بسبب انتهاكات حقوقية.. واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس الكوبي ومسؤولين كبار

بسبب انتهاكات حقوقية.. واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس الكوبي ومسؤولين كبار
الرئيس الكوبي ميغيل دياز- كانيل في مظاهرة ضد الحصار الأمريكي

فرضت الولايات المتحدة، مساء الجمعة، عقوبات جديدة على الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل وعدد من كبار المسؤولين في حكومته، على خلفية ما وصفته واشنطن بـ"الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، ولا سيما القمع الذي أعقب احتجاجات يوليو 2021 في الجزيرة.

وأوضح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في منشور على منصة "إكس"، أن العقوبات تضمنت فرض قيود على دخول الرئيس دياز-كانيل إلى الأراضي الأمريكية، محمّلاً إياه مسؤولية مباشرة عن "وحشية النظام الكوبي تجاه الشعب"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

وشملت العقوبات الأمريكية كذلك وزير الدفاع الكوبي ألفارو لوبيز مييرا ووزير الداخلية لازارو ألبرتو ألفاريز كاساس، بالإضافة إلى مسؤولين قضائيين وسجنيين متورطين، بحسب البيان الأمريكي، في عمليات احتجاز تعسفي وتعذيب بحق مئات المتظاهرين السلميين الذين خرجوا عام 2021.

وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن هذه الإجراءات تأتي في سياق التصدي لـ"سلسلة من الانتهاكات التي مارسها النظام الكوبي بحق المدنيين"، مشيرة إلى ممارسات ممنهجة من التعذيب والاعتقال غير العادل بحق النشطاء والمعارضين، وعلى رأسهم خوسيه دانيال فيرير، أحد أبرز رموز المعارضة المعتقلين، والذي تطالب واشنطن بكشف مصيره وضمان سلامته والإفراج عنه فوراً.

رسالة سياسية واضحة

قال الوزير ماركو روبيو إن النظام الكوبي يواصل إفقار وتجويع الشعب بينما ينفق أموال الدولة على النخب الحاكمة، متهماً دياز-كانيل وحكومته بـ"الفساد وإدارة البلاد كدولة بوليسية".

وأضاف أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري في كوبا من "اضطهاد سياسي وانهيار اقتصادي مصطنع".

وتأتي هذه العقوبات في إطار تصعيد دبلوماسي واقتصادي متواصل ضد كوبا، لا سيما في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، حيث تعيش كوبا أسوأ ظروف معيشية منذ عقود، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية، وتكرار انقطاع الكهرباء، ما يدفع بالمواطنين إلى موجات غضب واحتجاجات دورية.

وفي المقابل، ندّد وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز بالعقوبات الجديدة، معتبراً إياها امتداداً لـ"السياسات العدوانية" التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي ما زالت تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين.

وكتب رودريغيز عبر منصة "إكس": "لن تخضع كوبا شعباً ولا قيادة أمام الضغوط الخارجية، فهذه الإجراءات لا تزيدنا إلا صموداً".

ويأتي هذا الرد في ظل عزلة دولية متزايدة تشعر بها كوبا، في وقت تصارع فيه أزمة اقتصادية خانقة زادتها العقوبات الأميركية والاضطرابات السياسية.

احتجاجات 2021.. لحظة مفصلية

شهدت كوبا في يوليو 2021 واحدة من أوسع موجات الاحتجاجات الشعبية منذ عقود، حيث خرج الآلاف في الشوارع احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية ونقص السلع الأساسية، في بلد يعيش منذ سنوات تحت وطأة العقوبات الأمريكية والحكم الشيوعي الصارم.

ورغم أن الاحتجاجات انطلقت بشكل سلمي، فإنها قوبلت بحملة قمع شديدة من قبل قوات الأمن، أسفرت عن مقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة العشرات، واعتقال المئات، بينهم طلاب وفنانون وصحفيون ومعارضون سياسيون.

ومنذ ذلك الحين، تصاعدت الضغوط الدولية على الحكومة الكوبية، وسط مطالب بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، لكن النظام استمر في تبني خطاب المواجهة ورفض الاتهامات الأميركية، معتبراً ما يحدث "محاولات خارجية لزعزعة الاستقرار".

تصعيد أمريكي مستمر

ترسخ العقوبات الجديدة واقعاً من الجمود في العلاقات بين واشنطن وهافانا، بعد أن كانت قد شهدت انفراجة نسبية في عهد باراك أوباما. ومنذ ذلك الحين، عادت التوترات لتطغى على المشهد، خصوصًا بعد سلسلة عقوبات أعادت كوبا إلى قائمة "الدول الراعية للإرهاب".

وتُعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أمريكية أوسع لدعم الحركات الديمقراطية وحقوق الإنسان في أميركا اللاتينية، وفق تعبير الخارجية الأميركية، بينما يراها خصوم واشنطن تدخلاً في الشؤون السيادية لدول أخرى.

ويؤكد مراقبون أن هذه العقوبات ستزيد من عزلة النظام الكوبي داخليًا ودوليًا، لكنها قد تُستخدم أيضاً من قِبل القيادة في هافانا لحشد التأييد الشعبي وشيطنة الدور الأمريكي، خصوصاً في ظل معاناة يومية يعيشها المواطن الكوبي، وغياب بدائل سياسية حقيقية داخل البلاد.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية