انتشار فيديوهات مزيفة بالذكاء الاصطناعي حول هجمات الدببة يهدد سلامة اليابانيين

بعد مقتل 13 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين

انتشار فيديوهات مزيفة بالذكاء الاصطناعي حول هجمات الدببة يهدد سلامة اليابانيين
لافتة تحذيرية لرصد دببة في هذه المنطقة

سجّل علماء الحياة البرية المتخصصين في الدببة ارتفاعًا غير مسبوق في هجمات الدببة في اليابان هذا العام، ما أدى إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة أكثر من 100، وفقًا لبيانات وزارة البيئة اليابانية، وهي زيادة تفوق الرقم القياسي السابق بأكثر من الضعف. 

وأكدت صحيفة "الغارديان"، أن هذا التصاعد يأتي في ظل موجة من مقاطع الفيديو المُولّدة بالذكاء الاصطناعي التي تُظهر أشخاصًا في مواجهات مباشرة مع الدببة، ما يُفاقم القلق ويهدد سلامة المواطنين.

حذّر مُراقبو المحتوى عبر الإنترنت مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الانخداع بهذه المقاطع، والتي ظهرت بشكل واسع على منصات مثل تيك توك.

وأوضحت الصحيفة البريطانية أن بعض الفيديوهات تبدو واقعية لدرجة أن المستخدمين واجهوا صعوبة بالتمييز بين الحقيقة والخيال، حيث تُظهر هذه المقاطع تلميذات يُقاتلن الحيوانات، أو أشخاصًا يُطعمون الدببة في الحقول، مخالفين جميع التحذيرات الرسمية.

وأظهرت الغارديان مقطعين شهيرين لدببة تدمر ألواحًا شمسية في محطة للطاقة، وآخر يحمل كلبًا أليفًا بين فكيه، بينما أظهرت مقاطع أخرى "تقريرًا إخباريًا" عن مشاهدات دببة في مناطق مأهولة، مع قيام امرأة مسنة بإطعام دب بالفاكهة في الحقل.

خطر المحتوى المزيف

أشار الباحثون إلى أن بعض الفيديوهات تُظهر أشخاصًا، من بينهم تلميذة، يقاتلون الدببة، وهو رد فعل خاطئ تمامًا عند مواجهة هذه الحيوانات، إذ يصل وزن الدببة السوداء في اليابان إلى 130 كيلوغرامًا، بينما يمكن أن تصل دببة أوسوري البنية في جزيرة هوكايدو إلى 400 كيلوغرام، مع قدرة على الجري بسرعة تفوق البشر.

 وأوضح الخبراء أن انتشار مثل هذه المقاطع قد يقوّض رسائل الحكومة الرسمية حول سلوكيات الأفراد عند مواجهة الدببة، سواء في الغابات أو في المناطق العمرانية.

وأجرت صحيفة يوميوري شيمبون بحثًا على التطبيق باستخدام كلمتي "دب" و"فيديو"، ووجدت أن حوالي 60% من أصل 100 مقطع تم فحصه كانت مزيفة، مُنتجة بواسطة مولّد الفيديو من"أوبن أيه أي"، وتحمل علامة مائية من نوع "Sora" تشير إلى أنها صُنعت باستخدام تقنية أمريكية.

ولفتت الصحيفة إلى أن بعض منشئي الفيديوهات أشاروا صراحة إلى أن مقاطعهم غير حقيقية، لكن المشاهدين غالبًا لم يتمكنوا من التمييز بين المزيف والحقيقي، مما يُفاقم المخاطر على الأمان.

حمّل الخبراء تراجع محاصيل الجوز والزان، التي تشكل الغذاء الأساسي للدببة، مسؤولية ارتفاع مشاهدات الدببة في المناطق السكنية، وأشاروا أيضًا إلى أن تراجع الحدود الطبيعية بين الغابات والمناطق الحضرية نتيجة هجرة السكان من الريف ساهم في دفع الدببة نحو البيئات البشرية بحثًا عن الغذاء.

صرح الأستاذ في جامعة طوكيو للزراعة والتكنولوجيا، شينسوكي كويكي، لصحيفة يوميوري شيمبون: "إطعام الدببة أمر بالغ الخطورة، وقد يُفقدها خوفها الطبيعي من البشر"، مشددًا على أن السلوكيات الصحيحة عند مواجهة الدببة ضرورية لحماية الأرواح.

وأوضح أن تفشي مقاطع الفيديو المزيفة في الأسابيع الأخيرة قد يزداد سوءًا، مع استغلال المستخدمين الاهتمام الإعلامي والفضول العام لنشر محتوى يجذب المشاهدات.

الأثر الاجتماعي والحقوقي

أعلن البريد الياباني تعليق عمليات الاستلام والتسليم في أجزاء من محافظة أكيتا، مع نشر أفراد من قوات الدفاع الذاتي لمساعدة الصيادين المرخصين في التعامل مع الدببة، وفقا لصحيفة "الغارديان".

وأكدت شركات الاتصالات والخدمات اللوجستية مثل NTT East وYamato أنها ستعيد النظر في بروتوكولات السلامة للمهندسين وموظفي التوصيل الذين يضطرون للعمل في المناطق المهددة، لضمان حق الأفراد في الأمن وسلامة العمل.

وذكرت صحيفة "ستريتس تايمز" السنغافورية الصادرة بالإنجليزية، أن انتشار مقاطع الفيديو المزيفة يزيد من صعوبة تنفيذ سياسات السلامة العامة ويؤثر على قدرة السلطات المحلية على إيصال التعليمات الصحيحة، مما يجعل حماية السكان وحفظ حياتهم قضية حقوقية بامتياز.

وأضافت الصحيفة أن الفيديوهات المزيفة أحيانًا تحتوي على تفاصيل واقعية، مثل ذكر مناطق شوهدت فيها الدببة فعلًا، ما يزيد من صعوبة التفريق بين الحقيقة والخيال.

التضليل الرقمي

أشارت "ستريتس تايمز" إلى أن معظم مقاطع الفيديو المزيفة ظهرت في أكتوبر وما بعده، بالتزامن مع ارتفاع معدلات مشاهدة الدببة في المناطق الحضرية.

ولفتت الصحيفة إلى أن المستخدمين ينشئون وينشرون هذه الفيديوهات لأغراض ترفيهية، لكن النتائج قد تكون كارثية على السلامة العامة، خاصة مع وجود ضعف في إدراك الجمهور لطبيعة المحتوى الرقمي المزيف.

وأوضح البروفيسور شينسوكي كويكي أن استخدام مصادر متعددة للتأكد من صحة المعلومات أصبح ضرورة لحماية الأفراد من الانخداع بمحتوى مضلل، مشيرًا إلى أن تمييز الفيديو الحقيقي عن المزيف أمر حيوي لتجنب الحوادث.

كما حذّر من إطعام الدببة أو محاولة مواجهتها بشكل مباشر، مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال تعرض الأفراد للخطر وتخرق حقوقهم الأساسية في الأمان.

المخاطر البيئية

سجّل خبراء البيئة والحياة البرية ارتفاعًا في عدد مشاهدات الدببة في اليابان إلى 20700 حالة بين أبريل وسبتمبر، بزيادة نحو 7 آلاف مقارنة بالفترة نفسها في 2024، وفق الغارديان.

وأكدت الصحيفة أن هذه الأرقام تعكس اضطراب الحياة اليومية للسكان في شمال اليابان، حيث أصبحت المواجهات مع الدببة جزءًا من الواقع اليومي.

ودعت السلطات المحلية وسائل الإعلام والمنصات الرقمية إلى نشر تعليمات دقيقة حول كيفية التعامل مع الدببة، وحذرت من الانسياق وراء مقاطع الفيديو المزيفة، ما يعكس البعد الحقوقي للموضوع، إذ يتصل بحق المواطنين في المعلومات الدقيقة والحق في السلامة.

 وأوضح الخبراء أن الدمج بين حماية البيئة، والسيطرة على الحيوانات البرية، والتوعية الرقمية، يمثل ركيزة أساسية لضمان حقوق الإنسان في الأمان والعيش الكريم.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية