وسط الركام والموت.. جدة فلسطينية وأحفادها يكافحون لإيجاد نقطة مياه

وسط الركام والموت.. جدة فلسطينية وأحفادها يكافحون لإيجاد نقطة مياه
فلسطينيون وسط الدمار - أرشيف

تجوب الجدة الفلسطينية هيام مقداد البالغة من العمر 62 عامًا أزقة حي النصر المدمر في مدينة غزة، يتبعها أحفادها الصغار حفاة الأقدام وهم يحملون دلاء بلاستيكية بحثًا عن ماء نقي يروي عطشهم.. لم تعد أصوات الضحكات تعلو في الحي، بل حلّ محلها أنين الحياة اليومية في مدينة غمرها الدمار منذ عامين من الحرب المستمرة.

تؤكد مقداد لوكالة فرانس برس، أنّها تخرج كل صباح مع الأطفال في رحلة طويلة للبحث عن المياه، رحلة لا تعرف إن كانت ستنتهي بالنجاح أم بالخيبة. 

تقول بمرارة: "أحيانًا نجد ما يكفينا لأيام، وأحيانًا لا نجد شيئًا على الإطلاق".

يمشي الأطفال خلف جدتهم فوق أكوام الركام والحجارة المبعثرة، غير آبهين بالأبنية المهدّمة وقضبان الحديد الملتوية. لقد صار جلب الماء لعبتهم الوحيدة. 

تضيف الجدة: "الأطفال لم يعودوا يحلمون بالمدرسة أو الروضة.. حلمهم الآن دلو من الماء أو وجبة ساخنة من المطبخ الخيري".

منازل تحولت إلى خيام

بعد هدنة العاشر من أكتوبر التي توسّطت فيها الولايات المتحدة، عادت الجدة وأحفادها إلى حيهم في مدينة غزة ليجدوا منزلهم قد صار ركامًا.. فوق الأنقاض نصبت العائلة خيمة صغيرة، تحيط بها جدران من الصفيح تُستخدم لنشر الغسيل.

تقول مقداد والدمعة في عينيها: "قالوا هناك هدنة.. نزلت دمعة فرح لأننا عدنا، ودمعة حزن لأننا فقدنا أولادًا وأحفادًا".

أدّت العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين إلى مقتل ما لا يقلّ عن 68,519 فلسطينيًا بحسب وزارة الصحة في غزة، وهو رقم تؤكده الأمم المتحدة. وتوضح مقداد أن منزلها دمّرته جرافة إسرائيلية بالكامل: "لم أجد فيه حتى فراشًا.. جلست على أنقاضه".

أما الحي، فقد اختفى تقريبًا، ولم تبق من الأبنية سوى هياكل سوداء محترقة. في كل صباح، تبدأ العائلة يومها بالبحث عن الحطب والماء والطعام في منطقة لم تعد تعرف معنى الحياة الطبيعية.

بقاء على قيد الصمود

في خيمتها الصغيرة، تطهو الجدة بعض الشعيرية لتسدّ رمق أحفادها الجائعين. تقول بحزن: "لا أستطيع شراء خضار أو أي شيء آخر، لا يوجد مال ولا عمل".

تتحدث منظمة الصحة العالمية عن وضع إنساني مأساوي، مؤكدة أن كمية المساعدات التي تدخل إلى غزة لم تتحسن منذ بدء الهدنة، وأن معدلات الجوع لا تزال مرتفعة بشكل خطير.

بعد عامين من الحرب، دفنت غزة تحت أكثر من 61 مليون طن من الأنقاض، وفق تقديرات الأمم المتحدة، وتدمّر نحو ثلاثة أرباع مبانيها. تشكو مقداد من حجم الركام الذي يخنق الحياة في القطاع: "نريد إزالة الركام، يؤذي أطفالنا ويؤثر على نفسيتهم".

ومع حلول الليل، تفرش الجدة المراتب الرقيقة على أرضية الخيمة وتضيء شمعة صغيرة لأن الكهرباء منعدمة، وتهمس وهي تنظر إلى وجوه الأطفال النائمين: "نريد أن نعيد الحياة.. نريد أن نشعر أن هناك أملًا".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية