قمع ممنهج.. تحذير من استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران

قمع ممنهج.. تحذير من استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران
وقفة نسوية داعمة لحقوق المرأة - أرشيف

حذرت منظمات حقوقية، من تصاعدٍ غير مسبوق في استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة في إيران، بعدما كشف تقرير دولي جديد عن تحوّل النساء إلى هدفٍ مباشر لآليات القمع في عدد متزايد من الدول، وعلى رأسها إيران، في مشهدٍ يعكس تراجعاً حاداً في منظومة الحريات الأساسية عالمياً، ويضع مستقبل العمل الحقوقي أمام مخاطر وجودية.

وأوضحت منظمة المجتمع المدني الدولية CIVICUS، في تقريرها السنوي لعام 2025، المنشور على موقعها الرسمي، اليوم الثلاثاء، أن المساحة المدنية تشهد انهياراً متسارعاً، حيث لا يتمتع سوى 7% فقط من سكان العالم اليوم بالحريات المدنية الأساسية، مقارنة بـ13% عام 2020.

واعتبرت أن هذا التراجع لم يعد مجرد نكسة مؤقتة، بل انهيار واضح لنظام قانوني دولي فشل في حماية حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، بل تواطأ –في حالات عدة– مع أدوات القمع.

قمع لا حوادث معزولة

تكشف بيانات التقرير أن عدد الدول التي تفرض قيوداً صارمة وممنهجة على الحريات ارتفع من 67 إلى 83 دولة خلال سنوات قليلة، في مؤشرٍ خطِر على تسارع النزعة الاستبدادية عالمياً، حيث باتت المدافعات عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة في قلب الاستهداف، عبر الاعتقال التعسفي، وحملات التشويه الإعلامي، والتهديدات المباشرة، وصولاً إلى التصفية الجسدية وتكميم الأفواه.

وتؤكِّد معدة التقرير، رايلين دي لا باز، أن هذه الانتهاكات ليست أخطاء فردية أو تجاوزات عابرة، بل جزء من سياسات قمع مصاغة بعناية تهدف إلى إسكات النساء باعتبارهن قوة تغيير اجتماعي وسياسي.

وأشارت دي لا باز، إلى أن النساء والفتيات يقفن اليوم في الصفوف الأمامية للنضال من أجل السلام والديمقراطية والعدالة، في وقتٍ يمهّد فيه صمت المجتمع الدولي الطريق لتكرار أنماط القمع ذاتها.

نساء في مرمى القمع

يسلِّط التقرير الضوء بشكل خاص على إيران، حيث بلغ القمع الممنهج ضد المدافعات عن حقوق الإنسان، ولا سيما النساء، مستويات غير مسبوقة، عقب الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، موضحاً أن الاعتقالات المتكررة، وأحكام السجن المشددة، وقرارات الإعدام بحق ناشطات، ليست سوى أدوات لـ”إرهاب الدولة” وإخماد أي صوت معارض.

ويُشير التقرير إلى أن إصدار أحكام الإعدام بحق الناشطات بخشان عزيزي ووريشه مرادي، والحكم بالسجن المؤبد على شريفة محمدي، إضافة إلى توقيف الحائزة جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي، يعكس خوف النظام من أصوات النساء اللواتي يواجهن القمع السياسي والتمييز الجنسي في آنٍ واحد، مؤكداً أن مقاومة النساء، ولا سيما الكرديات، باتت رمزاً لحركة عالمية ضد الاستبداد.

ويربط التقرير بين ما يجري في إيران ونماذج قمعية أخرى، أبرزها أفغانستان، حيث أسست حركة طالبان نظاماً شاملاً للفصل العنصري بين الجنسين، حُرمت فيه النساء بشكل منهجي من التعليم والعمل والحياة العامة، ما أدى إلى عزلٍ قسري وإسكاتٍ كامل لأصواتهن.

تشويه الخطاب النسوي

حذر التقرير من أن شبكات معادية لحقوق المرأة، مدعومة بسياسيين شعبويين وحركات دينية أصولية، تعمل بشكل منظم على تشويه الخطاب النسوي، عبر تسويغه بمفاهيم مثل “القيم التقليدية” و”الأمن القومي” و”حماية الأسرة”، مستخدمةً حملات تضليل ممنهجة لتأليب الرأي العام ضد الناشطات.

كما حذر من أن هذا القمع الواسع لا يهدد الحقوق الفردية للنساء فحسب، بل يشكل اختباراً حقيقياً للنظام الدولي بأسره، في ظل غياب الإرادة السياسية، وصمت كثير من المؤسسات الحقوقية، ما يجعل من الدفاع عن المدافعات عن حقوق الإنسان قضية إنسانية وأخلاقية عاجلة، تتطلب تحركاً دولياً جاداً قبل أن تتحول أصوات النساء إلى ضحية جديدة في سجل طويل من الإخفاقات الإنسانية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية