حرب ضد اللجان

حرب ضد اللجان
سعيد حمد الشقصي - رئيس التحرير

في مقالنا السابق في هذه المساحة أشرنا إلى حالة التراشق المفتعلة على مواقع التواصل الاجتماعي بين حسابات تزعم أنها تتبنى مواقف دولها، ولكنها في ذات الوقت تتجاوز الأمر إلى النيل والهجوم على الدول والحكومات الأخرى. والكثير من الحسابات يصطنع القصص والروايات الكاذبة عن خلافات غير حقيقية بين دول المنطقة وبين بعضها البعض.

بعد أيام قليلة، فعلت منصة “إكس” (تويتر سابقًا) رسميًا خاصية الكشف عن بلد الحساب (Country Label)، وهو أمر لم يأتِ بجديد عمّا أشرنا إليه، بل جاء مؤكدًا لما ذكرنا: إذ إن أطرافًا ثالثة تسعى إلى ضرب العلاقات القوية بين الدول وإثارة الفتن على مواقع التواصل الاجتماعي، بخلاف ما يحدث على أرض الواقع من تعمّق وزيادة في العلاقات بين الدول والحكومات والمؤسسات الرسمية.

فحسابات تنطلق تهاجم دولة مستغلة خلافًا مع دولة أخرى، في حين أنها في الحقيقة تنطلق من دولة ثالثة تنفذ أجندات معينة واضحة تتركّز في هدف واحد لا غير: "لا علاقات قوية بين أحد". وليس في منطقتنا فحسب، بل ظهر التأثير العالمي لهذا الأمر في أكثر من بلد، حتى في الولايات المتحدة نفسها، ويتعلق بالعديد من الحسابات البارزة المؤيدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

لكن منطقتنا، ولخصوصية الوضع فيها، كانت ربما الأكثر تضررًا من تلك اللجان، خصوصاً مع انسياق البعض وراء ما تروّجه دون إعادة النظر وردّه إلى المنطق قبل إعادة نشره أو الاقتناع به والترويج له بدون قصد.

لجأت بعض الحسابات واللجان إلى تعطيل نشاطها خلال الأيام الماضية تجنبًا لكشف الدول التي تنشط منها؛ إذ يترتب على ذلك كشف الأجندة التي تنطلق من خلالها. ولكن من المؤكد أنها ستعاود النشاط مرة أخرى، وقد تعتمد على ثغرة من الثغرات أو تلجأ إلى تقنيات تجنبها الكشف.

لكن الدرس المستفاد من كل ما حدث أنه لا مصلحة لأحد في المنطقة من تأزم العلاقات بين الدول، وأن التفكير يجب أن يكون دومًا فيمَن هو صاحب المصلحة مما يحدث من تلاسن وتراشق على مواقع التواصل.

وهنا أيضًا نشير إلى الدور المهم لوسائل إعلامنا في مواجهة هذه الحملات المنظمة، ومسؤوليتها في تدقيق المعلومات، وتفنيد الشائعات، وقطع الطريق على محاولات التضليل التي تستغل غياب الوعي أو سرعة الانتشار.

أما المستخدم العادي فأيضًا عليه دور؛ فعدم الانسياق وراء تلك الأكاذيب، والحكمة في التعامل مع المحتوى، وعدم الانجرار خلف الخطابات التحريضية، كلها عوامل أساسية. فالرهان الآن على وعي المستخدمين قبل أي شيء، فلن تنعدم الوسائل لدى تلك الأطراف في نشر الأكاذيب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية