معركة ضد الوباء والفقر.. تعز تواجه تفشي الكوليرا وسط تدهور البنية الصحية
معركة ضد الوباء والفقر.. تعز تواجه تفشي الكوليرا وسط تدهور البنية الصحية
تفشى وباء الكوليرا مجدداً في مدينة تعز وسط اليمن، ليضاعف من معاناة السكان الذين يعيشون ظروفاً قاسية بسبب تكدس النفايات في الشوارع، وانتشار الروائح الكريهة، وتكاثر البعوض الذي يُعد من أبرز نواقل العدوى.
ومع تدهور البنية التحتية وغياب الخدمات الأساسية، يتفاقم الوضع الصحي والبيئي في المدينة بشكل يثير القلق بين الأهالي والجهات الطبية.
أكد رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الجمهوري، أن تفشي الكوليرا مستمر منذ نحو ستة أشهر، في ظل ازدياد الحالات بشكل ملحوظ نتيجة ضعف الوعي الصحي وغياب إجراءات الوقاية.
وأوضح أن أغلب المرضى يصلون إلى المستشفى وهم في حالة جفاف حاد، ما يتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً لإنقاذ حياتهم.
جهود لاحتواء الوباء
أشار الطبيب إلى أن الجهود المبذولة لاحتواء الوباء تواجه عراقيل كبيرة، أبرزها تراكم القمامة في الأحياء السكنية، ورداءة شبكات الصرف الصحي، وانعدام المياه النظيفة، ما يجعل البيئة حاضنة مثالية للبكتيريا المسببة للكوليرا.
وأضاف أن المستشفى سجل -حتى الآن- سبع حالات وفاة، إلى جانب حالات جفاف حاد وإجهاض، وبعض الحالات التي تطلبت جلسات غسيل كلى بسبب تدهور الحالة الصحية للمصابين.
وأفاد رئيس قسم الإسعاف في مستشفى السويدي بأن الكوليرا تنتقل أساساً عبر تناول الأغذية والمياه الملوثة، موضحاً أن تكدس النفايات في الشوارع أسهم في تفاقم العدوى البكتيرية، لا سيما بين الأطفال، الذين أصيب كثير منهم بإسهال شديد وجفاف يهدد حياتهم.
وشدد أحد الأطباء العاملين في المدينة على أن مستويات تفشي الكوليرا بلغت مرحلة مقلقة، محذراً من أن غياب النظافة العامة يسهم في انتشار المرض بوتيرة متسارعة.
ودعا السكان إلى غسل الأطعمة جيداً والحرص على غلي المياه قبل استخدامها، كإجراء وقائي بسيط يمكن أن يحد من انتشار العدوى.
أرقام مقلقة ومؤشرات
ووفقاً للمصادر الطبية المحلية، سجلت مدينة تعز منذ مطلع العام الجاري أكثر من 6,500 حالة إصابة بالكوليرا، بينها 11 حالة وفاة.
أما على مستوى اليمن ككل، فقد بلغ عدد الإصابات أكثر من 72 ألف حالة، بينها نحو 200 وفاة، في إحصاءات تكشف حجم الأزمة الصحية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات الحرب.
تُعد أزمة الكوليرا في اليمن واحدة من أخطر الأزمات الوبائية في العالم خلال العقد الأخير، إذ تفشى المرض لأول مرة على نطاق واسع عام 2017، وتسبب حينها في مئات الآلاف من الإصابات وآلاف الوفيات.
ويُرجع خبراء الصحة تفاقم المرض إلى تدهور البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وتراجع الخدمات الطبية نتيجة الحرب المستمرة منذ نحو عقد من الزمن، ما جعل البلاد عرضة لتفشيات متكررة للأوبئة والأمراض المعدية.
معركة ضد الوباء والفقر
يُحذر مراقبون من أن استمرار غياب الحلول الجذرية وتراجع الدعم الإنساني قد يؤدي إلى انفجار صحي واسع النطاق، خصوصاً مع اقتراب موسم الأمطار الذي يُضاعف من احتمالية انتشار العدوى.
وفي ظل هذه الظروف، تبقى مدينة تعز، التي كانت يوماً مركزاً حضارياً وثقافياً في اليمن، تواجه معركة جديدة من نوع آخر.. معركة ضد الوباء والفقر والإهمال.