وسط تدهور صحي متزايد.. اليمن ثالث أعلى بلد في وفيات الكوليرا عالمياً

وسط تدهور صحي متزايد.. اليمن ثالث أعلى بلد في وفيات الكوليرا عالمياً
إصابات بالكوليرا في اليمن - أرشيف

أعلنت منظمة الصحة العالمية، عن تسجيل 237 وفاة وأكثر من 87 ألف إصابة بمرض الكوليرا في اليمن منذ مطلع العام الجاري، في مؤشر جديد على تدهور الوضع الصحي في بلد أنهكته الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.

وأكدت المنظمة في بيان لها، الأربعاء، أنّ هذا الارتفاع الحاد يأتي في ظلّ “الانهيار الواسع” لمنظومة الرعاية الصحية، وتراجع قدرة المستشفيات والمراكز الطبية على مواجهة التفشّي المتسارع للمرض، وسط نقص حاد في المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، ما يجعل ملايين اليمنيين عرضة للإصابة بالعدوى.

وأوضحت المنظمة الأممية في تقريرها المنشور أمس أنّ اليمن سجّل منذ بداية العام وحتى نهاية أكتوبر الماضي، 87 ألفًا و566 إصابة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد، بالإضافة إلى 237 وفاة مرتبطة بالمرض، مشيرةً إلى أنّ البلاد تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في معدلات الوفيات الناجمة عن الكوليرا بعد جنوب السودان وأفغانستان.

وأشارت المنظمة إلى أنّ اليمن يعيش “واحدة من أسوأ الأزمات الصحية عالميًا”، إذ يتزامن تفشي الكوليرا مع انتشار سوء التغذية الحاد خاصة بين الأطفال، وتراجع تمويل برامج الإغاثة، وتوقف عدد من المرافق الصحية عن العمل بسبب نقص الأدوية والمحاليل الوريدية ومستلزمات التعقيم.

انهيار البنية الصحية

انهارت منظومة الصحة اليمنية خلال السنوات الماضية نتيجة الحرب، حيث تضررت عشرات المستشفيات والمراكز الطبية، بينما خرج بعضها عن الخدمة بشكل كامل.

وتعاني المناطق الريفية على وجه الخصوص من غياب شبه تام للخدمات الصحية الأساسية، ما يجعل الوصول إلى العلاج شبه مستحيل بالنسبة لكثير من السكان.

وفاقم انتشار الكوليرا الوضع الإنساني، إذ يعتمد ملايين اليمنيين على مصادر مياه غير مأمونة للشرب بسبب انهيار شبكات المياه والصرف الصحي، ما يجعل انتقال عدوى الكوليرا أسرع وأكثر انتشارًا خاصة في مخيمات النزوح التي تستقبل آلاف الأسر الفارّة من القتال.

تفاقم انتشار المرض

يتسبب سوء التغذية -وفق الخبراء- في إضعاف الجهاز المناعي لدى الأطفال، وهو ما يجعلهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالكوليرا.

ويؤدي غياب الرقابة الصحية وضعف حملات التطعيم والتوعية إلى زيادة انتشار البكتيريا المسببة للمرض، في وقت تتراجع فيه قدرة المنظمات الدولية على التدخل بسبب نقص التمويل.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ 40% من المراكز الصحية في اليمن تعمل بطاقة أقل من 50%، بينما يفتقر أكثر من 15 مليون شخص إلى مياه شرب آمنة، وهو ما يشكل بيئة مثالية لتفشي الأمراض المنقولة عبر المياه.

أرقام من العام الماضي

كشفت المنظمة أنّ عام 2024 وحده شهد 260 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن، أدت إلى 879 حالة وفاة، بحسب تقرير صدر أواخر كانون الثاني يناير الماضي.

وتعكس هذه الأرقام حجم الكارثة الصحية التي تضرب البلاد عامًا بعد عام، في ظل عدم وجود أفق لحل سياسي ينهي الحرب ويعيد تأهيل الخدمات الصحية الأساسية، ما يجعل اليمنيين يعيشون تحت تهديد دائم للأمراض الوبائية.

وتحاول المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية مواجهة التفشي ببرامج طارئة تشمل توزيع محاليل الإماهة الفموية، وتوفير المضادات الحيوية، وتقديم حملات توعية للمجتمعات الأكثر تضررًا.

وتواجه هذه الجهود عقبات خطيرة أبرزها سوء الطرق نتيجة الحرب، وتعذر الوصول إلى بعض المناطق بسبب الاشتباكات، بالإضافة إلى تراجع التمويل الدولي لبرامج الصحة والمياه خلال العامين الأخيرين.

ويحذّر العاملون في المجال الإنساني من أنّ سرعة انتشار المرض قد تتضاعف خلال الأشهر المقبلة إذا لم يتم تعزيز الاستجابة الدولية، وإعادة تمويل برامج المياه والصرف الصحي بشكل عاجل.

خطر يتوسع بلا توقف

يشير الخبراء إلى أنّ الكوليرا في اليمن لم تعد مجرد موجة موسمية، بل أصبحت “ظاهرة مستمرة” نتيجة الظروف المعيشية والصحية الصعبة.

ويرى مختصّون أنّ الأزمة الصحية لن تتوقف دون حلول سياسية شاملة تعيد تشغيل مؤسسات الدولة وتسمح بإعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية.

ويواجه اليمنيون اليوم خطرًا مضاعفًا، حيث تتداخل الأمراض والأوبئة مع الجوع والنزوح والفقر، ليصبح الوضع الإنساني في البلاد من بين الأسوأ في العالم.

وتعكس أرقام الكوليرا في اليمن مستوى الانهيار الذي وصلت إليه البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب، حيث تفشت الأمراض على نطاق واسع بسبب غياب البنية الصحية وانعدام الخدمات الأساسية.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ منع المزيد من الوفيات يتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا، وزيادة التمويل، وتعزيز أنظمة المياه والصرف الصحي، إلى جانب إنهاء النزاع الذي يقوّض كل جهود الاستجابة الصحية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية