحاد الأوروبي، يقضي بتمديد ولاية الخبير الأممي لعام إضافي، دون مواجهة صعوبات، ما يعكس إجماعًا دوليًا واسعًا على أهمية استمرار مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في إريتريا.

وقال ممثل الاتحاد الأوروبي خلال الجلسة إن إنهاء الولاية كان سيمثل "رسالة خاطئة تسمح بمزيد من القمع بصمت، وتكرّس الإفلات من العقاب في واحدة من أكثر الدول قمعًا في العالم".

تقرير أممي: اعتقالات تعسفية وخدمة عسكرية قسرية

وكان المقرر الخاص الحالي، المحامي السوداني محمد عبد السلام بابكر، قد وصف في تقريره الأخير الوضع الحقوقي في إريتريا بأنه "حرج"، مشيرًا إلى استمرار الاعتقالات التعسفية واسعة النطاق، وفرض خدمة وطنية قسرية غير محددة المدة، وهي أبرز الأسباب التي تدفع آلاف الإريتريين لمحاولة الفرار من البلاد سنويًا.

وأكد بابكر أن هذه الانتهاكات "تشكّل أنماطًا ممنهجة تستدعي مراقبة دولية مستمرة، وعدم التساهل في متابعتها".

منظمات حقوقية ترحب... وأسمرا تهاجم 

من جهتها، رحبت منظمة "ديفند ديفندرز" الحقوقية بقرار التمديد، معتبرة أن الخبير الأممي "يلعب دورًا محوريًا في تسليط الضوء على الانتهاكات، وإعطاء صوت للضحايا داخل وخارج البلاد".

لكن إريتريا، على لسان القائم بالأعمال هابتم زراي غيرماي، ندّدت بالقرار، وهاجمت الاتحاد الأوروبي، متهمة إياه بـ"عقدة المنقذ الاستعماري الجديد"، ووصفت التمديد بأنه "إهانة للعقل والعدالة"، في إشارة إلى ما تعدّه تدخلًا غير مبرر في شؤونها الداخلية.

دعم من دول خاضعة لتحقيقات

المقترح الإريتري حظي بدعم إيران، السودان، وروسيا، وهي دول تخضع بدورها لتحقيقات مشابهة في المجلس الأممي لحقوق الإنسان، ما يسلط الضوء على تحالفات جديدة بين أنظمة تتعرض لانتقادات حقوقية دولية.

أما الصين، فأعربت عن دعمها المبدئي لإريتريا، معتبرة أن "مثل هذه التفويضات للتحقيق تمثل مضيعة للموارد"، وهو موقف متكرر في سجل بكين داخل مؤسسات الأمم المتحدة حين يتعلق الأمر بتوسيع ولايات التحقيق.

وقد اعتبر مراقبون في المجلس أن محاولة إريتريا، رغم فشلها، تثير مخاوف من سابقة خطِرة لو كانت قد نجحت، إذ كانت ستُفسّر على أنها إمكانية للدول المتهمة بانتهاكات حقوقية لإنهاء الرقابة الدولية من جانب واحد.

ويقول محللون إن الفشل الذريع للمقترح الإريتري يكرّس واقعًا جديدًا داخل المجلس، يتمثل في تعزيز آليات المحاسبة الدولية، مقابل محاولات متزايدة من بعض الأنظمة لإضعاف تلك الآليات أو اختراقها دبلوماسيًا.

تخضع إريتريا لمراقبة مجلس حقوق الإنسان منذ سنوات، بسبب سجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، ويواجه النظام الحاكم بقيادة الرئيس أسياس أفورقي اتهامات متكررة بفرض الاستبداد السياسي، قمع حرية التعبير، وتجنيد الشباب قسرًا في الخدمة العسكرية لمدد غير محددة، وسط تقارير عن أعمال تعذيب واختفاء قسري، نفتها الحكومة الإريترية مرارًا.

الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان

انطلقت الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مقر المجلس بجنيف في 18 يونيو 2025، وتستمر حتى 12 يوليو، وسط تركيز متزايد على قضايا النزاعات المسلحة، وحريات التعبير، والانتهاكات المتزايدة في عدد من الدول الأعضاء.

تأتي الدورة الحالية في وقت يشهد تصاعدًا عالميًا في القيود على المجتمع المدني، وتراجعًا حادًا في الحريات الأساسية، ما دفع المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى التحذير من تآكل المعايير الدولية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية