ارتفاع غير مسبوق في البطالة بين خريجي الجامعات بالولايات المتحدة
ارتفاع غير مسبوق في البطالة بين خريجي الجامعات بالولايات المتحدة
أظهرت بيانات رسمية الأحد ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات الجدد في الولايات المتحدة إلى 5.8%، وهي النسبة الأعلى منذ نوفمبر 2013، باستثناء فترة جائحة كوفيد-19، ما يثير مخاوف بشأن أداء سوق العمل للشباب في ظل تباطؤ اقتصادي مستمر.
ويشير محللون إلى أن هذه النسبة، التي تتجاوز المعدل العام للبطالة في البلاد (3.5 – 4%)، تمثل وضعًا غير اعتيادي، وتعكس تحديات هيكلية في قطاعات التوظيف التقليدية للخريجين، وعلى رأسها التكنولوجيا والمالية والخدمات المهنية وفق فرانس برس.
وبحسب شركة "غوستو" المتخصصة في إدارة الموارد البشرية، تراجع التوظيف الجديد للخريجين بنسبة 16% خلال عام 2025 مقارنة بالعام السابق، وسط موجة من تجميد التوظيف وخفض العمالة نتيجة التباطؤ الاقتصادي وعدم اليقين المرتبط بالسياسات الاقتصادية لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
تأثير الذكاء الاصطناعي
ويعزو خبراء اقتصاد من "أوكسفورد إيكونوميكس" و"إيه واي بارتينون" هذا التراجع إلى خليط من العوامل، من بينها تراجع الطلب على العمالة المبتدئة، واعتماد تدريجي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التحولات في أولويات التوظيف بعد الجائحة.
وأوضح الخبير الاقتصادي ماثيو مارتن أن "فرص العمل في قطاعات الخدمات تراجعت بأكثر من 40% منذ عام 2021"، مشيرًا إلى أن الشركات باتت أكثر حذرًا في تعيين موظفين جدد، لا سيما من الخريجين الجدد.
ضغوط معيشية وديون
ويعاني العديد من الخريجين من ضغوط مالية متزايدة، في ظل تكاليف معيشية مرتفعة ومتوسط ديون طلابية يتجاوز 29,500 دولار. وتبلغ كلفة التعليم الجامعي في الولايات المتحدة نحو 27,673 دولارًا سنويًا، ما يجعل سوق العمل الضعيفة تحديًا إضافيًا للخريجين الجدد.
وتقول كاتي بريمر، خريجة علوم البيئة والصحة العامة من الجامعة الأمريكية عام 2021، إنها احتاجت لأكثر من عام للعثور على وظيفة بدوام كامل، رغم اضطرارها للعمل في مجال رعاية الأطفال لزيادة دخلها.
ويرجّح المحللون استمرار تباطؤ سوق العمل أمام الخريجين في المستقبل القريب، وسط تحذيرات من أن التعديلات الجارية في الاقتصاد وسوق التوظيف قد تدفع الطلاب إلى إعادة النظر في تخصصاتهم الجامعية.
وقال الخبير الاقتصادي ماثيو مارتن: "من المرجح أن تسوء الأمور قبل أن تبدأ في التحسن".
اقتصاد أمريكي متقلب
يأتي هذا التراجع في توظيف خريجي الجامعات في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تباطؤًا ملحوظًا بعد سنوات من التعافي النسبي عقب جائحة كوفيد-19. ويعاني الاقتصاد من معدلات تضخم مرتفعة بلغت نحو 3.4% في منتصف 2025، في حين أبقى الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لاحتواء التضخم.
وترافق ذلك مع حالة من الضبابية السياسية بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم في يناير الماضي، حيث تسببت تصريحاته ومواقفه تجاه التجارة والرسوم الجمركية والعلاقات الدولية في زيادة الحذر بين الشركات الكبرى، التي عمدت إلى تقليص الإنفاق وتجميد خطط التوظيف.
ويواصل سوق العمل الأمريكي إظهار مؤشرات قوة جزئية، خصوصًا في قطاعات مثل التصنيع والطاقة، إلا أن القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والتمويل والخدمات المهنية – التي يعتمد عليها خريجو الجامعات – لا تزال تعاني من تراجع حاد في التوظيف والاستثمار.