"واشنطن بوست": قرار فيدرالي يُقصي أطفال المهاجرين غير الموثقين من "التعليم المبكر"

"واشنطن بوست": قرار فيدرالي يُقصي أطفال المهاجرين غير الموثقين من "التعليم المبكر"
أحد برامج التعليم المبكر

أعلنت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا يستهدف حرمان الأطفال غير الموثقين من الاستفادة من برنامج "هيد ستارت"، أحد أقدم برامج التعليم المبكر المموّلة اتحاديًا في البلاد، والذي يخدم مئات الآلاف من الأطفال في سن ما قبل المدرسة.

ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، اليوم السبت، أصدر البيت الأبيض الإعلان بالتنسيق مع وزارات التعليم، والزراعة، والعمل، والعدل، في خطوة وصفها بأنها "أكبر إصلاح منذ أكثر من 30 عامًا لحماية المزايا التي يمولها دافعو الضرائب للمواطنين الأميركيين، لا للمهاجرين غير الشرعيين"، على حد تعبيره.

وأكدت إدارة ترامب أن هذه الخطوة تأتي استكمالًا للسياسات المعمول بها منذ إصلاح الرعاية الاجتماعية عام 1996، والذي حرم المهاجرين غير الموثقين من أغلب المزايا الفيدرالية، بما في ذلك برنامج المساعدة الغذائية "ميديكيد"، لكن اللافت أن برنامج "هيد ستارت" لم يكن ضمن هذه القيود، إذ ظل يستقبل الأطفال بغضّ النظر عن وضعهم القانوني طول العقود الماضية.

الحق في التعليم المبكر

وصرّحت المديرة التنفيذية للجمعية الوطنية لبرنامج هيد ستارت، ياسمينا فينشي، بأن القرار يُمثل "انتهاكًا مباشرًا لالتزام الدولة تجاه الأطفال"، معتبرة أن "حرمان الأطفال من حقهم في التعليم المبكر ينسف مبادئ العدالة والدمج، ويصف الأطفال بصفات قانونية لا ذنب لهم فيها"، على حد قولها.

وقدّر خبراء الهجرة أن التأثير العددي للقرار قد يكون ضئيلًا، بالنظر إلى أن أغلب الأطفال دون سن الخامسة الذين يعيشون مع والدين غير موثقين هم من مواليد الولايات المتحدة ويحملون الجنسية.

مع ذلك، شددت المديرة المساعدة للأبحاث في معهد سياسات الهجرة، جولي شوغرمان، على أن "الأمر لا يتعلق بالأرقام بل بالرسالة السياسية"، مشيرة إلى أن الإدارة تمضي في سياسة منهجية تهدف إلى ترهيب المهاجرين ومنعهم من الوصول لأي دعم حكومي.

تمويل علاج الصحة النفسية

وسّعت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية نطاق ما يُصنّف على أنه "ميزة عامة" لتشمل برامج ومنحًا لم تكن تُعتبر كذلك من قبل، بما فيها تمويل علاج الصحة النفسية، وخدمات المشردين، وإعادة تأهيل المدمنين.

أوضحت المحامية البارزة في المركز الوطني لقانون الهجرة، تانيا برودر، أن "الإدارة لا تُعدل القوانين بل تُفسرها بشكل يوسّع نطاق الحرمان"، معتبرة أن هذه التعديلات "تخلق ارتباكًا قانونيًا عميقًا في صفوف الجهات المستفيدة والمقدّمة للخدمة".

ومن جانبها، عبّرت مسؤولة المناصرة الفيدرالية في برنامج قانون الصحة الوطني، مارا يودلمان، عن قلقها من أن هذه التعديلات قد تُجبر مقدمي الخدمات على فحص الوضع القانوني للمرضى، ما قد يؤدي إلى حرمان المواطنين الأميركيين أنفسهم من العلاج بسبب التعقيدات البيروقراطية.

أضافت أن "التمييز في تقديم خدمات الصحة النفسية والإدمان قد يُقوّض الصحة العامة ويُثقل كاهل العيادات المجتمعية التي تعاني أصلًا من نقص التمويل".

التصعيد نحو المدارس العامة

أثار قرار تقييد برنامج "هيد ستارت" قلقًا واسعًا بشأن إمكانية أن تمتد السياسات لتشمل المدارس العامة في الولايات المتحدة، وذكّر محللون بالحكم التاريخي الصادر عن المحكمة العليا عام 1982 في قضية "بلايلر ضد دو"، والذي نص على وجوب توفير التعليم المجاني للأطفال بغض النظر عن وضعهم القانوني.

لكن مؤسسات محافظة مثل مؤسسة "هيريتيج" بدأت تضغط لإعادة النظر في ذلك الحكم، داعية الولايات إلى جمع بيانات الهجرة وفرض رسوم دراسية على الأطفال غير الموثقين.

وأكدت المؤسسة في أحد تقاريرها أنه "ينبغي الطعن في حكم بلايلر أمام المحكمة العليا لإعادة النظر فيه من قبل أغلبية محافظة"، دون أن تُعلن أي ولاية حتى الآن تمرير قانون فعلي في هذا الاتجاه.

وعبّر الرئيس التنفيذي لإحدى المنظمات المجتمعية الكبرى في جنوب كاليفورنيا، التي تُدير برنامجًا موسعًا لهيد ستارت، عن قلقه من أن تتعرض منظمته لضغوط لجمع بيانات الهجرة من العائلات، مؤكدًا أن جميع الأطفال المسجّلين لديهم أرقام ضمان اجتماعي، ومعظمهم من أصول لاتينية.

وصرّح المسؤول -الذي طلب عدم كشف هويته خشية استهدافه- أن "هذه السياسات قد تدفع بعض الأسر لحرمان أبنائهم من التعليم المبكر، خشية الترحيل أو فقدان وضعهم".

تهديدات قانونية مرتقبة

أكّدت الرابطة الوطنية لمراكز الصحة المجتمعية أن القانون الفيدرالي يُلزم هذه المراكز بتقديم الرعاية لجميع السكان بغض النظر عن وضعهم القانوني، كما ينص على أن المنظمات الخيرية غير مُلزمة بطلب أو فحص أهلية الأشخاص للحصول على الخدمات.

ومن المرجح أن تتعرض القواعد الجديدة للطعن القضائي في المحاكم الفيدرالية، نظرًا لتعارضها مع مبدأ المساواة وعدم التمييز.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية