تصدعات ما بعد الحرب.. جنود إسرائيليون يروون كلفة الصدمة النفسية في غزة

كشف تحقيق جديد عن الوجه الخفي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث اعترف 6 جنود احتياط إسرائيليين بمعاناتهم من اضطرابات نفسية حادة عقب مشاركتهم في العمليات العسكرية، في شهادات نشرتها صحيفة «هآرتس» العبرية، الأربعاء. 

وأبرز التحقيق أن مشاهد القتل والدمار الممتدة على مدار عامين تركت آثاراً نفسية عميقة وصلت لدى بعضهم إلى التفكير في الانتحار، في وقت يتصاعد فيه عدد حالات الانتحار داخل الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر 2023.

روى الجنود للصحيفة تفاصيل عن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الحاد، مشيرين إلى نوبات هلع، وانفصال نفسي، وأرق دائم، وعجز عن العودة إلى الحياة الطبيعية. 

وأوضح الجندي تومر باداني (48 عاماً)، الذي خدم في وحدة تحديد هوية القتلى، أن ما شاهده تجاوز أي تصور إنساني، قائلاً إن الجثث لم تكن كما تُعرض في الأفلام، بل أجزاء ممزقة، ولحوم وعظام عالقة بهياكل الدبابات، في مشاهد قال إنها ما زالت تطارده حتى اليوم. 

وأكد باداني، على أنه بعد حادثة مقتل 21 جندياً، دخل في صمت تام لثلاثة أيام، قبل أن تتدهور حالته النفسية إلى حد التفكير في إحراق نفسه.

انفصال عن الواقع

وصف المسعف الاحتياطي ناڤيه أمسالم (31 عاماً) حالة خوف مزمنة تلازمه في حياته اليومية، موضحاً أن أي صوت أو مشهد قد يفجّر داخله نوبة عنف أو انفصال نفسي. 

وأشار إلى أنه فقد الوعي في إحدى المرات بعد رؤية شخص عربي ينزف، مؤكداً أن الخوف بات يقيّد حركته رغم تأكيده أنه لا يحمل كراهية عنصرية.

سردت الجندية ليئام حايكا (21 عاماً) كيف فقدت القدرة على النوم بعد مشاركتها في إجلاء الجرحى شمال غزة، مؤكدة أنها عانت من كوابيس متكررة ومشاهد ذهنية عنيفة.

نوبات غضب حادة

أقرّ جنود آخرون، بينهم أساف عازر وهنري بن شبات، بنوبات غضب حادة ورغبة في الانتحار، وسط تجاهل رسمي لطلبات الدعم النفسي.

ويأتي هذا التحقيق في وقت تؤكد فيه بيانات رسمية ارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين الذين انتحروا منذ بدء الحرب إلى 61 حالة، ما يعكس كلفة نفسية متصاعدة للحرب، في مقابل الدمار الإنساني الهائل الذي خلّفته في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء 70 ألفاً، وفق إحصاءات فلسطينية وأممية.